شعر في الغربة
شعر في الغربة
الغربة أقسى شعور يمر به الإنسان، فيكون بعيداً عن أهله ومعارفه وأصحابه، بعيداً عن أرضه ووطنه، لكنها ظروف تجبر الشخص على فعل ما لا يريد، وقد وصف العديد من الشعراء مشاعرهم أثناء غربتهم، وفيما يلي أشهر القصائد التي قيلت في ذلك:
قصيدة: جئت من شوقي أعاني
يقول الشاعر صاحب الأبيات:
جئت من شوقي أعاني
- في الهوى جور الزمان
أرسل الأشعار لحناً
- صادقاً عذباً وحان
فجأة من بعد عمري
- لن أرى أغلى مكان
وانكوى مني فؤادي
- كاليتيم إذا يعاني
يا ربوعاً لن أراها
- عشت يوماً في رباها
كانت النفس تغني
- وترى فيها صباها
ورياضاً كم رتعنا
- وانطلقنا في سماها
سوف تبقى في خيالي
- كالجنان في بهاها
إن رحلت الآن قلبي
- سوف أهديك وحبي
ودموعي سوف تروي
- قصة الشوق بدربي
وعلى الذكرى سأبقى
- أقسم الآن بربي
لست أنساك فحبي
- بين أضلاعي يلبي
موطني يا عزّ ذاتي
- يا ربيع الأمنياتِ
أنت لو تهت ملاذي
- عندما تقسوا حياتي
أنت في القلب شراع
- كان لي طوق النجاة
سيظل العشق فيك
- ولهي حتى المماتي
قصيدة: أيها الراكب الميمم أرضي
يقول عبد الرحمن الداخل:
أيها الراكب الميمِّم أرضي
- أقرِ من بعضيَ السَّلامَ لبعضِي
إنَّ جسمي كما علمتَ بأرضٍ
- وفؤادي ومالكيهِ بأرضِ
قُدِّر البينِ بيننا فافترقنا
- وطوى البينُ عن جفونيَ غمضي
قد قضَى الله بالفراقِ علينا
- فعسى باجتماعنا سوفَ يقضِي
قصيدة: شاعر ووطنه في الغربة
يقول الشاعر عبدالله البردوني:
كان صبحَ الخميس أو ظهرَ جمعَة
- أذهَلني عنِّي عن الوقتِ لوعَة
دهشةُ الراحلِ الذي لم يجرِّب
- طعمَ خوفِ النَّوى ولا شوقَ رجعة
حين ناءت إلى الصُّعود فتاة
- مثلُ أختي بنيَّة الصوت، ربعَهْ
منذ صارت مضيفةً لقَّبوها "سورنا"
- واسمها الطفوليِّ "شلعة"
إنَّ عصريَّة الأسامي علينا
- جلدُ فيلٍ على قوامِ ابن سَبعة
هل يطرِّي لونُ العناوين سفرًا
- ميّتًا زوَّقته آخرُ طبعهْ
حانَ أن يُقلعَ الجناحان، طرنا
- حفنةً من حصى على صدرِ قلعة
مقعدي كان وشوشاتِ بلادي
- وجهُ أرضي في أدمعِي ألف شمعة
قصيدة: خطوات في الغربة
يقول الشاعر بلند الحيدري:
هذا أنا
ملقى هناك حقيبتانْ
وخطى تجوسُ على رصيفٍ لا يعودُ إلى مكانْ
من ألفِ ميناءٍ أتيتْ
ولألفِ ميناءٍ أصارْ
وبناظري ألفُ انتظارْ
لا ما انتهيتْ لا ما انتهيتَ
فلم تزلْ حبلى كرومكَ
يا طريقُ ولم تزلْ عطشَى الدنانْ
أنا أخافْ أخافُ أنْ تصحو لياليَّ الصموتات الحزانْ
فإذا الحياةُ كما تقولُ لنا الحياةُ:
يدٌ تلوِّح في رصيفٍ لا يعودُ إلى مكانْ
لا ما انتهيتْ
فوراء كلِّ ليالي هذِي الأرضِ لي حبٌّ وبيتْ
ويظلُّ لي حبٌّ وبيتْ
وبرغمِ كلِّ سكونِها القلقِ الممضِّ
وبرغمِ ما في الجراحِ من حقدٍ وبغضِ
سيظلُّ لي حبٌّ وبيتْ
وقد يعودُ بي الزمانْ
لو عاد بِي لو ضمَّ صحو سمائي الزرقاءِ
هدبِي أترى سيخفقُ لي بذلك البيتِ
قلبُ أترى سيذكرُ ابنُ ذاك الأمسِ
حبُّ أترى ستبسمُ مقلتانْ أم تسخران وتسألان
أو ما انتهيتْ ماذا تريدُ ولمْ أتيتْ
إنِّي أرى في ناظريك حكايةً عن ألف مَيتْ
وستصرخانْ: لا تقبروهُ ففي يديهِ غدًا سينتحرُ الصباحُ
فلا طريقَ ولا سنى
لا اطردوهُ فما بخطوتِه لنا غيمٌ
لتخضرَّ المنى
وستعبرانْ
هذا أنا ملقى هناكَ حقيبتانْ
وإذا الحياةُ كما تقولُ لنا الحياة:
يدٌ تلوح في رصيفٍ لا يعودُ إلى مكانْ