شعر عن اللقاء بعد الفراق
شعر عن اللقاء بعد الفراق
من أجمل ما قيل من شعر في اللقاء بعد الفراق ما يأتي:
اللقاء
يقول الطبيب والشاعر نور الوائلي:
غيابك في الفؤاد له احتشاء
- وطيفك في الخيال له انتماء
عشقتك، هل إلى العشّاق صبر
- وهل يجلى بلقياك الشّقاء
عشقتك في القرار كعشق صبّ
- وعيني لم يكحّلها الضّياء
فشوقي كالخسوف بليل دهري
- وليلي من صباً ندراً يضاء
يقلّبني من الأشواق ضرّ
- لرؤيا من لها يرجى اللّقاء
فصبري للّقاء دبيب نمل
- وشوقي كالجياد لها الفناء
فلا بالصّبر تنفلق اللّيالي
- ولا بالوصل يكتمل الرّضاء
فقربك قد أذاق النّفس حسًّا
- له للرّوح دفء واحتماء
فخوفي بعدما ملئت عيوني
- رحيلاً زاده بالهجر داء
أحاور من لها في الرّوح كون
- فيكرمني مع الرّدّ الحفاء
فيا ليت اللّقاء يشدّ صبري
- ويمحو من همومي ما يشاء
لبعدك يرتوي في النّفس جرح
- فيشفيه إذا شفي الفناء
فجرحي نازف فيه صليل
- تسامى من مجاريه الدّواء
وباتت من قذى ألمي عظامي
- كأغصان يجرّدها الشّتاء
فوصلك والرحيل عمى عيوني
- من الأشواق، أدماها البكاء
كياني في الفراق ضئيل قشّ
- علاه العصف ليلاً والهواء
عروقي من أساي تجفّ غمًّا
- فترويها بلقياك الدّماء
فيا ليل الأسى قد دمت خلداً
- فهل يجليك من عمري الضّياء
لوصفك إن وصفت له انتهاء
- ووصفك بالكمال هو ابتداء
سوادك في الرّؤى نور وقدس
- وروضك للسّماء له السّماء
ويكسوها السّواد.. كأنّ بدراً
- له في اللّيل وهج يستضاء
جمال في المقام له مهاب
- وأركان يزيّنها الغطاء
بها الدّنيا غدت للكون قلباً
- على نبضاته دام البقاء
بها الآفاق أكوان تجلّت
- بها الأجواء مصباح يضاء
بها النّسمات أفواه تنادي
- له التّهليل دوماً والثّناء
لها ربّ يتوّجها بنور
- هو النّور الإلهيّ المضاء
لها ضوء علا الأضواء وهجاً
- بألوان، فيتبعه الفضاء
رحلت مهاجراً أهلي ومالي
- للقياها فقد طفح الإناء
سعيت منادياً والقلب طير
- يرفرف نحوها والعين ماء
تسابق من عظيم الشّوق قلبي
- مع السّاقين، يسعفها السّخاء
فنادى القلب: يا قدميّ سيرا
- فأسلمها إلى الرّكض الوفاء
قربت ومن فناها عند ليل
- كأنّ الأفق فجر وارتقاء
أعانقها كأضلاعي لقلبي
- وأحضنها فيغمرني البهاء
عجبت لطلعة فاقت خيالاً
- يؤجّجها بأضواء سناء
جلست أمامها والعين ملأى
- بآيات يزخرفها النّقاء
سجدت أمامها لله ربًّا
- فرؤيتها لهيبتها نماء
يلازمني الأمان كأنّ روحي
- يدثّرها بأعصار بناء
دخلت منادياً الله أكبر
- فسارع من مناداتي الولاء
ستير ماجد ربّ رحيم
- عظيم غافر أحد، رجاء
دخلت مؤمّلاً كرماً وفوزاً
- ومرضاةً بها يعلو الرّضاء
فذنبي ذلّني، والذّنب ذلّ
- فمنه ظاهر، منه الخفاء
فكيف بحيلتي والنّفس ثقلي
- بمعصية بها يكبو الدّعاء
دخلتك طالباً ربّي ملاذاً
- فأخجلني من الطّلب الحياء
دخلتك حاملاً في النّفس وزراً
- علا الأكوان ضيق واستياء
قدمتك حافياً، ندمي عظيم
- لوجهك قادني ربّي ابتغاء
قدمتك شاكياً لله أمري
- فقد أضحى مع الذّنب البلاء
دخلتك حائراً: هل من شفيع
- فيأتيني من الله النّداء
أتسأل شافعاً وأنا قريب
- أجيب لدعوة فيها الرّجاء
تراني هل أعيش ويأتي يوم
- فيجمعني مع البيت اللّقاء
سلام للمقام ومن بناه
- سلام صادق فيه الوفاء
رأيتك حين يفيق القمر
يقول الشاعر:
رأيتك حين يفيق القمر
وحين تحاكي العيون السهر
وحين الرؤى تسافر خوفًا
وحين تناجي النجوم السحر
رأيتك حلماً وصحواً ووجداً
وليلاً وصبحاً وبحراً جميلاً
يردد أصداء لحن السفر
رأيتك طفلاً صغيراً يبكي
ويضحك عند نزول المطر
وعقلاً كبيرا يفوق خيالي
يا لهيب النار يا جمر الغضى
يقول الشاعر:
يا لهيب النار يا جمر الغضى
الفؤاد في اشتياق في لظى
بالسهاد في الليالي ساهر
في دروب العاشقين قد مضى
والنجوم غائبات والقمر
والعيون وامقات للفضا
تائه يبكي ويسري في الضنى
الزمان من زمان قد قضى
بالبعاد والرحيل في الدنا
بابتعادي عن حبيبي قد رضا
لا تظني لحظةً أنساك إني
في هواك والفؤاد ذا يدقّ
كلّ وجداني يناجيك غراماً
خفقة في خفقة حتى ترقّ
إنّني أذوي اشتياقا في البعاد
يا حياتي إنّ قتلي لا يحقّ
قد رأيت الطير في الأعشاش غنى
في وصال دائم زقا يزقّ
قد حرمتيني سقيّا الحبّ ماءً
من يديك واللظى حقاً يشقّ
يا لهيب النار يا أحلى هوى
الظلام في حياتي قد نوى
قد أتاني النورمنك ساطعاً
واشتعالاً في فؤادي والجوى
هل ترى العشاق مثلي سكرةً
كلّما ألقاك سكرا ما روى
أم تراني قد سكرت عاشقاً
غير لقياك ترى هل من دوى
في وجودي في كياني لم يزل
طيف حبّ للجمال قد حوى
السرور في لقاك والهنا
يا أماني العمر يا أحلى المنى
كلّ أحزاني تذوب لحظةً
لا دموع لا بكاء لا ضنى
والوجود بالأغاني صادحاً
والطيور زقزقت حبّاً لنا
والزهور والورود رقصت
والنسيم فاح عطراً حولنا
وإلتقينا واندمجنا برهة
قد غدونا واحداً انتي أنا
لقاء وفراق
يقول إيليا أبو ماضي :
صَبراً عَلى هَجرِها إِن كانَ يُرضيها
- غَيرُ المَليحَةِ مَملولٌ تَجَنّيها
فَالوَصلُ أَجمَلُهُ ما كانَ بَعدَ نَوىً
- وَالشَمسُ بَعدَ الدُجى أَشهى لِرائيها
أَسلَمتُ لِلسُهدِ طَرفي وَالضَنى بَدَني
- إِنَّ الصَبابَةَ لا يُرجى تَلافيها
إِنَّ النِساءَ إِذا أَمرَضنَ نَفسَ فَتىً
- فَلَيسَ غَيرُ تَدانيهِنَّ يَشفَيها
فَاِحذَر مِنَ الحُبِّ إِنَّ الريحَ ما خَفِيَت
- لَولا غَرامٌ عَظيمٌ مُختَفٍ فيها
يَمضي الصَفاءُ وَيَبقى بَعدَهُ أَثَرٌ
- في النَفسِ يُؤلِمُها طَوراً وَيُشجيها
مَرَّت لَيالٍ بِنا ما كانَ أَجمَلُها
- تَمَّت فَما شانَها إِلّا تَلاشيها
تِلكَ اللَيالي لا أَرجو تَذَكُّرُها
- خَوفَ العَناءِ وَلا أَخشى تَناسيها
أَصبو إِلَيها كُلَّما ذُكِرَت
- عِندي اِشتِياقاً إِلى مِصرَ وَأَهليها
أَرضٌ سَماءٌ سِواها دونَها شَرَفاً
- فَلا سَماءٌ وَلا أَرضٌ تُحاكيها
رَقَّت حَواشيها وَاِخضَرَّ جانِبُها
- وَأَجمَلُ الأَرضِ ما رَقَّت حَواشيها
كَأَنّ أَهرامُها الأَطوادُ باذِخَةً
- هَذي إِلى جَنبِها الأُخرى تُساميها
وَنَيلَها العَذبُ ما أَحلى مَناظِرَهُ
- وَالشَمسُ تَكسوهُ تِبراً في تَواريها
كَأَنَّها كَعبَةٌ حَجَّ الأَنامُ لَها
- لَولا اِلتَقى قُلتُ فيها جُلَّ بانيها
وَما أُحَيلى الجَواري الماخِراتِ بِهِ
- تَقُلُّ مِن أَرضِهِ أَحلى جَوارِبُها
ضَحوكَةِ الوَجهِ يُغرينا تَبَسُّمُها
- إِن نَجتَديها وَيَثنينا تَثَنّيها
وَناهِدٍ حَجَبَت عَن كُلِّ ذي بَصَرٍ
- حَشاشَتي خِدرُها وَالقَلبُ ناديها
في كُلِّ جارِحَةٍ مِنّي لَها أَثَرٌ
- وَالدارُ صاحِبُها أَدرى بِما فيها
وَفي الكَواكِبِ جُزءٌ مِن مَحاسِنِها
- وَفي الجَآذِرِ جُزءٌ مِن مَعانيها
إِن عَنَّفوني فَإِنّي لا أُعَنِّفُها
- وَإِن أُسَمِّ فَإِنّي لا أُسَمّيها
يَمَّمتُها وَنُجومُ الأُفقِ تَلحَظُني
- في السَيرِ شَذَراً كَأَنّي مِن أَعاديها
كادَت تَسّاقَطُ غَيظاً عِندَما عَلِمَت
- أَنّي أَأُمُّ الَّتي بِالنَفسِ أَفديها
أَسري إِلَيها وَجُنحُ اللَيلِ مُضطَرِبٌ
- كَأَنَّهُ مُشفِقٌ أَن لا أُلاقيها
وَالشَوقُ يَدفَعُني وَالخَوفُ يَدفَعُني
- هَذا إِلَيها وَهَذا عَن مَغانيها
أَطوي الدياجي وَتَطويني عَلى جَزَعٍ
- تَخشى اِفتِضاحي وَأَخشى الصُبحَ يَطويها
فَما بَلَغتُ مَغاني مَن شُغِفتُ بِها
- إِلّا وَقَد بَلَغَت نَفسي تَراقيها
هُناكَ أَلقَيتُ رَحلي وَاِنتَحَيتُ إِلى
- خودٍ يَرى الدُميَةَ الحَسناءَ رائيها
بيضٌ تَرائِبُها سودٌ ذَوائِبُها
- زُجٌّ حَواجِبُها كُحلٌ مَآقيها
وَالثَوبُ قَد ضاقَ عَن إِخفائِها فَنَبا
- عَنها فَيا لَيتَني بُردٌ لِأَحميها
وَتَحتَ ذَلِكَ خَصرٌ يَستَقِلُّ بِهِ
- دَعصٌ تُرَجرِجُ حَتّى كادَ يُلقيها
دُهِشتُ حَتّى كَأَنّي لَم أَرَها
- وَكِدتُ وَاللَهِ أَنسى أَن أُحَيِّها
باتَت تُكَلِّمُني مِنها لَواحِظُها
- بِما تُكِنُّ وَأَجفاني تُناجيها
حَتّى بَدا الفَجرُ وَاِعتَلَّت نَسائِمُهُ
- وَكادَ يَنشُرُ أَسراري وَيُفشيها
بَكَت دُموعاً وَأَبكَتني لدُموعُ دَماً
- وَرُحتُ أَكتُمُ أَشياءً وَتُبديها
كَأَنَّها شَعَرَت في بُعدِنا أَبَداً
- فَأَكثَرَت مِن وَداعِيَ عِندَ واديها
فَما تَعَزَّت بِأَنَّ الدَهرَ يَجمَعُنا
- يَوماً وَلا فَرِحَت أَنّي أُمَنّيها
تَقولُ وَالدَمعُ مِثلُ الطَلِّ مُنتَثِرٌ
- عَلى خُدودٍ خَشيتُ الدَمعَ يُدميها
وَأَلهَفَ نَفسي عَلى أُنسٍ بِلا كَدَرٍ
- تُرى تَنالُ مِنَ الدُنيا أَمانيها
فَقُلتُ صَبراً عَلى كَيدِ الزَمانِ لَنا
- فَكُلُّ حافِرِ بِئرٍ واقِعٌ فيها