شعر عربي فصيح
قصيدة: عن إنسان
قال محمود درويش :
- وضعوا على فمه السلاسلْ
- رابطوا يديه بصخرة الموتى
- وقالوا: أنت قاتلْ!
- أخذوا طعامَهُ، والملابسَ، والبيارقْ
- ورموه في زنزانة الموتى،
- وقالوا: أنت سارقْ!
- طردوه من كل المرافئْ
- أخذوا حبيبته الصغيرة،
- ثم قالوا: أنت لاجئْ!
- يا دامي العينين، والكفين!
- إن الليل زائلْ
- لا غرفةُ التوقيف باقيةٌ
- ولا زَرَدُ السلاسلْ!
- نيرون مات، ولم تمت روما
- بعينيها تقاتلْ!
- وحبوبُ سنبلةٍ تموت
- ستملأُ الوادي سنابلْ!
قصيدة: أسألك الرحيلا
قال نزار قباني :
- بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
- أسألكَ الرحيلا
- لنفترق أحبابًا
- فالطيرُ في كلِّ موسمٍ
- تفارقُ الهضابا
- والشمسُ يا حبيبي
- تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغيابا
- كُن في حياتي الشكَّ والعذابا
- كُن مرَّةً أسطورةً
- كُن مرةً سرابا
- وكُن سؤالًا في فمي
- لا يعرفُ الجوابا
- من أجلِ حبٍّ رائعٍ
- يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
- وكي أكونَ دائمًا جميلةً
- وكي تكونَ أكثر اقترابا
- أسألكَ الذهابا
- لنفترق.. ونحنُ عاشقان
- لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
- فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي
- أريدُ أن تراني
- ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
- أريدُ أن تراني..
- لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
- فقد نسينا
- نعمةَ البكاءِ من زمانِ
- لنفترق..
- كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادًا
- وشوقنا رمادًا..
- وتذبلَ الأزهارُ في الأواني..
- كُن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري
- فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير
- ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبير
- ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لي..
- يا فارسي أنتَ ويا أميري
- لكنني.. لكنني..
- أخافُ من عاطفتي
- أخافُ من شعوري
- أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
- أخاف من وِصالنا..
- أخافُ من عناقنا..
- فباسمِ حبٍّ رائعٍ
- أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا..
- أضاءَ مثلَ الشمسِ في أحداقنا
- وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا
- أسألك الرحيلا..
- حتى يظلَّ حبنا جميلًا..
- حتى يكون عمرُهُ طويلًا..
- أسألكَ الرحيلا..
قصيدة: دع الأيام
قال الشافعي:
دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ
- وَطِب نَفسًا إِذا حَكَمَ القَضاءُ
وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي
- فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ
وَكُن رَجُلًا عَلى الأَهوالِ جَلدًا
- وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ
وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا
- وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ
تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ
- يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ
وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً
- فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ
- فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
- وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
- وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
- فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا
- فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن
- إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ
- فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ
قصيدة: لهوى النفوس سريرة لا تعلم
قال المتنبي:
لِهَوى النُفوسِ سَريرَةٌ لا تُعلَمُ
- عَرَضًا نَظَرتُ وَخِلتُ أَنّي أَسلَمُ
يا أُختَ مُعتَنِقِ الفَوارِسِ في الوَغى
- لَأَخوكِ ثَمَّ أَرَقُّ مِنكِ وَأَرحَمُ
يَرنو إِلَيكِ مَعَ العَفافِ وَعِندَهُ
- أَنَّ المَجوسَ تُصيبُ فيما تَحكُمُ
راعَتكِ رائِعَةُ البَياضِ بِعارِضي
- وَلَوَ أَنَّها الأولى لَراعَ الأَسحَمُ
لَو كانَ يُمكِنُني سَفَرتُ عَنِ الصِبا
- فَالشَيبُ مِن قَبلِ الأَوانِ تَلَثُّمُ
وَلَقَد رَأَيتُ الحادِثاتِ فَلا أَرى
- يَقَقاً يُميتُ وَلا سَواداً يَعصِمُ
وَالهَمُّ يَختَرِمُ الجَسيمَ نَحافَةً
- وَيُشيبُ ناصِيَةَ الصَبِيِّ وَيُهرِمُ
ذو العَقلِ يَشقى في النَعيمِ بِعَقلِهِ
- وَأَخو الجَهالَةِ في الشَقاوَةِ يَنعَمُ
وَالناسُ قَد نَبَذوا الحِفاظَ فَمُطلَقٌ
- يَنسى الَّذي يولى وَعافٍ يَندَمُ
لا يَخدَعَنَّكَ مِن عَدُوٍّ دَمعُهُ
- وَاِرحَم شَبابَكَ مِن عَدُوٍّ تَرحَمُ
لا يَسلَمُ الشَرَفُ الرَفيعُ مِنَ الأَذى
- حَتّى يُراقَ عَلى جَوانِبِهِ الدَمُ
يُؤذي القَليلُ مِنَ اللِئامِ بِطَبعِهِ
- مَن لا يَقِلُّ كَما يَقِلُّ وَيَلؤُمُ
الظُلمُ مِن شِيَمِ النُفوسِ فَإِن تَجِد
- ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ
يَحمي اِبنَ كَيغَلَغَ الطَريقَ وَعِرسُهُ
- ما بَينَ رِجلَيها الطَريقُ الأَعظَمُ
أَقِمِ المَسالِحَ فَوقَ شُفرِ سُكَينَةٍ
- إِنَّ المَنِيَّ بِحَلقَتَيها خِضرِمُ
وَاِرفُق بِنَفسِكَ إِنَّ خَلقَكَ ناقِصٌ
- وَاِستُر أَباكَ فَإِنَّ أَصلَكَ مُظلِمُ
وَغِناكَ مَسأَلَةٌ وَطَيشُكَ نَفخَةٌ
- وَرِضاكَ فَيشَلَةٌ وَرَبُّكَ دِرهَمُ
وَاِحذَر مُناواةَ الرِجالِ فَإِنَّما
- تَقوى عَلى كَمَرِ العَبيدِ وَتُقدِمُ
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
- عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
يَمشي بِأَربَعَةٍ عَلى أَعقابِهِ
- تَحتَ العُلوجِ وَمِن وَراءٍ يُلجَمُ
وَجُفونُهُ ما تَستَقِرُّ كَأَنَّها
- مَطروفَةٌ أَو فُتَّ فيها حِصرِمُ
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثًا فَكَأَنَّهُ
- قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ
يَقلي مُفارَقَةَ الأَكُفِّ قَذالُهُ
- حَتّى يَكادَ عَلى يَدٍ يَتَعَمَّمُ
وَتَراهُ أَصغَرَ ما تَراهُ ناطِقًا
- وَيَكونُ أَكذَبَ ما يَكونُ وَيُقسِمُ
وَالذُلُّ يُظهِرُ في الذَليلِ مَوَدَّةً
- وَأَوَدُّ مِنهُ لِمَن يَوَدُّ الأَرقَمُ