شعر أبي نواس
من أشعار أبي نواس :
مرض الحبيبُ
مرِضَ الحبيبُ فعُدْتُهُ
- فمرِضْتُ مِن خوفي عليهِ
فأتى الحبيبُ يزورني
- فبَرِئْتُ مِن نَظرِي إليهِ
وكأن سعدى إذ تودعنا
وكأنَّ سعدى إذْ تودعنا
- قَدِ اشْرَأبَّ الدَّمعُ أنْ يكِفَا
رشأٌ تواصينَ القيانُ بهِ
- حتى عقدنَ بأذنهِ شنفا
ف الحبّ ظهْرٌ أنْتَ راكِبُهُ،
- فإذا صرفْتَ عِنانَهُ انْصَرَفَا
غُصصتُ منك بِما لا يدفعُ الماءُ
غُصِصْتُ منكَ بِما لا يَدفَعُ الماءُ
- وَصَحّ هجْرُكَ حتّى ما بهِ داءُ
قد كان يكفيكمُ، إن كان عزْمُكُمُ
- أنْ تَهجُروني، مِنَ التّصريحِ إيماءُ
وَما نَسيتُ مَكانَ الآمرينَ بَذا
- مِنَ الوُشاة، وَلكِنْ في فَمي ماءُ
ما زِلْتُ أسمعُ حَتّى صرْتُ ذاكَ بمن
- قامَتْ قِيامَتُهُ، وَالنّاسُ أحْياءُ
قد كنتُ ذا اسمٍ، فقد أصبحتُ يُعْرَفُ لي
- مِمّا أُكابِدُ فيَ حبّيك، أسماءُ.
دعْ عنك لَومي
"دعْ عنك لَومي" واحدة من أجمل قصائد أبي نواس :
دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ
- ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها
- لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ
مِنْ كف ذات حِرٍ في زيّ ذي ذكرٍ
- لَها مُحِبّانِ لُوطيٌّ وَزَنّاءُ
َقامْت بِإبْريقِها، والليلُ مُعْتَكِرٌ
- فَلاحَ مِنْ وَجْهِها في البَيتِ لألاءُ
فأرْسلَتْ مِنْ فَم الإبْريق صافيَة ً
- كأنَّما أخذَها بالعينِ إغفاءُ
َرقَّتْ عَنِ الماء حتى ما يلائمُها
- لَطافَة، وَجَفا عَنْ شَكلِها الماءُ
فلَوْ مَزَجْتَ بها نُوراً لَمَازَجَها
- حتى تَوَلدَ أنْوارٌ وأَضواءُ
دارتْ على فِتْيَة دانًَ الزمانُ لهمْ
- فَما يُصيبُهُمُ إلاّ بِما شاؤوا
لتِلكَ أَبْكِي، ولا أبكي لمنزلة
- كانتْ تَحُلُّ بها هندٌ وأسماءُ
حاشى لِدُرَّة أن تُبْنَى الخيامُ لها
- وَأنْ تَرُوحَ عَلَيْها الإبْلُ وَالشّاءُ
فقلْ لمنْ يدَّعِي في العلمِ فلسفة ً
- حفِظْتَ شَيئاً، وغابَتْ عنك أشياءُ
لا تحْظُر العفوَ إن كنتَ أمرَاً حَرجاً
- فَإنّ حَظْرَكَهُ في الدّين إزْراءُ
قد سَقتني والصّبح قد فتّق اللّيل
قد سَقَتْني، والصّبحُ قد فَتّقَ اللّيـ
- ـلَ، بكأسَينِ، ظَبيَة ٌ حَوْراءُ
عَنْ بَنانٍ كأنّها قُضُبُ الفِضّـ
- ــة ِ قَنّى أطْرَافها الحِنّاءُ
ذاتُ حُسْنٍ تُسْجَى بأرْدافِها الأُزْ
- رُ، وَتُطْوَى في قُمْصِها الأحشاءُ
قدْ طوَى بَطنَها، على سَعَة ِ العَيْـ
- شِ، ضُمورٌ في حَقْوِها وانْطِـــواءُ
لقد طال في رسم الدّيار بكائي
لقَدْ طالَ في رَسْمِ الدّيارِ بُكائي
- وقد طالَ تَردادي بها وعَنائي
كأنّي مُريغٌ في الدّيار طَريدة ً
- أرَاها أمَامي مَرّة، وَوَرائي
فلَمّا بَدا لي اليأسُ عَدّيْتُ ناقَتي
- عن الدّار، واستوْلى عليّ عَزائي
إلى بيتِ حانٍ لا تهرّ كلابُهُ
- عَليّ، وَلا يُنكِرْنَ طُولَ ثَوَائي
فإنْ تكن الصّهباءُ أوْدَتْ بتالِدي
- فلم توقِني أُكْرُومَتي وحيائي
فما رِمتهُ حتى أتى دون ما حَوتْ
- يَمينيَ حتّى رَيْطَتي وَحِذائي
وَكأسٍ كمِصْباحِ السّماءِ شرِبْتُها
- على قُبْلة أو موْعدٍ بلِقائي
أتتْ دونها الأيامُ حتى كأنّها
- تَساقُطُ نُورٍ مِنْ فُتُوقِ سَمَاءِ
ترى ضوْءها من ظاهرِ الكأسِ ساطعاً
- عليكَ وَإنْ غَطّيْتَها بغطاءِ
تباركَ من ساسَ الأُمورَ بعلمه
- وفضّلَ هاروناً على الخلفاءِ
نعيشُ بخَيرٍ ما انْطَوَيْنا على التّقَى
- ما ساسَ دنيانا أبو الأُمناءِ
إمامٌ يخافُ اللهَ حتّى كأنّهُ
- يُؤمّلُ رُؤْياهُ صَباحَ مَساءِ
أشَمُّ، طُوَالُ السّاعدينِ كأنّما
- يُناطُ نِجاداً سيْفِهِ بلواءِ
سأُعطيكِ الرّضا
سأُعطيكِ الرّضا، وأموتُ غَمّاً
- وأسكتُ لا أغمّكِ بالعتابِ
عهِدْتُكِ مرّة تَنْوينَ وَصْلي
- وأنْتِ اليَوْمَ تهْوينَ اجْتنابي
وغَيّرَكِ الزّمانُ، وكلُّ شيءٍ
- يصيرُ إلة التّغيرِ والذهابِ
فإنْ كانَ الصّوابُ لدَيْكِ هجْري
- فَعَمّاكِ الإلهُ عَنِ الصّوابِ
وأخي حفاظ مَاجدٍ
وأخي حِفـاظٍ مَـاجِـدٍ
- حلْوِ الشمائِلِ، غيرِ لاحِ
نادَيْتُهُ، واللّيلُ قـدْ
- أوْدَى بسُلْطـانِ الصّباحِ
يا صَاحِ أشكو حُلوَة َ العَيْـ
- ـنَيْنِ جائلَة َ الوِشاحِ
فيها افْتَحْتُ، وحبّها
- في الناس يسعى بافتضَاحي
ولها ولا ذَنْبَ لَها
- لَحْظٌ كأطرَافِ الرّماحِ
في القلْبِ يَجْـرَحُ دائماً
- فالقلْبُ مجْرُوح النواحي
أجِنـانُ جَارية المهـذّ
- بالفَضَائلِ والسّماحِ
مـالي، ولم أكُ بـاذلاً
- ودّاً، ولا فيكم سَماحي
فَبخلْتِ أنْتِ ولَيْسَ أهْـ
- ـلُكِ مِن قبيلِكِ بالشحاحِ
لا تبكين على الطلل
لا تبكينَّ على الطَلَل
- وعلى الحبيبِ إذا رحَل
من غابَ عنكَ فلا تقل
- يا ليتَ شعري ما فعَل
إن تلتمس بدلاَ بهِ
- يوماً تجد ألفي بدَل
وأباكَ فاعصِ ولا تطع
- وأخاكَ فاجفُ ولا تصل
والجارَ خلّ سبيلَهُ
- وأقذفهُ من أعلى جبَل
والجارَ إن تحفظ لهُ
- حقاً فجهلُكَ قد كمل
وأقطع من الرحم الذي
- بكَ في المناسبةِ اتّصَل
وإذا أخ يوماً بهِ
- عثرَ الزمان فلا تقل
واجعل يديكَ على التي
- ملكت يداه بالحيل
وإذا أباك غششتَهُ
- فعَن الغريبِ فلا تسَل
وليضربِ الثقلانِ في
- نقضِ العهودِ بك المثل
دع عنكَ قولَ الناسِ
- هذا لا يجوز ولا يحل
وأطع هواكَ وغادِها
- صهباءَ ترمي بالشعَل
ونكِ الغلامَ إذا نشا
- وإذا التحى وإذا اكتهل
وحريمَ جارِكَ فانتهك
- والمالَ منهُ فاستحل
وإذا دُعيتَ إلى التقى
- والصالحاتِ من العمَل
فأجب بأن لا ناقةٌ
- لي في الصلاح ولا جمل
لا تحفلنَّ بمَن لحا
- كَ على هواك ولا تبَل
لا تضمرنّ إلى الذي
- صاحبتَهُ إلّا الدخَل
وأجب إذا عطسَ الندي
- مُ بذبحةٍ وإذا سعَل
سيّان عندكَ فليكن
- مَن لمي صلكَ ومَن وصَل
واشهر بسفيِكَ مصلتاً
- واقطع على الناس السُبل
واسلك سبيلاً واحداً
- بذوي التفرّقِ في المِلَل
واضمر لهم سُمّاً وهَب
- لهمُ من القولِ العَسَل
حتى إذا أمنوكَ مِن
- جهلٍ ومثلهمُ جهَل
فاقتلهمُ واصلبهمُ
- جمعاً على أعلى دَقَل
وإذا أتى شهرُ الصيا
- مِ ففيه بالمَرض اعتلل
وإذا سُئِلتَ أجائزٌ
- فيه اللواطُ فقُل أجَل
منعَ النفوسَ من التي
- تهوى العظيمُ من الزلَل
لا تقربِ البيتَ الحرا
- مِ وخلّه حتى يحَل
وإذا رأيت ركائباً
- نحو الحجيج حدَت فقُل
ما لي يُطوّفُ بي وما
- أنا بالأسير على جَمَل
فإذا كبرتَ ولم تطق
- حملَ الصوارمِ والأسَل
فخذِ الزجاجَ ورضّهُ
- واطرحهُ في طرُقِ السفَل
فبذاكَ أنتَ مجاهدٌ
- ولكَ الغنيمةُ والمَثَل
وإلى إلهكَ في التجا
- وزِ عن خاياك ابتهِل
فهو المجيبُ لمَن دعا
- وهو الجوادُ إذا سُئِل
هذي وصاةُ أبي نؤا
- سٍ مُذ نشا لذوي الجدَل
أوصى بها من بعدما
- لاقى من الدهر الدوَل
خليليَّ أقعد للصبوح ولا تقل
خليليَ أقعد للصبوح ولا تقل
- قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزلِ
ويا ربّ لا تُنبت ولا تُسقط الحيا
- بسقطِ اللوى بين الدخول فحومل
ولا تقرِ مقراةَ امرىء القيس قطرةً
- من المزن وارجم ساكنيها بجندل
نصيبيَ منها للنعام وللمَها
- واللذئبِ يعوي كالطريد المؤلولِ
ولكن ديار اللهوِ يا ربّ فاسقِها
- ودرّ على خضرائِها كل جدوَل
بهيتٍ وعاناتٍ وبنّي ودسكر
- وقطربل ذات الرحيق المُفَلفَلِ
على كلّ محسورِ الذراع سمَيذَعِ
- جوادٍ بما يحويه غير مبخّلِ
قليل هموم القلبِ إلّا للذّة
- ينعّمُ نفساً آذنت بتنقّل
فإن تطلبيهِ تقتضيهِ بحانةٍ
- كمثل سراج لاحَ في الليل مشعَل
ولستَ تراهُ سائلاً عن خليقةٍ
- ولا قائلاً من يُعزلونَ ومَن يلي
ولا صائحاً كالعَير في يوم لذةٍ
- يناظرُ في تفضيل عثمان أو علي
ولا لابساً تقديمَ شمسٍ وكوكب
- ليعرفَ إحياءَ العلوّ من أسفل
يقومُ بأوقاتِ الظهيرة مائلاً
- يقلب في أسطر لابه عينَ أحوَل
ولكنّهُ فيما عناهُ وسرَّهُ
- وفي غير ما يعنيه فهو بمعزَل