شروط قراءة القرآن للمرأة
شروط قراءة القرآن للمرأة
ذهب جمهور العلماء إلى أنَّّه يُشترط للمرأة إذا أرادت قراءة القرآن الكريم الطَّهارة من الحَدَث الأكبر؛ سواءً كان جنابةً، أو حيضاً، أو نفاساً، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنَّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْضي حاجَتَه، ثُم يَخرُجُ فيَقرَأُ القُرآنَ، ويأكُلُ معنا اللَّحمَ، ولم يكُنْ يَحجُبُه عنِ القُرآنِ شيءٌ ليس الجَنابةَ)، أي إلّا الجنابة، إلّا أنَّ بعض أهل العلم قالوا بجواز قراءة القرآن الكريم للحائض، حيث إنَّهم حملوا الحديث السَّابق على كراهة القراءة حال الحدث الأكبر لا تحريمها، لِذا فلا يصحُّ حجب المرأة ومنعها عن قراءة القرآن الكريم حال حدثها الأكبر لا سيما إن كان حيضاً دون ثبوت المنع الصريح من الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم-.
وذهب المالكيّة إلى جواز قراءة القرآن الكريم للحائض مطلقاً دون مسّه. أمَّا فيما يتعلَّق بطهارتها من الحدث الأصغر فقد أجاز العلماء قراءة القرآن الكريم لمَن أحدث حدثا أصغر، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن رجلٍ من الصَّحابة -رضي الله عنهم- أنّه قال: (حدَّثَني مَن رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَ، ثُم تَلا شيئًا منَ القُرآنِ -وقال هُشَيمٌ مرَّةً: آيًا منَ القُرآنِ- قبلَ أنْ يَمَسَّ ماءً).
وتجدر الإشارة إلى عدم جواز مسِّ المصحف للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر، وذلك لقول الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ* لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، حيث يُراد بلفظ (المطهّرون)؛ أي المتطهّر من الحدثين الاصغر والأكبر، ومن الأمور التي يُستحب للمرأة الحرص عليها إذا أرادت قراءة القرآن الكريم استعمال السِّواك، وقد دلَّ على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا قامَ أحدُكُمْ يصلِّي مِنَ الليلِ، فَلْيَسْتَكْ، فإنَّ أحدَكُمْ إذا قرأَ في صلاتِهِ، وضعَ مَلَكٌ فَاهُ على فيهِ، و لا يخرجُ من فيهِ شيءٌ إلَّا دخلَ فَمَ المَلَكِ).
مسائل متعلِّقة بقراءة القرآن للمرأة
حكم قراءة المرأة للقرآن أمام الأجانب
يجوز للمرأة قراءة القرآن الكريم أمام الأجانب بشرطين نوردهما فيما يأتي:
- أوّلهما: أن تؤمَن الفتنة، بحيث تقرأ المرأة بصوتٍ عاديِّ بعيداً عن الترقيق والإمالة فيه الذي قد يكون سبباً في تلذّذ المستمع لذلك، وليس هذا من منطلق كون صوت المرأة عورةً، حيث إنّ صوت المرأة لا يُعدّ عورة، وممَّا يثبت ذلك أمرين كما يأتي:
- أوّلهما: أنّ الصَّحابة -رضي الله عنهم- تعلَّموا مسائل وأحكام مختلفة من الدِّين واستمعوا للأحاديث النّبويَّة من نساءِ النّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
- ثانيهما: أنَّ الله -تعالى- لم ينهَ المرأة عن الحديث مع الأجانب حال الحاجة والضَّرورة، وإنَّما نهاها عن الليونة والميوعة والتَّرقيق في القول معهم، وقد دلَّ على ذلك قول الله -تعالى-: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا).
- ثانيهما: أن تكون هناك حاجةٌ مُلِحَّةٌ تستدعي وتتطلَّب أن تقرأ المرأة القرآن الكريم أمام الأجانب، فإن انتفت الحاجة كان الأولى لها اجتناب وترك ذلك.
حكم سماع المرأة الحائض للقرآن
يُباح للمرأة الحائض سماع القرآن الكريم والرقية الشَّرعيَّة؛ سواءً من الأشخاص أو التلفاز أو الراديو ونحو ذلك، وقد دلَّ على ذلك ما ثبت عن أمِّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كانَ يَتَّكِئُ في حَجْرِي وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ يَقْرَأُ القُرْآنَ)، وقد أُشير مسبقاً إلى أنَّ بعض أهل العلم أجاز للمرأة الحائض قراءة القرآن الكريم؛ لِذا فإنَّ سماعها له أولى بالجواز والإباحة.
حكم قراءة المرأة للقرآن بدون حجاب
يُباح للمرأة قراءة القرآن الكريم بدون حجاب لِانتفاء الدَّليل الذي يوجب عليها تغطية رأسها أثناء ذلك، إلَّا أنَّه يُستحبُّ لها أن تَعمَد إلى تغطية رأسها وارتداء الحجاب أثناء القراءة تأدُّبا مع كلام الله -تعالى-، ولا يوجد نصٌّ من الكتاب أو السنَّة أو الإجماعٍ على وجوب تغطية المرأة رأسها بالحجاب عند تلاوتها للقرآن الكريم، وانَّما ذلك يعدُّ زيادة في الأدب مع الله -تعالى- كما ذكر سابقاً.