شروط زواج المسلم من مسيحية
ما هي شروط زواج المسلم من مسيحيّة؟
شرع الله -سبحانه- زواج المسلم من نساء أهل الكتاب ، وحرّم ذلك على المسلمة، لأن أساس التشريعات الإسلامية تقوم على الحكمة، وتحقيق المصلحة لجميع الأطراف، ويشترط في زواج المسلم من أهل الكتاب وتحديداً من المرأة المسيحية عدة شروط، وفيما يأتي بيان لها:
التأكد من أن المرأة كتابية
أحل الله -جلّ وعلا- للمسلم تزوج المرأة الكتابية، بدليل قوله -تعالى-: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ).
فالذين أوتوا الكتاب من قبل؛ هم اليهود والنصارى، فجعل الله بذلك تشريعاً قائماً يبيح للمسلم زواج المسيحية من غير دينه، إذا تأكد وتحقق من أنها كذلك؛ لعدم جواز نكاحه للملل الأخرى التي تناقض الإسلام وتعارض عقائد المسلمين الصحيحة والثابتة في شرع الله -سبحانه-.
التأكد من أن تكون محصنة عفيفة
قال الله -تعالى-: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُم)، فلا يُباح من الكتابية المسيحية في الزواج إلا المحصنة العفيفة، وسُمّيت بالمحصنة؛ لأنها تتحصن من الفاحشة، وتجعل بينهما حصناً قوياً.
فالمرأة التي تدعو إلى الفاحشة، أو تشتهر بها؛ لا يجوز للمسلم الزواج منها، ولو كانت لديه الرغبة بهدايتها، أو أن يمنعها ويبعدها الزواج عن الحرام، وكذلك الأمر للمرأة المسلمة يجب أن تكون محصنة وعفيفة، وكذلك أيضاً بالنسبة للزوج المسلم، فينبغي أن يكون محصناً للقبول به زوجاً.
غير معادية للإسلام
نصت دائرة الإفتاء الأردنية في إحدى فتواها على جواز زواج النصرانية أو اليهودية، بشرط ألا تكون مسيئة لدين الإسلام، أو للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ حتى لا تؤثر في ذلك على دين زوجها ومعتقداته، أو تفسد دين أولادها، فإذا خشي المسلم على دينة فالأولى أن يتراجع عن هذه الخطوة، فإن النهي أحياناً يلحق المسلمة الفاسقة، فكيف باليهودية أو النصرانية المعادية للإسلام.
اكتمال أركان عقد الزواج
إن أركان عقد الزواج لا تخرج عن أركان كل عقد، ويجب اكتمالها ليكون العقد صحيحاً مكتملاً، وأركان العقد ما يأتي:
- العاقدان
- وهما الزوج ومن ينوب عنه، وولي الزوجة، أو الزوجة نفسها لمن قال بجواز تولية المرأة نفسها في عقد الزواج.
- المعقود عليه
- وهو مضمون العقد، وخلوه مما يحرم زواجهما، واشتراط رضاهما.
- الصيغة
- وهي الإيجاب والقبول، تتلخص بجملتي: "زوجتك ابنتي.. قبلت"، وما يحل محلهما.
آثار زواج المسلم من مسيحية
تكثر العنوسة بين بنات المسلمين
ورد في الأثر أن عمر بن الخطاب بعث إلى حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- كتاباً يطلب فيه إخلاء سبيل زوجته اليهودية، فسأله حذيفة إن كان فعله حراماً، فكان جواب عمر -رضي الله عنه- أنه يخاف من أن يعم وينتشر بين المسلمين زواج نساء أهل الذمة لحسنهنّ؛ فتكون الفتنة للمسلمات بتركهنّ بلا زواج، وإكثار نسب العنوسة بينهنّ، وهذا قد يلحق الضرر بالمجتمع الإسلامي.
عدم تمكن المسلم من الولاية
اتفق العلماء على جواز أمر الزوج لزوجته الكتابية بما هو مباح عندها، وما يراه هو واجب، ولكن مسألة الخلاف في أمرها بما هو واجب عليها في تعاليم دينها، ومخالف لما في الإسلام، كشرب الخمر أو أكل الخنزير.
ورأي الجمهور بأحقية الزوج في منعها من ذلك؛ قياساً على الزوجة المسلمة التي قد يمنعها زوجها من أكل الثوم أو البصل؛ لكرهه لرائحتهما، وعلى هذا يجب على الزوج الحرص على الاتفاق مع زوجته الكتابية منذ البداية على قوامته في البيت، وعدم منازعته إياها؛ خوفاً مما يترتب على العكس من ذلك.
موضع يخافُ المسلم فيه على ولده
إن زواج المسلم من امرأة من غير دينه له تأثير على عقيدة الأبناء، وسلامة دينهم، وخصوصاً إن وقع الطلاق، فقد تحكم المحكمة بحضانة الأولاد للزوجة، فيكون التأثير أقوى، وأسهل، وقد يحصل أحياناً تحولهم عن دينهم.
حكم الزواج من المسيحية
ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز نكاح الكتابية، مسيحية كانت أم يهودية، فهم لا يحرمون ما أحل الله بالنص القاطع، والدليل الحاسم، وإن كان لديهم توجه عام إلى عدم استحباب ذلك لعلة ظاهرة، ولكن هذا يكون في المشركة أقوى وأحكم؛ لأن المشركة لا يوجد عندها رادع أو مصدر دين تعود إليه فيمنعها من الخطأ.
أما الكتابية فإن لديها في تعاليم دينها ما يدعوها للفضائل ويحميها من الزلل، كالأمانة والصدق، وحسن المعاملة والعشرة، ومنع الخيانة، وكره ما يحرض عليها، فهذه المبادئ الحسنة يمكن الاحتكام إليها، والاطمئنان منها إن أحسن الزوج الاختيار.