أسباب العنف ضد المرأة
أسباب العنف ضد المرأة
تتعدّد أسباب العنف المُمارَس ضد النساء، وهي كما يأتي:
أسباب اجتماعية للعنف ضد المرأة
تستند المعايير الاجتماعية على المعتقدات المُتّفق عليها حول الطريقة المقبولة لتصرّف الناس، لذا تُعدّ المعايير الاجتماعية السلبية من أقوى العوامل التي تؤدّي إلى عدم المساواة بين الرجل والمرأة، كما أنّها تُساهم في زيادة خطر العنف ضد المرأة، ومن تلك المعايير قبول المفاهيم الذكورية المرتبطة بهيمنة الرجال ومنحهم حق السيطرة على تصرّفات النساء، واللجوء إلى العنف كوسيلة لحلّ النزاعات وقبوله في المجتمع.
تمّ تحديد الدور الواضح الذي تؤدّيه الأعراف الاجتماعية في تعزيز العنف ضد المرأة، وذلك وفقاً للعديد من الدراسات الثقافية الإثنوغرافية والأنثروبولوجية، فقد بيّنت تلك الدراسات وجود قبول للعقاب الجسديّ للزوجات في بعض المجتمعات، بل إنّ بعض المجتمعات الأخرى اعتبرته شيئاً ضرورياً، كما بيّنت الدراسات وجود اختلافات في مدى قبول العنف ضد المرأة من قِبل الشريك في المجتمعات المختلفة.
أسباب سياسية للعنف ضد المرأة
يتحدّد دور الدولة في قضية العنف ضد المرأة من خلال القوانين والسياسات والممارسات المنبثقة عنها، فتلك القوانين والممارسات قد يكون لها دور مباشر في العنف ضد المرأة من خلال خلق بيئة تسمح بالعنف أو تتسامح معه وتُبرّره، وذلك بسبب محدوديّة أُطُرها التشريعية والسياسية المتخصصة للوقاية من العنف والتصدّي له، إضافةً إلى عدم وجود أيّة عقوبات لمن يُمارس العنف ضد المرأة ، أو سهولة الإفلات من العقاب في حال وجوده.
تُركّز القوانين المتعلّقة بالعنف ضد المرأة في المقام الأول على تجريم الفاعل، في حين يجب أن تُحاول الأطر القانونية الاستفادة من جميع مجالات القانون كي تتجاوز هذا النهج المحدود؛ كالاستفادة من القانون المدني، والدستوري، والجنائي، والإداري، من أجل معالجة قضية العنف ضد المرأة من الأصل، وحماية النساء اللواتي تعرّضن للعنف والاهتمام بتقديم الدعم لهن، وذلك من خلال وضع أحكام تتضمّن نشر الوعي من أجل الوقاية من العنف، وتحديد حقوق للمتضرّرات من العنف، وتقديم الحماية القانونية لهنّ، إضافةً إلى إنشاء مؤسسات متخصّصة في حماية المرأة من العنف، كما يُمكن وضع تشريعات تتضمّن نهجاً متعدد التخصّصات لمعالجة العنف ضدّ المرأة، وذلك من خلال تحقيق التعاون بين عدّة مؤسسات ذات العلاقة؛ كالتعاون بين الشرطة والخدمات الاجتماعية ومُقدّمي الرعاية الصحية.
يوجد بعض المجتمعات التي تقل فيها مستويات العنف ضد المرأة، وتلك المجتمعات تمتاز بتقديرها للمرأة وتهتم بمشاركتها وتمثيلها للمجتمع، وتُحاول تقليل الفجوة في السلطة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
أسباب اقتصادية للعنف ضد المرأة
يوجد العديد من الأسباب الاقتصادية التي تؤدّي إلى العنف ضد المرأة، وبشكلٍ عام فإنّ الأمية والاعتماد الاقتصادي على الذكور تُعدّ من أهم العوامل التي تؤدّي إلى العنف، ومن العوامل الأخرى تدنّي الفرص الاقتصادية والتي تتمثّل في نقص العمالة وانتشار العاطلين على العمل، فذلك العامل مرتبط بشكلٍ مباشرٍ بالعنف ويزيد من خطره على النساء والفتيات، ويظهر على عدّة أشكال؛ كالعنف الأسري ، والزواج القسري، وتزويج الفتيات قبل بلوغ سنّ الرشد.
يزيد الفقر المنتشر على نطاقٍ واسعٍ العنف ضدّ المرأة، إذ يُمكن اعتبار كلٍّ من الفقر والبطالة من الأسباب الاقتصادية الأكثر شيوعاً للعنف، فالنساء والفتيات اللواتي يعشن ضمن ظروف معيشية تتميّز بالفقر يتعرّضن لأشكالٍ متعددةٍ من التمييز، وبالتالي قد يواجهن مخاطر متزايدة من العنف، فقد بيّنت الدراسات أنّ النساء والفتيات اللواتي يعشن في فقر هنّ أكثر عرضةً للاستغلال، كما أنّهنّ يُجبرن على الزواج المبكّر بنسبة أكبر من الفتيات اللواتي يعشن في مستويات أغنى.
تُعاني النساء المتزوجات من عنف الشريك لكنّهنّ يضطرنّ للبقاء معه وعدم إنهاء تلك العلاقة العنيفة بسبب افتقارهنّ للدخل، ومن أجل الحصول على الدعم المادي فهنّ يبقين معهم بسبب عدم وجود مالٍ كافٍ لهنّ من أجل إيجاد مأوى أو لشراء الطعام، كما يُشار إلى أنّ النساء اللواتي يعملن ويحصلن على دخل ماديّ غالباً ما يتحكّم شريكهنّ بدخلهنّ في حال العيش ضمن تلك العلاقات العنيفة.
أسباب نفسية للعنف ضد المرأة
يوجد العديد من الأسباب النفسية لممارسة العنف ضد المرأة، والتي تعود في أساسها إلى التنشئة الاجتماعية التي يتعرّض لها الطفل في الأسرة والمدرسة، فقد بيّنت العديد من الدراسات المختصة في دراسة سلوك المجرمين العنيفين أنّ هؤلاء المجرمين قد عانوا في طفولتهم من سوء تربية الوالدين، وتعرّضوا للعقاب الجسدي، والإهمال وضعف الإشراف، وأحياناً انفصالهم عن أسرهم، ممّا انعكس على سلوكهم.
يقول علماء النفس أنّ العنف قد ينتج عن الشعور بالغضب الذي يُسبّبه الإحباط واليأس الذي يتعرّض له الشخص، إضافةً إلى عدّة عوامل نفسية أخرى؛ كالشعور بالقهر والإحساس بالدونية والعجز الذي قد يتعرّض له الزوج في مكان عمله أو غيره وعدم قدرته على الردّ على مصدر إحباطه، فتلك العوامل تؤدّي إلى أن يُظهر الزوج ردود أفعال عنيفة على زوجته أو أحد أفراد العائلة، ومن جهةٍ أخرى يقترن العنف ضد المرأة بحاجات الفرد، فقد يشعر الشخص بشعورٍ سيّئ في حال عدم قدرته على تحقيق احتياجاته أمام الآخرين، ومع مرور الوقت يتحوّل ذلك الشعور إلى عنف ضدّهم.
يؤدّي وجود الاضطرابات الشخصية أو النفسية لدى الرجل إلى ممارسة العنف ضد المرأة، فقد بيّنت عدّة دراسات تابعة لعلم النفس المرضي وسمات الشخصية وجود نسبة عالية من اضطرابات الشخصية المعادية للمجتمع لدى الرجال الذين يُمارسون العنف ضد زوجاتهم بالاعتداء عليهنّ، إضافةً إلى وجود نسبة عالية من الاضطرابات النفسية مثل اضطراب الشخصية الحدية، أو اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة.
أسباب شخصية للعنف ضد المرأة
يُمكن أن تكون المرأة نفسها أحد العوامل الرئيسية التي تؤدّي إلى ممارسة العنف ضدّها، ويكون ذلك عند خوفها الشديد من الرجل نفسه أو من المجتمع الذي تعيش ضمنه، فتضطر للسكوت عن العنف المُمارَس ضدّها والخضوع له، والاستسلام لأشكال العنف البسيطة كالسخرية من أجل تجنّب العنف الجسدي الأشدّ، فتضطر المرأة للسكوت عن العنف في حال عدم وجود أيّ شخص تلجأ له لحمايتها عند تعرّضها لأيّ شكلٍ من أشكال العنف، بالإضافة إلى خوف معظم النساء من اللجوء للمحاكم وتقديم شكاوى بسبب قناعتهنّ بعدم وجود قوانين رادعة للعنف، إضافةً للضغط العائلي الذي قد تتعرّض له المرأة في حال تقديم شكوى ضد الرجل، وأحياناً قد يُجبرها الزوج على التنازل عن كامل حقوقها سواءً القانونية أو الشرعية، فتلك الأمور مجتمعةً لا تُشجّع المرأة على اللجوء للمحاكم لردّ العنف عنها.
للتعرف أكثر على تعريف العنف ضد المرأة يمكنك قراءة المقال تعريف العنف ضد المرأة