شرح قصيدة إغضب كما نشاء
شرح قصيدة اغضب كما تشاء
كتب قباني القصيدة على لسان المرأة وهي تخاطب حبيبها قائلة:
:اغضب كما تشاء
:واجرح أحاسيسي كما تشاء
:حطم أواني الزهر والمرايا
:هدد بحبِّ امرأةٍ سوايا
:فكلّ ما تفعله سواء
:كل ما تقوله سواء
:فأنت كالأطفال يا حبيبي
:نحبهم .. مهما لنا أساؤوا
تقول إنّها لا تستنكر على حبيبها غضبه بل تُشجعه أن يغضب وأن يُفجر الكلمات التي تخنقه مثل هجرها، وهي لن تغضب منه لأنّه مثل الطفل في عينيها ولا بدّ أن يعود إلى صوابه في أجل ما.
:اغضب!
:فأنت رائعٌ حقًا متى تثور
:اغضب!
:فلولا الموج ما تكونت بحور
:كن عاصفًا .. كن ممطرًا
:فإن قلبي دائمًا غفور
تتابع تلك المرأة الجامحة حديثها وهي تريده أن يغضب، تُريده أن يُخرج ذلك الرجل الدفين من أعماقه وأن يثور، تريده مثل الأمواج يعلو ويهبط، تريد أن ترى برقه ورعده وأن تنعم بذلك، فهي المرأة صاحبة القلب الطيب التي ستغفر له تلك الحماقات.
:اغضب!
:فلن أجيب بالتحدي
:فأنت طفلٌ عابثٌ
:يملؤه الغرور
:وكيف من صغارها
:تنتقم الطيور؟
تعيد على مسامعه كلمة اغضب وتريده أن يثور وأن يملأ الدنيا صراخًا، فهو الطفل المشاغب الذي يعبث ولن تغضب منه أبدًا، لأنّها أحبته بقلب أم واحتوته بقلب رؤوم وهو الطفل العابث الذي يريد أن يُثبت نفسه، ومع ذلك هي لن تُبادل غضبه بشيء يذكر.
:اذهب
:إذا يوماً مللت مني
:واتهم الأقدار واتهمني
:أما أنا فإني
:سأكتفي بدمعي وحزني
:فالصمت كبرياء
:والحزن كبرياء
بعد أن يكون العاشق قد امتلأ من ثورات الغضب وصار يُطلق من حممها لا بدّ أنّه متخذٌ فعلًا جديًا لنفسه، مثل أن يحزم أمتعته من الذاكرة ويرحل، وهنا تُخبره حبيبته أنّه يُمكنه الرحيل ولا مانع لديها من ذلك على الإطلاق، وهي لن تُبادله كلام السّوء، بل تعده أنّها ستحتوي ذلك الموقف عبر الصمت، فهي ستميل إليه لأنه مليء بالكبرياء، وستتألف مع حزنها لتستعيد فيه كرامتها.
:اذهب
:إذا أتعبك البقاء
:فالأرض فيها العطر والنساء
:والأعين الخضراء والسوداء
:وعندما تريد أن تراني
:وعندما تحتاج كالطفل إلى حناني
:فعد إلى قلبي متى تشاء
تشير إلى حبيبها أن يذهب ويتركها فلا يلتفت إليها، لو كان في ذلك مسرّة له ولو كان يُعاني من التعب في بقائه معها، وليذهب وليجرب حظه في الحب مع نساء أخريات من ذوات لون العيون الأسود والأخضر، وتُكمل: عندما تملّ من جيش النساء ذاك وتتذكر تلك المرأة التي احتوتك بقلب أمّ وعشت معها طفولتك بعد أن كبرت يُمكنك أن تعود إليها!
:فأنت في حياتي الهواء
:وأنت .. عندي الأرض والسماء
:اغضب كما تشاء
:واذهب كما تشاء
:واذهب .. متى تشاء
:لا بد أن تعود ذات يومٍ
:وقد عرفت ما هو الوفاء
تبين الحبيبة لذلك الرجل الأهوج كالأطفال أنّه في حياتها مثل الهواء؛ حيث لا تستطيع أن تتنفس من دونه، وليغضب كما يريد وليصرخ كما يشاء وليذهب إلى أي مكان يريده في أي وقت يشاء؛ لأنّه تعلّمَ أنّ يومًا ما سيعود إليها جارًّا من خلفه أذيال الوفاء الذي عهده معها فقط، تلك المرأة التي لا تتكرر أبدًا.
الأفكار الرئيسة في قصيدة اغضب كما تشاء
وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسة لعل أبرزها ما يأتي:
- دعوة المرأة الرجل الذي تحبه إلى الغضب والثورة.
- حب المرأة لذلك الرجل الذي يثور مثل موج البحر.
- نظرة الطفولة التي ترى بها المحبوبة عاشقها.
- دعوة العاشقة رجلها أن يجرب غيرها من النساء وأن يعود لها وقتما يشاء.
الصور الفنية في قصيدة اغضب كما تشاء
وردت في القصيدة مجموعة من الصور الفنية التي زينت المعاني وأضفت عليها نوعًا من الجمال، ولعل من أبرز تلك الصور:
- "واجرح أحاسيسي كما تشاء"
جعل الأحاسيس مثل الإنسان الذي يُجرح ويلتئم جرح، حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه، وهو استعارة مكنية.
- "فأنت كالأطفال"
شبهت الرجل الذي تحبه بالأطفال أبقت على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه وحذفت وجه الشبه، وهو تشبيه مجمل.
- "أنت عندي الأرض"
شبهت الرجل الذي تحبه بالأرض، أبقت على المشبه والمشبه به وحذفت أداة التشبيه ووجه الشبه، وهو تشبيه بليغ.