شرح قصيدة إرادة الحياة
شرح قصيدة إرادة الحياة
ناظم هذه القصيدة هو أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي، شاعر تونسي وُلد في قرية الشابية، ومات شابًا بمرض الصدر، والشابي في شعره كان يتغنى بالحياة وبجمالها من أجل ترغيب الآخرين في أن يتوجّهوا إلى ذواتهم، فيصلحوا من أنفسهم، ثمّ يتأملوا الطبيعة التي يلفت أنظارهم إلى جمالها، ليدركوا أهمية الحياة وبالتالي أهمية الحرية،وشرح أبيات القصيدة فيما يأتي:
المقطع الأول
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
- فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
- ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ
- تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ
- من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ
- وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ
إذا امتلكنا الإرادة والعزيمة فإنّ جميع العقبات سوف تزول، والقيود سوف تنكسر، والظلام سينكشف، ولكن الذي يألف القيد في يديه والظلام في عينيه، ولا يأخذه شوق الحياة للانطلاق، سوف يتلاشى ويُصبح كالعدم، فهذا ما قالته الكائنات له عن سر الحياة.
المقطع الثاني
ومن لا يحبُّ صُعودَ الجبالِ
- يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ
فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ
- وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ
وأطرقتُ أُصغي لقصفِ الرُّعودِ
- وعزفِ الرّياحِ وَوَقْعِ المَطَرْ
وقالتْ ليَ الأَرضُ لما سألتُ
- أيا أمُّ هل تكرهينَ البَشَرْ
أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ
- ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ
وأَلعنُ مَنْ لا يماشي الزَّمانَ
- ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ
من خلال أسلوب الشرط يقول الشاعر الذي لا يجتهد، ويُحاول صعود الجبال على مشقتها سوف يعيش بين الحفر ومشقة هذا أكبر؛ لأنّ وصولك لقمة الجبل سوف تُنسيك التعب والجهد، أمّا السكون بين الحفر مشقة دائمة، والشاعر سأل الأرض وهي أجابت بأنّها لا تكره كل البشر، بل تُحب أهل الطموح وتكره من يعيش كأنه حجر في سكونه لا غاية عنده ولا أمل.
المقطع الثالث
هو الكونُ حيٌّ يحبُّ الحَيَاةَ
- ويحتقرُ الميْتَ مهما كَبُرْ
فلا الأُفقُ يَحْضُنُ ميتَ الطُّيورِ
- ولا النَّحْلُ يلثِمُ ميْتَ الزَّهَرْ
تقول الأرض أنّ هذا شأن الكون كله، فمن الطبيعي أنّ الحيّ يُحب الحياة وكأنّ الشخص الذي يحيا بلا طموح ميت، وتبيّن سبب عدم قدرتها على التّفاعل معه من خلال طرح مثال على الطير الميت الذي لا يستطيع الأفق احتضانه؛ لأنّه لا يُحلّق إليه، والنحل لا يستطيع أخذ الرحيق من الزهرة الميتة، وكأنها تُخبره أنّ الكون لا يتفاعل معه؛ لأنّه كالميت.
الأفكار الرئيسة في قصيدة إرادة الحياة
الأفكار الرئيسة في قصيدة إرادة الحياة فيما يأتي:
- الإرادة والعزيمة تُحقق المراد.
- السكون من شأن الحجر لا البشر.
- السعي والعمل الجاد يُغير ظروف للحياة.
معاني مفردات قصيدة إرادة الحياة
في هذه القصيدة بعض المفردات التي تحتاج للشرح، ومن أبرزها الآتي:الكلمة | المعنى |
ينجلي | ينكشف. |
اندثر | لم يبقَ منه شيء. |
الدّجى | ظلام الليل. |
الطموح | رغبة شديدة لتحقيق شيء. |
الصور الفنية في قصيدة إرادة الحياة
هذه مجموعة من الصور الفنية التي استخدمها الشاعر في قصيدته فيما يأتي:
- ويقنعُ بالعيشِ عيشِ الحجرْ
استخدم الشاعر أسلوب الكناية بجملة عيش الحجر، وهي كناية عن السكون والجمود.
- أُباركُ في النَّاسِ أهلَ الطُّموحِ
- ومَن يَسْتَلِذُّ ركوبَ الخطرْ
بجملة ركوب الخطر تظهر الاستعارة المكنية من خلال تشبيه الشاعر الخطر بالدواب التي يمتطي ظهرها الإنسان، فحُذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه وهو الركوب.
- ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
- ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
استخدم الشاعر هُنا المحسن البديعي حُسن التقسيم.