شرح قصيدة أبو تمام في مدح المعتصم
شرح قصيدة أبو تمام في مدح المعتصم
كتب هذه القصيدة الشاعر الكبير أبو تمام بعد النصر الذي حققه الخليفة العباسي المعتصم بالله عندما فتح عمورية مسقط رأس الإمبراطور الروماني "تيوفل"، واعتبرت هذه المعركة ردًّا على اعتداء الإمبراطور الرومي على بلدة "زبطرة" العربية، التي انتشر فيها الفساد بسبب الروم إضافة إلى القتل والتدمير.
إضافة إلى الانتقام لما حدث مع تلك المرأة المسلمة عندما اعتدى عليها الجندي الرومي، فهتفت طلباً للنجدة "وامعتصماه !"، وفي هذه القصيدة نجد أن الشاعر سخر من المنجمين، عندما حذروا المعتصم من الإقدام على هذه الخطوة وفتح عمورية، وشدَّد الشاعر في هذه الأبيات على أن الحرب هي سبيل إحقاق الحق ونيل المجد والفوز بالنصر.
وفيما يلي شرح مبسط لقصيدة مدح المعتصم في فتح عمورية :
البيت الأول
يقول الشاعر:
السَيفُ أَ صدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ
- في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ.
في هذا البيت يقول الشاعر بأن السيف الذي عنده الخبر اليقين عن فتح عمورية وليس كلام المنجمين والعرّافين، إذ إنَّه يفصل بحده بين الحق والباطل أي الفتح من عدمه.
البيت الثاني
يقول الشاعر:
بيضُ الصَفائِحِ لا سودُ الصَحائِفِ في
- مُتونِهِنَّ جَ لاءُ الشَكِّ وَالرِيَبِ.
السيوف المصقولة البيضاء القوية هي التي تقطع الشكوك وتجلب النصر والفوز.
البيت الثالث
يقول الشاعر:
وَالعِلمُ في شُهُبِ الأَرماحِ لامِعَةً
- بَينَ ال خَميسَينِ لا في السَبعَةِ الشُهُبِ.
العلم اليقين في ميدان المعركة وليس في التنجيم وفي أبراج النجوم التي يركن إليها المنجمون والمتنبؤون.
البيت الرابع
يقول الشاعر:
أَينَ الرِوايَةُ بَل أَينَ النُجومُ وَما
- صاغوهُ مِن زُخرُفٍ فيها وَمِن كَذِبِ.
يتساءل الشاعر أين كلام المنجمين وما ركنوا إليه بعد النصر المؤزّر الذي حققه المعتصم بالله على الروم ، وذلك بادعائهم أنه لن ينتصر في هذا الوقت ونصيحتهم له بأن يتراجع عن القرار.
البيت الخامس
يقول الشاعر:
فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ
- نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ.
فتح عمورية كان من الصعب وصفه، و هذا دليل على عظمته، حيث إنَّه لا قدرة للشاعر على وصفه، أو كاتب مهما بلغ من العلم في اللغة أو في الوصف.
البيت السادس
يقول الشاعر:
فَتحٌ تَفَتَّحُ أَبوابُ السَماءِ لَهُ
- وَتَبرُزُ الأَرضُ في أَثوابِها القُشُبِ.
والدليل القاطع على عظمته أنَّ السماء باركته وفتحت أبوابها له، إضافةً إلى أنَّ الأرض شاركت الفرحة بهذا النصر وتزينت بثيابها الجميلة.
البيت السابع
يقول الشاعر:
يا يَومَ وَقعَةِ عَمّورِيَّةَ اِنصَرَفَت
- مِنكَ المُنى حُفَّلاً مَعسولَةَ الحَلَبِ.
وهنا يتعجب الشاعر من عظم يوم فتح عمورية، حيث أنَّه يوم عظيم تحققت فيه الأمنيات بنصر المسلمين على الروم وفتح عمورية.
البيت الثامن
يقول الشاعر:
لَقَد تَرَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ بِها
- لِلنارِ يَوماً ذَليلَ الصَخرِ وَالخَشَبِ.
عند خروجه منها؛ تركها القائد المظفر المعتصم بكلِّ عزَةٍ و فخر طعمة للحريق، و أذلَّ أهلها وجندها واخزاهم حتى لايفكروا يوماً بالاعتداء على المسلمين مرة أخرى.
البيت التاسع
يقول الشاعر:
غادَرتَ فيها بَهيمَ اللَيلِ وَهوَ ضُحىً
- يَشُلُّ هُ وَسطَها صُبحٌ مِنَ اللَهَبِ
غادرتها وقد انقلبت أحلك لياليها إلى نهار مضيء وساطع، و ظلامه الدامس إلى صبح منير، مما يدل على عظم النيران وشراستها التي أحرقت المدينة بأكملها.
البيت العاشر
يقول الشاعر:
تَدبيرُ مُعتَصِمٍ بِاللَهِ مُنتَقِمٍ
- لِلَّهِ مُرتَقِبٍ في اللَهِ مُرتَغِبِ.
كان هذا الفتح من تخطيط المعتصم وثباته على الحق متمسكاً بالله مخلصاً للدين ومتقرباً إلى الله به.
البيت الحادي عشر
يقول الشاعر:
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ
- إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ.
يخشاه أعداؤه، ويدب في قلوبهم الرعب قبل وصول جيشه إليهم، وهذا دليل على كبر جيشه من حيث العدد اًو العُدة.
البيت الثاني عشر
يقول الشاعر:
رَمى بِكَ اللَهُ بُر جَيها فَهَدَّمَها
- وَلَو رَمى بِكَ غَي رُ اللَهِ لَم يُصِبِ.
لقد انهارت عمورية وتهدمت حصونها الشاهقة على يد الخليفة المعتصم بالله متوكلاً على الله فمنَّ الله عليه بهذا الفضل العظيم وهذا النصر المؤزَّر.
البيت الثالث عشر
يقول الشاعر:
خَليفَةَ اللَهِ جازى اللَهُ سَعيَكَ عَن
- جُر ثومَةِ الدِينِ وَالإِسلامِ وَالحَسَبِ.
يقدم الشاعر في نهاية القصيدة الثناء والشكر للمعتصم، والدعاء له بسبب مساعيه الجاهدة للدفاع عن الإسلام والمسلمين.
نبذة عن أبي تمام
هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائيّ، وكانت كنيته أبا تمّام، ولد في قريةٍ تُدعى جاسم في قضاء دمشق بسوريا عام 188هـ، وهو شاعرٌ فحل من شعراء العرب الكبار ، وقد قارن الكثيرون بينه وبين المتنبّي والبحتري ومنهم من فضله عليهما، وقد كان أبو تمام شغوفاً بالعلم والشّعر؛ حيث حفظ الكثير من الشّعر، وقلّد العديد من الشعراء، و حفظ عن العرب عشر آلاف أرجوزة والكثير من القصائد والمقاطع الشعريّة، وسافر إلى مصر في لطلب العلم .