شرح قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها)
شرح قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها)
قصيدة "وذات دل" هي إحدى قصائد الشاعر العباسي بشار بن برد يصف فيها مجلس لهو فيه جارية تغنّي قصيدة، وفيما يأتي شرحها وإضاءة على ما فيها:
أبيات قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها)
يقول الشاعر العباسي بشار بن برد:
وَذاتُ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها
- باتَت تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سَكرانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
- قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا
فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي
- فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا
يا حَبَّذا جَبلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ
- وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
قالَت فَهَلّا فَدَتكَ النَفسُ أَحسَنَ مِن
- هَذا لِمَن كانَ صَبَّ القَلبِ حَيرانا
يا قَومُ أُذني لِبعَضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
- وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا
فَقُلتُ أَحسَنتِ أَنتِ الشَمسُ طالِعَةٌ
- أَضرَمتِ في القَلبِ وَالأَحشاءِ نيرانا
فَأَسمِعينِيَ صَوتاً مُطرِباً هَزَجاً
- يَزيدُ صَبّاً مُحِبّاً فيكِ أَشجانا
يا لَيتَني كُنتُ تُفّاحاً مُفَلَّجَةً
- أَو كُنتُ مِن قُضَبِ الرَيحانِ رَيحانا
حَتّى إِذا وَجَدَت ريحي فَأَعجَبَها
- وَنَحنُ في خَلوَةٍ مُثِّلتُ إِنسانا
فَحَرَّكَت عودَها ثُمَّ اِنثَنَت طَرَباً
- تَشدو بِهِ ثُمَّ لا تُخفيهِ كِتمانا
أَصبحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ
- لأَكثَرِ الخَلقِ لي في الحُبِّ عِصيانا
فَقُلتُ أَطرَبتِنا يا زَينَ مِجلِسِنا
- فَهاتِ إِنَّكِ بِالإِحسانِ أَولانا
لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ يَقتُلُني
- أَعدَدتُ لي قَبلَ أَن أَلقاكِ أَكفانا
فَغَنَّتِ الشَربَ صَوتاً مُؤنِقاً رَمَلاً
- يُذكي السُرورَ وَيُبكي العَينَ أَلوانا
لا يَقتُلُ اللَهُ مَن دامَت مَوَدَّتُهُ
- وَاللَهُ يَقتُلُ أَهلَ الغَدرِ أَحيانا
لا تَعذِلوني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِها
- نَشوانُ هَل يَعذِلُ الصاحونَ نَشوانا
لَم أَدرِ ما وَصفُها يَقظانَ قَد عَلِمَت
- وَقَد لَهَوتُ بِها في النَومِ أَحيانا
باتَتَ تُناوِلُني فاهاً فَأَلثُمُهُ
- جِنِّيَّةٌ زُوِّجَت في النَومِ إِنسانا
شرح أبيات قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها)
يقول الشاعر العباسي بشار بن برد:
وَذاتُ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها
- باتَت تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سَكرانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
- قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا
فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي
- فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا
يقول بشار في هذا المقطع إنّ جارية كأنّها القمر جمالًا قد بدأت بالغناء وهو في حالة من الانتشاء حتى كأنّه قد صار سكرانًا، كانت هذه الجارية تغني قصيدة جرير " بان الخليط "، وقد وصلت إلى قوله إنّ العيون التي في طرفها حور، فهنا قال لها بشار أحسنتِ يا منيتي فزيدي في الغناء العذب، ودعا لها بأن تزداد إحسانًا.
يا حَبَّذا جَبلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ
- وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
قالَت فَهَلّا فَدَتكَ النَفسُ أَحسَنَ مِن
- هَذا لِمَن كانَ صَبَّ القَلبِ حَيرانا
يا قَومُ أُذني لِبعَضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ
- وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا
فَقُلتُ أَحسَنتِ أَنتِ الشَمسُ طالِعَةٌ
- أَضرَمتِ في القَلبِ وَالأَحشاءِ نيرانا
فَأَسمِعينِيَ صَوتاً مُطرِباً هَزَجاً
- يَزيدُ صَبّاً مُحِبّاً فيكِ أَشجانا
تتابع الجارية الغناء وتصل إلى قول جرير : "يا حبّذا جبل الريان"، تقول الجارية مخاطبة ابن برد فدتك نفسي إن كنت صبًّا بي، فيقول بشار إنّ أذنه قد عشقت جارية من خلال صوتها، وأحيانًا الإنسان يعشق الصوت قبل أن يرى صاحبه، وفي ذلك كناية عن إصابته بالعمى، ثمّ يتابع غزله للجارية فيقول لها إنّها كالشمس جمالًا ويطلب منها الاستمرار بالغناء بصوتها الشجي العذب.
يا لَيتَني كُنتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَةً
- أَو كُنتُ مِن قُضَبِ الرَيحانِ رَيحانا
حَتّى إِذا وَجَدَت ريحي فَأَعجَبَها
- وَنَحنُ في خَلوَةٍ مُثِّلتُ إِنسانا
فَحَرَّكَت عودَها ثُمَّ اِنثَنَت طَرَباً
- تَشدو بِهِ ثُمَّ لا تُخفيهِ كِتمانا
أَصبحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ
- لأَكثَرِ الخَلقِ لي في الحُبِّ عِصيانا
فَقُلتُ أَطرَبتِنا يا زَينَ مِجلِسِنا
- فَهاتِ إِنَّكِ بِالإِحسانِ أَولانا
لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ يَقتُلُني
- أَعدَدتُ لي قَبلَ أَن أَلقاكِ أَكفانا
يتمنى بشار هنا أن يكون تفاحة أو ريحانة كي يختلي بالمحبوبة فيتمثل لها إنسانًا في الخلوة، ثم تتابع الجارية الغناء والعزف على العود، يقول بشار إنّه في هذه اللحظة قد صار مطواعًا في يد الجارية مع أنّها لم تطوّع له ولم تبادله تلك المشاعر التي يبادلها إيّاها، ثمّ يثني عليها ويطالبها بمزيد من الغناء ويقول لو كان يعلم أنّ الحب يقتل الإنسان لأعدّ لنفسه الكفن قبل لقاء هذه الجارية.
فَغَنَّتِ الشَربَ صَوتاً مُؤنِقاً رَمَلاً
- يُذكي السُرورَ وَيُبكي العَينَ أَلوانا
لا يَقتُلُ اللَهُ مَن دامَت مَوَدَّتُهُ
- وَاللَهُ يَقتُلُ أَهلَ الغَدرِ أَحيانا
لا تَعذِلوني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِها
- نَشوانُ هَل يَعذِلُ الصاحونَ نَشوانا
لَم أَدرِ ما وَصفُها يَقظانَ قَد عَلِمَت
- وَقَد لَهَوتُ بِها في النَومِ أَحيانا
باتَتَ تُناوِلُني فاهاً فَأَلثُمُهُ
- جِنِّيَّةٌ زُوِّجَت في النَومِ إِنسانا
يقول بشار ختامًا إنّ الجارية قد غنّت بصوت شجّي يثير البكاء ويهيّج بواعث السرور في النفس، ثمّ يتابع فيقول إنّ الله -تعالى- لا يعاقب أهل الود في حين أنّه يعاقب الغادرين، ويقول لأصحابه ألّا يلوموه في حب هذه الجارية فإنّه سكران والسكران لا يؤاخذ، ويقول إنّه في اليقظة قد أحبها وفي المنام يحلم أن يلهو معها.
معاني مفردات قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها)
في قصيدة (وذات دل كأن البدر صورتها) توجد بعض المعاني التي تحتاج إلى توضيح، ومنها ما يأتي:
المفردة | معنى المفردة |
دل | الدل هو الغنج والدلال والتلوّي. |
حوَر | الحوَر شدة السواد في سواد العين مع شدة البياض في بياضها. |
صب | رجل صب أي عاشق ومشتاق. |
مفلَّجة | التفلّج والانفلاج هو التباعد، والتفاحة المفلجة أي المقطعة إلى قطع. |
أضرمتِ | يُقال أضرمَ الرجل النار إذا أشعلها. |