أسباب الطرد من رحمة الله
أسباب الطرد من رحمة الله
(الطرد من رحمة الله) هذه الجملة تعريفٌ لكلمة اللَّعن؛ والتي جاءت عقاباً لبعض المخالفات التي يقوم بها العبد؛ فإنَّ اللَّعن هو الطرد والإبعاد عن مظانِّ الرحمة، واللَّعن في النصوص الشرعيّة جاء لمن يستحقّه، فمن لَعنه الله ترتّب على ذلك طَرْده من رحمة الله، وسنذكر هنا بعض الأسباب التي رتَّب الشرع عليها عقوبة اللَّعن؛ لتتَّعظ النفوس وتبتعد عنها، وفيما يأتي بيان لذلك.
الذبح لغير الله
(سُئِلَ عَلِيٌّ، أَخَصَّكُمْ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بشيءٍ؟ فَقالَ: ما خَصَّنَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- بشيءٍ لَمْ يَعُمَّ به النَّاسَ كَافَّةً، إلَّا ما كانَ في قِرَابِ سَيْفِي هذا، قالَ: فأخْرَجَ صَحِيفَةً مَكْتُوبٌ فِيهَا: لَعَنَ اللَّهُ مَن ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ)، وقد قيل إنَّ اللّعن هنا بمعنى الخبر، وقيل إنَّه بمعنى الدعاء؛ واستحقَّ صاحب هذا الفعل العقوبة؛ لأنَّه لا يجوز للعبد أن يصرف عملاً لغير الله، أياً كانت من العبادات الظاهرة والباطنة .
من يُغيّر منار الأرض
قال -صلى الله عليه وسلم- في تتمة الحديث السابق: (وَلَعَنَ اللَّهُ مَن سَرَقَ مَنَارَ الأرْضِ)، ومنار الأرض؛ هو الحدُّ في الأرض، الذي يفصل بين أرض كلِّ شخص، ففي تغييره أكل لحقوق العباد، ويُسمَّى بالعامية الوتد أو الحدّ، فلا يُغيره إلا من قل إيمانه، فهو بذلك يستحق اللعن.
لاعن والديْه
قال -صلى الله عليه وسلم- في تتمة الحديث السابق: (وَلَعَنَ اللَّهُ مَن لَعَنَ وَالِدَهُ)، فإنَّ اللّعن من عقوق الوالدين وإيذائهم، وقد يكون المعنى هو أن يشتم الرجل غيره فيلعن والده، فقد جاء النهي عن هذا أيضاً.
من آوى مُحدِثاً
وهذا هو الصنف الرابع الذي قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلعنهم في الحديث السابق: (وَلعَنَ الله مَن آوى مُحدِثاً)، المُحدِث هو من قام بجريمة يستحقُّ عليها العقاب، فملعونٌ من حَماه وآواه، أو منع مَنْ يتعرَّض له، أو أنَّ المحدث من قام بابتداع أمرٍ مخالفٍ في الدين؛ ليس له أصل في كتاب الله ولا في سُنة رسوله، فإنَّ من آواه أقرّه على بدعته ملعون.
المُغيرات لخلق الله
عن عبد الله بن مسعود أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ قالَ: فَبَلَغَ ذلكَ امْرَأَةً مِن بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ القُرْآنَ، فأتَتْهُ فَقالَتْ: ما حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أنَّكَ لَعَنْتَ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ).
وقد ذكر الحديث الشريف عِدّة أصناف من النساء اللواتي استحقن اللعنة؛ لتغييرهن خلق الله، وبهذا يتبيّن خطورة طاعة الشيطان، ففي تغيير خلق الله أيضاً تسخُّط على أقدار الل ه، ومن هذه الأفعال التي تستحقّ اللّعن ما يأتي:
ومن هذه الأفعال التي تستحقّ اللّعن الوشم والنمص وتفليج الأسنان؛ فإنَّ الوشم هو غرس الإبرة في الجلد، فيخرج الدم فتضع المرأة الكُحل، أو أي لون آخر ويكون ذلك في العضد، أو اليد أو الذقن، كما أنَّ النمص هو إزالة الشعر ونتفه، دون تحديد شعر الحاجب، أما التفليج فهو برد الأسنان والمباعدة بين السنِّ والآخر، فهذا الفعل يظهرها أصغر من عمرها ويظهر جمالها.