شرح دعاء موسى (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)
دعاء موسى -عليه السلام-
بعث الله -تعالى- نبيه موسى -عليه السلام- وأمره بأمرٍ عظيم إذ أرسله إلى فرعون حتى يدعوه إلى توحيد الله، فدعا نبي الله موسى ربه: (قَالَ رَبِّ اشرَحۡ لِي صدرِي* ويسر لي أَمرِي* وَاحلل عُقدَة مِّن لِّسَانِي* يَفقَهُواْ قَولِي* وَاجعَل لِّي وَزِيراً مّن أَهلِي* هَارُونَ أَخِي* اشدُد بِهِ ۦٓأزري* وَأَشرِكهُ في أَمرِي* كي نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذكُرَكَ كَثِيرًاً* إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً).
شرح دعاء النبي موسى
شرح دعاء نبي الله -تعالى- موسى ما يأتي:
- بدأ النبي موسى -عليه السلام- بقول: (رَبِّ اشرَحۡ لِي صدرِي)؛ أي يا رب وسع قلبي بالنور والإيمان والحكمة حتى أتحمل الأذى بأنواعه، فإن كان أذى فعلي تحملته، وإن كان أذى قولي تحملته، فإنَّ انشراح الصدر يحوّل مشقة التكليف إلى راحة ونعيم.
- قوله (ويسر لي أَمرِي)؛ أي يا رب سهّل علي كل أمرٍ أخطوه وكل طريقٍ أتجِه إليه في سبيلك، وهوّن علي يا إلهي ما أمرّ به من الشدائد والصعاب.
- قال نبي الله موسى: (وَاحلل عُقدَة مِّن لِّسَانِي يَفقَهُواْ قَولِي)؛ فهنا يدعو موسى ويطلب من الله -تعالى- التوفيق، وأن يكون حَسُنَ الكلام مع الناس عندما يدعوهم إلى الله وحده.
حيث كان سؤال موسى -عليه السلام- أن يُشيل الله -تعالى- عنه "اللثغ"، وكان قد حصل عليها عندما عُرض عليه في قصر فرعون الجمرة والتمرة، فأخذ الجمرة ووضعها على لسانه، فهو لم يطلب أن يزال منه بالكامل بل أراد أن يزول العيّ بحيث يحصل فهم ما يراد منه الناس وهو قدر الحاجة.
- بعد أن سأل الله -تعالى- هذه الأمور طلب أمر آخر وهو: (وَاجعَل لِّي وَزِيراً مّن أَهلِي، هَارُونَ أَخِي)، وهنا بيَّن الغاية من جعل هارون عليه السلام أخاه وزيراً أي سنداً، عندما قال: (كي نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذكُرَكَ كثيراً إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً).
"كي" تفيد السببية، فقول يا رب إني سألتك كل هذه الأمور والسبب من هذا حتى نسبحك كثيراً ونذكرك؛ أي نحمدك ونشكرك ونهللك وغيرها من الأمور التي سوف تُعين كلانا الآخر على الدعوة، فدعاء نبي الله موسى دعاء جميل تضمَّن سؤال الله -تعالى- بأدب بأن يكون العون له على أمور الدين من العبادة والدعوة.
سبب دعاء نبي الله موسى بهذا الدعاء
بعث الله -تعالى- نبيه موسى -عليه السلام- إلى فرعون ، وهو أشدّ متجبّر في الأرض، فكان موسى -عليه السلام- خائفاً من مواجهة فرعون، فدعا ربه بهذا الدعاء كما ذُكر في سورة طه، وأراد إشراك أخيه هارون بدعوته حتى تأتيه العزيمة ويكون سنداً وعوناً له، فقد كان هارون -عليه السلام- شديد فصاحة اللسان.
وهذه الآيات كانت سؤال موسى -عليه السلام- لله -سبحانه وتعالى- بأن يشرح صدره بالأمر الذي بعثه إليه، وهو أن بعثه إلى أعظم ملك في تلك الأيام وأشدهم كفراً، إلى فرعون الذي تجبر وقال "أنا ربكم الأعلى" وأكثرهم جنوداً.