شرح حديث (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا)
شرح حديث (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا)
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ)، وقد جاء هذا الحديث الشريفِ مبينًا فضلَ العلمِ ، وفضلَ السعيِ إليهِ، فيُخبر رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فيهِ أنَّ سلوكَ طريقِ العلمِ سبب لتسهيلِ طريقِ الجنَّة على العبدِ.
وإنَّ سلوكَ طريقِ العلمِ يحتملُ أن يكونَ سلوكًا حقيقيًا من خلالِ المشيِ بالأقدامِ إلى مجالسِ العلمِ، ويحتمل أن يكونَ سلوكًا معنويًا من خلالِ القراءةِ والدراسةِ والحفظِ والفهمِ والتفكِّر الذي يُؤدي بالمسلمِ إلى المعرفةِ والعلمِ.
والمراد بالطريقَ الذي يسهله الله -عزَّ وجلَّ- لطالب العلمِ الذي يُوصله إلى الجنَّة، فقد تباينت أقوال أهلِ العلمِ في المراد منه، وفيما يأتي بيان هذه الأقوالَ بشيءٍ من التفصيلِ:
- القول الأول
إنَّ المرادَ من طريقِ الجنَّة هو أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يسهِّل لطالب العلمِ، العلمَ الذي طلبه وسعى إليهِ وييسره له، وهذا العلمُ هو سببُ دخوله إلى الجنَّة؛ إذ إنَّ العلمَ أساس يعدُّ سببًا من أسبابِ دخولِ الجنَّة .
- القول الثاني
إنَّ المرادُ من طريقِ الجنَّة الذي يسهِّله الله -عزَّ وجلَّ- على طالبِ العلمِ، هو أنَّ الله -تعالى- يسهِّل العمل بالعلمِ الذي سعى إليه، ويكونُ هذا العمل سببًا من أسباب هدايةِ هذا المرءِ، ودخوله إلى الجنَّة.
- القول الثالث
إنَّ المرادَ من طريقِ الجنَّة الذي يسهِّله الله -عزَّ وجلَّ- على طالبِ العلمِ، هو أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يسهِّل على طالب العلمِ بالعلمِ الذي سعى إليهِ، علومًا أخرى تكونُ سببًا من أسبابِ دخولهِ إلى الجنَّة.
نوع العلم في حديث (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا)
الشرعَ الحنيفَ حثَّ على تعلِّم العلومِ الدنيويةِ النافعة، ورتَّبَ الأجرُ العظيمِ على من تعلَّمها بنيةِ القربِ من الله -عزَّ وجلَّ- ونفع المسلمينَ، وبالرغمِ من أنَّ بعض أنواعِ العلومِ الدنيوية يعدُّ تعلُّمها فرضُ كفايةٍ على المسلمينَ، إلَّا أنَّ مراد النبيِّ من العلمِ في قوله: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ)، هو العلمُ الشرعي دونَ غيره.
الدروس المستفادة من حديث (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا)
هناكَ عدد من الدروسِ والفوائد التي يُمكن استنباطها من قولِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ)، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- دلَّ الحديث الشريف على عظيمِ منزلةِ طلبِ العلمِ عند الله -تعالى-، وذلك من خلالِ بيانِ الفضلِ المترتبِ عليه.
- دلَّ على شموليةِ أنواعِ العلوم الدينية الشرعية التي تدخلُ في هذا الفضلِ؛ وهذا مستنبطٌ من تنكيرِ كلمةِ طريق.
- دلَّ على دخول قليل العلمِ الشرعي وكثيره في الفضلِ، وهذا مستنبطٌ من تنكيرِ كلمة علم.