شرح حديث (قال أمك قال: ثم من)
حديث (قال أمك قال: ثم من)
روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- في صحيحه أنه قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ)، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه.
شرح حديث: (قال أمك قال: ثم من)
مفردات الحديث
في الحديث مفردات في الآتي بيان معانيها:
- أَحَقُّ: أولى.
- حسن صَحَابَتي: أي بالمرافقة والعشرة.
المعنى الإجماليّ للحديث
الإحسان إلى الوالدين أمر من الله تعالى، وهو واجب في حقّ الأولاد، وقد قرن الله عبادته وعدم الإشراك به بالإحسان إليهما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، والإحسان لهما يكون بزيادة الألفة تجاههما، فهما سبب وجود الولد بعد الله تعالى، وفي هذا الحديث يُسأل النّبي -صلى الله عليه وسلم- عن أولى النّاس بالإحسان وحسن المعاشرة، فكان جواب النّبي -عليه الصلاة والسلام- بأنّ أولى النّاس بهذا كلّه هي الأم؛ لفضلها العظيم على الولد في ولادته والاعتناء به وحسن تربيته والتضحية لأجله إلى غير ذلك، وأكدّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك ثلاث مرات، ثم ذكر حق الأب بعد ذلك، وليس المراد التقليل من شأنه وإنّما ليدل على فضل الأم وإعلاءً لشأنها.
ما يُستفاد من الحديث
في الحديث جُملة من الفوائد والمعاني، نذكر منها ما يأتي:
- وجوب الإحسان إلى الوالدين.
- تأكيد الشرع على برّ الأم مرارًا.
- فضل الأم على الأولاد فهي رمز للتضحية والوفاء والنقاء.
- أهمية الإحسان للوالدين وتفضيلهما على سائر الناس والأقارب، فهما أحق ب حسن الخلق ولطف التعامل ولين الجانب.
أحاديث أخرى في الإحسان للوالدين
نذكر منها ما يأتي:
- ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلَاةُ علَى وقْتِهَا قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: برُّ الوَالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهَادُ في سَبيلِ اللَّهِ قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي).
- ما رواه عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا).
- ما روته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (نِمتُ فرأيتُني في الجَنَّةِ، فسمِعتُ صَوتَ قارئٍ يَقرَأُ، فقُلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: هذا حارِثةُ بنُ النُّعمانِ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كذلك البِرُّ!كذلك البِرُّ! وكان أبَرَّ النَّاسِ بأُمِّه).