شرح حديث (الكلمة الطيبة صدقة)
شرح حديث (الكلمة الطيبة صدقة)
الكلمة الطيبة هي عماد الدعوة، وسبب قبول الحق، وقد جاءت هذه العبارة في عدة أحاديث منها:
- حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).
- حديث عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- قال: أنَّ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ منها، وَأَشَاحَ بوَجْهِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ قالَ: (اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فإنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ).
وأصل الطيب ما تستلذه الحواس، والكلمة الطيبة من أفضل أعمال الخير، قال الله -تعالى-: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ)، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الكلمة الطيبة صدقة؛ لأنّ بين إعطاء المال للمحتاج وبين الكلام الطيب وجه تشابه، وهو أنّ كلاهما يفرح قلب صاحبه.
صور الكلمة الطيبة
حثّ الله -سبحانه وتعالى- عباده على الكلمة الطيبة، سواء كانت في حقّ الله أو في حقّ العباد، وللكلمة الطيبة صورٌ عديدة، ومنها ما يأتي:
- الكلمة الطيبة في حقّ الله
وتكون بذكر الله - تعالى- ، والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، والدعاء.
- الكلمة الطيبة في حق العباد
وتكون بالصلاة على النّبي -صلى الله عليه وسلم-، وإفشاء السلام، والثناء على من يستحق، والنصيحة، وقول كلمة الحق، والتواضع أثناء الكلام، وفُسِّرت الكلمة الطيبة بأنها قول: لا إله إلا الله، وهي كلمة التوحيد، وقيل هي: دعوة الإسلام، وقيل هي القرآن الكريم، ويقابل الكلمة الطيبة الكلمة الخبيثة ، ومن أمثلتها الشرك بالله، ووصف الله -تعالى- بالنقائص، وبذاءة اللسان، والغيبة، والنميمة.
فضل الكلمة الطيبة
للكلمة الطيبة فضائل كثيرة، ومنها ما يأتي:
- الكلمة الطيبة عبادة جليلة، يترتب عليها الأجر والثواب؛ لأنّ الله -تعالى- حثّ عليها، وأمر بها أنبيائه ورسله، قال الله -تعالى-:(اذهَبا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغى* فَقولا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشى).
- أنّ الله -تعالى- شبهها بالشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، قال الله -تعالى-: (أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُها ثابِتٌ وَفَرعُها فِي السَّماءِ* تُؤتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بِإِذنِ رَبِّها وَيَضرِبُ اللَّـهُ الأَمثالَ لِلنّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرونَ* وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ).
والشجرة الطيبة هي الشجرة الثابتة القوية المثمرة التي لا تؤثر فيها الرياح العاتية، ولا الأعاصير المزلزلة، وكذلك هي الكلمة الطيبة فإنها تثمر كل خير في قلوب الناس.
- الكلمة الطيبة سبب عظيم في تطييب قلوب الناس، وإدخال السرور في قلوبهم، قال الله -تعالى-: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ).
- الكلمة الطيبة سبب من أسباب دخول الجنة، فقد ثبت في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ).
- الكلمة الطيبة سبب من أسباب السعادة في الدّنيا والآخرة ، والطريقة المُثلى لإيصال رسالته، ومن خلالها يستطيع الوصول إلى قلوب النّاس، قال الله -تعالى-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
- الكلمة الطيبة سبب من أسباب التفاؤل، ونشر ثقافة البِشْر والتيسير على الناس، فقد ثبت عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، بَعَثَ مُعَاذًا وأَبَا مُوسَى إلى اليَمَنِ قالَ: يَسِّرَا ولَا تُعَسِّرَا، وبَشِّرَا ولَا تُنَفِّرَا، وتَطَاوَعَا ولَا تَخْتَلِفَا).