شرح حديث (أنا عند ظن عبدي بي)
نص حديث (أنا عند ظن عبدي بي)
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -تعالى-: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي)، "و الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله؛ ولهذا يقول -النبي صلى الله عليه وسلم-: قال الله -تعالى-، وفي حديث أبي ذر فيما يرويه عن ربه، قال الله -تعالى-: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا).
فالحديث القدسي لفظه ومعناه من الله، وهو مثل القرآن فإن لفظه ومعناه من الله، إلا أن القرآن له أحكام تختلف عن الحديث القدسي، فالقرآن يتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته."
شرح حديث (أنا عند ظن عبدي بي)
وعد الله لعباده المؤمنين
إن من أسماء الله -تعالى- الكريم، الرحيم، الغفار، العفو، الرزاق وغيرها وبتلك الأسماء يبين لنا الله -تعالى- صفاته والمؤمن يجب أن يوقن بتلك الصفات ويعلم أن الله -تعالى- وحده القادر على أن يلبي لنا ما نتمنى، وفي هذا الحديث بيّن لنا الله -تعالى- وعده بأنه سيقدم لعباده ما يظنون به وما يرجون منه، فإن وثقوا بكرم الله -تعالى- ورحمته أكرمهم وأنزل عليهم رحمته وحقق لهم ما يطلبون.
أما إن عظموا ذنوبهم أو إن لم يكونوا يؤمنون بقدرة -الله تعالى- أو يشككون بعظمته وكرمه على عباده، وظنوا بالله -تعالى- شراً كان لهم ما ظنوا، فإبليس ظن بالله -تعالى- العذاب وعدم المغفرة فكان من الله -تعالى- أن يعطيه ما ظن.
وأما المؤمن وإن كان مذنب ومخطئ ولكن اجتهد وطلب من الله -عز وجل- مثلا الرزق وكان يظن بالله -تعالى- أنه سيرزقه فإن الله -تعالى- سيرزقه ويعطيه ما ظن به.
ظن العبد بالله خيرا
من كان يؤمن بالله -تعالى- حق الإيمان ويعلم أن أمرنا كله بيد الله -تعالى- فسيكون واثقاً ومصدقاً لصفاته العظيمة فهو يعلم أنه إن طلب من ربه دعاء أو مغفرة وتوبة وعلم قدرة الله -عز وجل- وعظيم كرمه وكان يظن -بالله تعالى- تحقيق ما تمنى أعطاه الله -تعالى- ما يرغب.
ولكن يجب على المؤمن أن يعلم أنه لا يصح بالعبد أن يظن بالله -تعالى- خيراً دون أن يقدم مجهودا أو يطلب رضا الله -تعالى- فعلى المسلم أن يؤدي عباداته ويتضرع لله -عز وجل- ثم يظن بالله -تعالى- ما يليق به وبجميل أفعاله فيحقق له الله -تعالى- ما وعده به ويكرمه بكل خير.
وعندما يضعف إيمان الإنسان فإنه يبتعد عن الله -عز وجل- وتصبح عباداته ليس الهدف منها إرضائه -جل جلاله- وإنما تأدية واجب لذلك يصبح الإنسان غير واثقا بقدرة الله -تعالى- وهذا يوصله إلى سوء الظن بالله -تعالى-، وإن العبد إذا ظن أن الله -تعالى- لن يقبل منه عمله أو توبته أو ما طلب من الله -عز وجل- وأن كل عمله وعبادته وتقربه إلى -الله عز وجل- لا ينفعه.
ومثلا يقول في نفسه إن دعوت الله -تعالى- لن يجيب لي دعائي، فبذلك يكون قد دخل في اليأس من رحمة الله -تعالى- وعدم الثقة بقدرته -جل جلاله- وهذا يعتبر من الكبائر لأنه شكك بعظمة الله -تعالى- وبذلك يقدم الله -تعالى- له ما ظن فيعطيه شرا ويقدم له ما وعده.