سيرة الفضيل بن عياض
اسم الفضيل بن عياض
الفضيل بن عياض هو ابن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي، ولد في مدينة سمرقند، ونشأ في مدينة أيبورد وهي مدينة تقع بين مدينة سرخس ومدينة نسا، رحل في طلب العلم ، فذهب إلى مدينة الكوفة الموجودة في العراق وكان كبيراً في السن فجمع الحديث الشريف، وكتب عن العديد من العلماء والأئمة والصالحين منهم منصور والأعمش وعطاء بن السائب.
وكنيته أبو علي أي أكبر أبنائه كان اسمه علي، وقيل إن ابنه علي كان أكثر من والده في الزهد والتقوى و الورع ومخافة الله -سبحانه وتعالى- وهو من كبار العلماء، وقيل إن الفضيل بن عياض ذهب إلى مدينة مكة المكرمة وأقام فيها بجانب البيت الحرام والكعبة المشرفة، مع كثير من الورع والزهد والتقوى، وكان كثير البكاء من خشية الله -تعالى-.
وقيل عن الفضيل بن عياض أنه كان يُطلق عليه لقب عابد الحرمين، وكان رجلاً صالحاً ثقة وحجة، وهو من تابعي التابعين، وهو من أعلام الهدى والتقوى، وأثنى عليه العديد من العلماء.
عبادة الفضيل بن عياض
كان يشعر الفضيل بن عياض بأنه دائما مقصرٌ في عبادته لله -سبحانه وتعالى-، بالرغم من أنه يُكثر من أداء الصلاة، وقراءة القرآن الكريم، وكان يوضع له حصير بالليل في المسجد ويصلي أول الليل، ثم ينام إذا تعب ثم يقوم يصلي وهكذا، كان ينهى دائماً عن مصاحبة أهل البدع ، وكان صادق اللسان، وله هيبة شديدة للحديث النبوي الشريف إذا حدّث، وكان صحيح الحديث الشريف.
علاقة الفضيل بن عياض بالخلفاء والولاة
كان يكثر الفضيل بن عياض من وعظ الخلفاء والولاة، ومن الخلفاء الذين كانوا في عصره الخليفة العباسي هارون الرشيد ، ففي يوم من الأيام جاء إليه الخليفة العباسي هارون الرشيد، لكي يسمع منه الموعظة والعبرة، فكان يعظه بتقوى الله -سبحانه وتعالى- ومخافة الله -سبحانه وتعالى-، والعدل بين أفراد الرعية، والنظر في شؤونهم، ويذكره في الآخرة، وكان يعتني دائماً بمعالجة القلوب.
وللفضيل بن عياض العديد والكثير من المواعظ والنصائح والعبر، وكان يعيش مع صلة وعلاقة مع ابن المبارك، وكان يمتنع دائماً من أن يأخذ من أموال وجوائز الخلفاء والولاة، كان من أقرانه سفيان بن عيينة، وابنه علي وقد مات قبل والده في حياة الفضيل بن عياض، وقد توفي أيضاً الفضيل بن عياض في مكة المكرمة سنة مئة وسبعة وثمانون للهجرة.
توبة الفضيل بن عياض
ورد عن الفضيل بن عياض قصة مشهورة في توبته إلى الله -سبحانه وتعالى-، وذلك أنه كان يعمل بقطع الطريق بين مدينة أيبورد ومدينة سرخس، وقد كان يُحب جارية حباً شديداً، وفي يوم من الأيام وبينما هو كان يصعد الجدران، سمع صوت شخص يتلو آيات من القرآن الكريم ومنها آية قوله -تعالى-: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ).
ولما سمع الفضيل بن عياض هذه الآيات رق قلبه وقال بلى يا رب وقد آن، فرجع إلى حيث جاء وتاب إلى -سبحانه وتعالى-، ثم جاء الليل فذهب الفضيل بن عياض إلى خربة وكان فيها قافلة، فسمع أصحابها يتحدثون فيما بينهم عن موعد رحيلهم بالقافلة، فقال بعض رجال القافلة نرحل الآن في المساء.
وقال البعض الآخر من رجال القافلة بل نرحل صباحاً فإن الفضيل بن عياض يكون على طريق السفر فيقطعنا ويأخذ أموالنا وأمتعتنا وكل ما في القافلة، فقال الفضيل بن عياض في نفسه، إني أسعى في الليل في فعل المعاصي والمحرمات والآثام وما يغضب الله -سبحانه وتعالى-، وهنا جماعة من المسلمين الذين يسعون في طلب رزقهم يخافون مني أن أقطع عليهم الطريق.
وأسلب وآخذ ما معهم من أموال وأمتعة، وأظن وأتيقن أن الله -سبحانه وتعالى- ساقني إليهم وأرشدني إليهم لكي أسمع ما يقولون عني، ولكي أبتعد عن فعل الحرام والمعاصي، فعلم الفضيل بن عياض أن الله -سبحانه وتعالى- يريد به خيراً، فأعلن توبته لله -سبحانه وتعالى- وقال اللهم إني تُبت إليك وجعل توبته الصادقة بجانب البيت الحرام بجوار الكعبة المشرفة.