سنن الرسول المهجورة
سنن الرسول المهجورة
هُناك الكثير من السُنن التي هجرها الناس في هذا الزمان، وسيُذكر في هذا المقال بعض هذه السُنن، مع ذكر الأحاديث والأدلّة التي تدُلّ على سُنيّتها:
سنن مهجورة في الوضوء
توجد الكثير من السُنن المهجورة في الوضوء ، وفيما يأتي بعضها:
- المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة، ودليلها: فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال -عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-: (ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فاسْتَخْرَجَها فَمَضْمَضَ، واسْتَنْشَقَ مِن كَفٍّ واحِدَةٍ فَفَعَلَ ذلكَ ثَلاثًا).
- التشهّد والدعاء المأثور بعد الانتهاء من الوضوء؛ لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ يَتَوَضَّأُ فيُبْلِغُ، أوْ فيُسْبِغُ، الوَضُوءَ ثُمَّ يقولُ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسولُهُ؛ إلَّا فُتِحَتْ له أبْوابُ الجَنَّةِ الثَّمانِيَةُ يَدْخُلُ مِن أيِّها شاءَ).
- صلاة ركعتين بعد الوضوء؛ لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هذا ثُمَّ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، والأفضل المُبادرة إلى صلاتها بعد الوضوء مُباشرةً، وإن انشغل الإنسان عنها وصلّاها بعد ذلك، فلا بأس.
- الوضوء قبل الغسل، وقد ورد ذلك في فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ).
سنن مهجورة في الصلاة
توجد العديد من السُنن المهجورة في الصلاة، وفيما يأتي بعضها:
- السواك عند القيام للصلاة؛ واستعماله عند التقدّم لأداء الصلاة ؛ لما في ذلك من طهارةٍ للفم، ودليلها حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (لَولا أن أشقَّ علَى أمَّتي لأمرتُهُم بالسِّواكِ عندَ كلِّ صلاةٍ).
- الصلاة الى سترة *، ودليلها قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا صلَّى أحدُكم فلْيُصلِّ إلى سُتْرةٍ، و لْيُدنِ منها، ولا يدعْ أحدًا يمرُّ بين يديْهِ؛ فإنْ جاء أحدٌ يمرُّ فلْيُقاتِلْه فإنَّه شيطانٌ)، وهذا حديثٌ عام يُبين سُنيّة وضع سترة عند الصلاة، سواءً أكانت الصلاة في المسجد أو في البيت، وهذه السُنّة في حق الرجال والنساء على حدٍ سواء،
- الافتراش في التشهّد الأوسط والتورّك في التشهّد الأخير؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال أبو حميد الساعدي -رضي الله عنه-: (فَإِذَا جَلَسَ في الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ علَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، ونَصَبَ اليُمْنَى، وإذَا جَلَسَ في الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، ونَصَبَ الأُخْرَى وقَعَدَ علَى مَقْعَدَتِهِ)، والافتراش يكون بجلوس المُصلّي على رجله اليُسرى مع نصب رجله اليُمنى، ويكون ذلك في الصلاة الثنائيّة، سواءً أكانت فرضاً أو نفلاً، أمّا التورك فهو فرش المُصلّي رجله اليُسرى مع نصب رجله اليُمنى وإخراجها من تحته من جهة اليمين وجعل إلإلية على الأرض، ويكون في التشهد الأخير في الصلاة الرُباعيّة والثُلاثيّة.
- الدُعاء بعد الانتهاء من صلاة الوتر في قيام رمضان ؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال أبي بن كعب -رضي الله عنه-: (كانَ رسولُ اللَّهِ ، يقرأُ في الوترِ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فإذا سلَّمَ قالَ : سُبحانَ الملِكِ القدُّوس ثَلاثَ مرَّاتٍ).
- القراءة في سُنّة راتبة الفجر بسورتيّ الكافرون والإخلاص، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد بيّن أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قَرَأَ في رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُلْ يا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} [الكافرون:1]، وَ{قُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1]).
سنن مهجورة عند النوم
توجد العديد من السُنن المهجورة عند النوم، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- النوم مُتوضئاً على الشق الإيمن، مع قراءة الدُعاء في ذلك، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ وجْهِي إلَيْكَ، وفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً ورَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأَ ولَا مَنْجَا مِنْكَ إلَّا إلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتَابِكَ الذي أنْزَلْتَ، وبِنَبِيِّكَ الذي أرْسَلْتَ).
- النوم بعد صلاة العشاء ، مع نفض الفراش ثلاث مرّات وقراءة الدُعاء الوارد، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءَ أحَدُكُمْ فِراشَهُ فَلْيَنْفُضْهُ بصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ولْيَقُلْ: باسْمِكَ رَبِّ وضَعْتُ جَنْبِي، وبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فاغْفِرْ لَها، وإنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ به عِبادَكَ الصَّالِحِينَ).
- الدُعاء بعد الاستيقاظ من النوم بالدُعاء الوارد في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (فإذا اسْتَيْقَظَ فَلْيَقُلِ : الحمدُ للهِ الذي عَافَانِي في جَسَدِي ، ورَدَّ عليَّ رُوحِي ، وأَذِنَ لي بِذكرِهِ).
- غسل اليدين ثلاث مرّات عند الاستيقاظ وقبل الوضوء، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وإذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِن نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أنْ يُدْخِلَهَا في وضُوئِهِ، فإنَّ أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ).
- الدُعاء عند الاستيقاظ من النوم، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (مَن تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ)، ومعنى تعارَّ: أي استيقظ.
سنن مهجورة في اللباس والطعام
توجد العديد من السُنن المهجورة في اللباس والطعام، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- لبس النعل باليمين ونزعه بالشمال، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ باليَمِينِ، وإذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بالشِّمَالِ، لِيَكُنِ اليُمْنَى أَوَّلَهُما تُنْعَلُ وَآخِرَهُما تُنْزَعُ).
- لبس البياض من الثياب، وقد اتّفق أصحاب المذاهب الأربعة على استحباب لبس الأبيض من الثياب، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (البَسوا مِن ثيابِكُم البياضَ ، فإنَّها من خيرِ ثيابِكُم ، وكفِنوا فيها مَوتاكُم)، كما ويُستحب لبس الجميل والحسن من الثياب دون إسراف، لقوله -تعالى-: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ)، كما ويُسنّ الدُعاء بعد لبس الثياب الجديدة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ومَنْ لبِسَ ثوبًا فقال: الحمدُ للهِ الّذي كسَانِي هذا، ورزَقَنِيِهِ من غيرِ حولٍ مِنِّي ولا قُوَّةٍ غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِهِ ومَا تأخَرَّ).
- التسمية في أوّل الطعام أو الشراب، وإذا نسي المسلم التسمية في البداية فإنه يقول: بسم الله أوله وآخره عندما يتذكر، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عليه)، كما وقال -عليه السلام-: (إذا أكل أحدُكم طعامًا فليذكرِ اسمَ اللهِ، فإنْ نسيَ أن يذكرَ اسمَ اللهِ فى أولِه، فليقلْ : بسمِ اللهِ على أولِه وآخرِه)، والفائدة من التسمية هي حرمان الشيطان من المُشاركة في الطعام، ولفظها: بسم الله، ويجوز قول: بسم الله الرحمن الرحيم، كما جاء عن الإمام النوويّ، كما ويُسنّ قول: الحمد لله بعد الانتهاء من الطعام، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ العَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا).
- الشرب ثلاثاً، اقتداءً بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ في الشَّرَابِ ثَلَاثًا، ويقولُ: إنَّه أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ).
- لعق الأصابع وإناء الطعام قبل غسل اليدين أو مسحهما؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك والذي وجّهه لبعض الصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، كما ويُسنّ الدُعاء بعد الانتهاء من الأكل، وورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عدّة صيغ للحمد؛ كقوله: (فإذا فرغَ من طعامهِ قالَ اللَّهمَّ أطعَمتَ وسقيتَ وأغنَيتَ وأقنيتَ وهدَيتَ وأحيَيتَ فلكَ الحمدُ علَى ما أعطيتَ).
- السحور على التمر، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (نعمَ سحورُ المؤمنِ التَّمرُ).
- التعجيل في الإفطار في رمضان، وتأخير السحور، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ)، واقتداءً بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال عندما سُئل عن فعل النبيّ وزيد بن حارثة -رضي الله عنه-: (كَمْ كانَ بيْنَ فَرَاغِهِما مِن سَحُورِهِما ودُخُولِهِما في الصَّلَاةِ؟ قالَ: قَدْرُ ما يَقْرَأُ الرَّجُلُ خَمْسِينَ آيَةً).
- الدُعاء بعد الانتهاء من شُرب اللبن، اقتداءً بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقد جيء إليه بإناءٍ فيه لبن، فشرب منه، ثُمّ قال: اللَّهمَّ بارك لنا فِيه وأَطعمنَا خَيراً مِنه، قال -عليه السلام-: (مَنْ أَطْعَمَهُ اللهُ طعامًا ، فلْيَقُلْ : اللهم بارِكْ لنَا فيه وأطعِمْنَا خيرًا مِنْهُ ، ومَنْ سقاهُ اللهُ لبنًا ، فلْيَقُلْ : اللهم بارِكْ لنا فِيهِ ، وزِدْنا مِنْهُ فإِنَّه ليس شيءٌ يُجْزِيهِ مِنَ الطعامِ والشرابِ غيرُ اللبنِ).
- المضمضة بعد الانتهاء من شرب الّلبن وغيره، لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال عبدالله بن عبّاس -رضي الله عنه-: (إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ، وقالَ: إنَّ له دَسَمًا).
- تهادي الطعام بين الجيران، لوصيّة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبيّ ذر -رضي الله عنه- قال: (إذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فأكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِن جِيرَانِكَ، فأصِبْهُمْ منها بمَعروفٍ).
سنن أخرى مهجورة
توجد العديد من السُنن المهجورة في مناحي الحياة، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- تحنيك المولود؛ فيُسن تحنيك المولود بعد الولادة، ويكون ذلك بمضغ تمرة، ووضع الجزء الممضوغ على الإصبع، وإدخاله إلى فم المولود، ودلك حنكه بها؛ بتحريكه بلطف يميناً وشمالاً، حتّى تبلغ جميع فمه، ويمكن استعمال أيّ مادةٍ حلوة إذا لم يتيسّر وجود التمر، ودليل ذلك، ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بابن أبي موسى -رضي الله عنه- لما احضره له: (سَمَّاهُ إبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بتَمْرَةٍ، ودَعَا له بالبَرَكَةِ).
- تبرّك الإنسان بالمطر عند نُزوله؛ بكشف بعض البدن ليُصيبه المطر؛ لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أَصَابَنَا وَنَحْنُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَطَرٌ، قالَ: فَحَسَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَوْبَهُ، حتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قالَ: لأنَّهُ حَديثُ عَهْدٍ برَبِّهِ تَعَالَى).
- القيام عند رؤية الجنازة، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا رَأَيْتُمُ الجَنازَةَ، فَقُومُوا لَها، حتَّى تُخَلِّفَكُمْ، أوْ تُوضَعَ).
- الصلاة في النعلين الطاهرين؛ اقتداءً بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقوله، فقد صلّى مرّةً بنعليه، وقد قال -عليه السلام-: (إذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجدِ فلينظُر فإن رأى في نعليهِ قذرًا أو أذًى فليمسَحهُ وليصلِّ فيهِما).
- كتابة الوصية؛ لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ له شيءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا ووَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)؛ وفي ذلك حثّ على المُبادرة في كتابة الإنسان لوصيته، وقد جاء ذكر "ليلتين" على سبيل التقريب والمُبادرة، وليس المقصود من ذلك تحديد الوقت؛ لأنّه جاء في بعض الأحاديث ذكر ليلة، وثلاث ليالٍ.
- دُعاء المُسلم لاخوانه المُسلمين في ظهر الغيب؛ أي في غيابهم، وهو من السُنن الحسنة الواردة عن الأنبياء والصالحين؛ لأنّ ذلك من محبتهم، وابتغاء الخير لهم، والإخلاص فيه سبب من أسباب دُعاء الملائكة للشخص الداعيّ، ويؤكّد ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ، إلَّا قالَ المَلَكُ: وَلَكَ بمِثْلٍ).
- كفارة المجلس التي تُقال في نهاية المجلس، قال -عليه السلام-: (مَن جلسَ في مجلِسٍ فَكَثرَ فيهِ لغطُهُ ، فقالَ قبلَ أن يقومَ من مجلسِهِ ذلِكَ : سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحمدِكَ ، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا أنتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ ، إلَّا غُفِرَ لَهُ ما كانَ في مجلِسِهِ ذلِكَ).
- صلاة ركعتين بعد ارتكاب الذنب، أو ما تُسمى بصلاة التوبة، وهي من الصلوات المُستحبّة بإجماع المذاهب الأربعة، وأهل العلم ، وتكون بعد ارتكاب الإنسان لمعصية؛ سواءً كانت صغيرةً أو كبيرة، وتُصلّى كما تُصلّى صلاة النافلة، ويُشترط فيها ما يُشترط في النافلة، والأفضل أن يُصلّيها المُسلم مُنفرداً، ويُسنّ له الاستغفار بعد الانتهاء منها، وجاء ذكر هذه الصلاة في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ما من رجلٍ يذنبُ ذنبًا ثمَّ يقومُ فيتطَهَّرُ ثمَّ يصلِّى ثمَّ يستغفرُ اللَّهَ إلاَّ غفرَ اللَّهُ لَهُ. ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ (والَّذينَ إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسَهم ذَكروا اللَّهَ ... إلى آخرِ الآيةِ).
- بقاء اليد عند المُصافحة حتى ينزعها الآخر؛ اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؛ قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذَا استقبلَهُ الرجلُ صافحَهُ لا ينزِعُ يدَهُ حتَّى يكونَ هو الذِي نزعَ ولا يصرفُ وجهَهُ عَنْ وجهِهِ حتَّى يكونَ الرجلُ هو الذي يصرفُه).
- منع الأطفال من الخروج من البيت في أوّل الليل، وتغطية الآنية في الليل، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا كانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أوْ أمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيانَكُمْ، فإنَّ الشَّياطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ، فأغْلِقُوا الأبْوابَ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَفْتَحُ بابًا مُغْلَقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ واذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، ولو أنْ تَعْرُضُوا عليها شيئًا، وأَطْفِئُوا مَصابِيحَكُمْ).
- توديع المُسافر بما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الدُعاء والذكر، وهو قول: (استودِعُ اللَّهَ دينَكَ وأمانتَكَ وآخرَ عملِكَ).
- التداوي بالدعاء، ويكون ذلك بوضع اليد على مكان الألم، ثُم قول: (باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ).
- السعي في قضاء حوائج الناس، ونفعهم، وكشف كُرباتهم، وقضاء ديونهم، وقد بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها من أحب الأعمال إلى الله -تعالى- فقال: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ).
- الدعاء عند رؤية الهلال، وهذا الدُعاء ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، بقوله: (اللهمَّ أهلَّهُ علينَا بالأمنِ و الإيمانِ، و السلامةِ و الإسلامِ، و التوفيقِ لما تحبُ و ترضى، ربُّنا و ربُكَ اللهُ).
- الإكثار من التكبير في أيام العشر الأول من شهر ذي الحجة ، قال -تعالى-: (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)، ومن السُنن أيضاً السجود عند حصول النعم أو زوال النقم، وهو ما يُسمّى بسجود الشكر ، فقد جاء عن ابن القيم أنّ ذلك كان من هدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهدي صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، ومن السُنن أيضاً الترديد خلف المؤذّن ، باستثناء قوله: "حي على الصلاة وحي على الفلاح"، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ المُؤَذِّنُ).
تعريف السنن المهجورة
يُقصد بالسُنن المهجورة ترك الناس العمل بسُنن النبي -عليه الصلاة والسلام- وما شرعه لأمّته، فيجب على المُسلم إحيائها وتذكير الناس بها، من خلال العمل والعلم بها، وتعليمها ونشرها بين الناس، وحثّهم على التمسك بها، والتحذير من تركها، وقد رتّب النبي -عليه الصلاة والسلام- الأجر الكبير على من سعى بذلك، بقوله: (قال إنَّهُ مَنْ أحْيا سُنَّةً من سُنَّتِي قدْ أُمِيتَتْ بَعدِي فإنَّ لهُ من الأجرِ مِثلَ مَنْ عَمِلَ بِها من غَيرِ أنْ يَنْقُصَ من أُجُورِهِمْ شيئٌ ومَنِ ابْتدَعَ بِدعةً ضَلالَةً لا يَرْضَاها اللهُ ورسولُهُ كان عليه مِثلُ آثامِ مَن عَمِلَ بِها لا يُنقِصُ ذلِك من أوزارِ الناسِ (في روايةٍ من آثامِ النَّاسِ) شيئًا)،
أهميّة اتّباع الرسول عليه الصلاة والسلام
تُعدّ طاعة النبي -عليه الصلاة والسلام- واتّباعه سبباً لدخول الجنّة ، ومعصيته من أسباب رفض دخولها، قال -عليه السلام-: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى)، وتُعدّ طاعته طريق للهُدى والفلاح، ومُخالفة أوامره طريق للوقوع في العذاب والفتنة، وهذه الطاعة تكون بتقديم أوامره وأقواله على جميع أقوال البشر، وهي الأساس الذي تقوم عليه عقيدة المُسلم، وفيها طاعةٌ لله -تعالى-، وقد أمر الله -تعالى- بها في آياتٍ كثيرةٍ، من خلال الأمر بها، والنهي عن مُخالفتها، كقوله -تعالى-: (وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
الهامش
* السُترة: أن يجعل المُصلي شيئاً أمامه؛ يحول بينه وبين من يمشي أمامه.