سمات شعر أبو فراس الحمداني
سمات شعر أبي فراس الحمداني
اشتهر أبو فراس الحمداني بكونه قد كتب في معظم الأغراض الشعرية وتميّز فيها وترك بصمته، وأبو فراس الحمداني هو الحارث بن سعيد بن حمدان تعود أصوله إلى قبيلة تغلب العربية، أما أخواله فمن بني تميم، وقد نشأ أبو فراس يتيم الأب.
وقد عطف عليه ابن عمه سيف الدولة الحمداني ، مما كان له أكبر الأثر في حياته وفي شعره، فقد شبَّ وترعرع في كنف ابن عمه وفي بلاط الدولة الحمدانية، فشمله بعطفه وحنانه حتى رسخت محبته في قلب أبي فراس الصبي، وكبر ليكتب فيه الشعر ويمدحه ويفخر بنسبه وقرابته إليه.
المواضيع التي كتب فيها أبو فراس الحمداني
كتبَ أبو فراس الحمداني في معظم الأغراض الشعرية وتميّز فيها، فكانت له قصائد في الغزل والمدح والفخر بالنسب والفخر بالنفس، وقد كتب مجموعة قصائد في الأسر، أجمع النقاد على أنها من أحسن ما كتب، وأطلق عليها اسم الروميّات نسبة إلى البلاد التي كان أسيرًا فيها.
سمات أبي فراس الحمداني في الشعر
اتسمَّت قصائد وأشعار أبي فراس الحمداني بسمات لا تخفى على القارئ، ومن هذه الصفات:
- غزارة المادة اللغوية عنده والبراعة في صناعة الشعر.
- جلُّ شعره مهذبٌ ومنسجم ومتناسق، ويخلو من التعقيد الذي يُعاب به شعر معاصريه.
- السقطات في شعره شبه معدومة.
- فصاحة اللفظ وإبداع المعاني وابتكارها.
- استعمال النزعة العقلية في الشعر والتفوق فيها.
- العاطفة الشديدة ورقة الطبع وظهرت هذه السمة خصوصاً في الروميات.
- القدرة على النظم مع الإتقنان والابتكار في شتّى أغراض الشعر.
- توظيف الخبرة الواسعة في التواريخ والقصص والأنساب في أشعاره.
نماذج من شعر أبي فراس
قلَّما تجد شاعراً قادراً على أن ينظم الشعر في كل الأغراض القديم منها والمستحدث، ويبدع في نظمه مثل أبي فراس الحمداني، فمن النادر أن نجد كتابًا في اللغة والأدب يخلو من أبياتِ أبي فراس في أي موضوع كان، وسنذكر هنا بعضاً من قصائده مع وصف لما اشتملت عليه من سمات:
شعر أبي فراس الحمداني في الغزل
اتّسمت قصائد أبي فراس في الغزل بالرقة والعذوبة وجمال الوصف والتصوير، وقد تغزل بالمؤنث والمذكر كطبع معاصريه وأجاد في كليهما ومن قصائده في الغزل:
تَبَسَّمَ إِذ تَبَسَّمَ عَن أَقاحِ
:::وَأَسفَرَ حينَ أَسفَرَ عَن صَباحِ
وَأَتحَفَني بِكَأسٍ مِن رُضابٍ
:::وَكَأسٍ مِن جَنى خَدٍّ وَراحِ
فَمِن لَألاءِ غُرَّتِهِ صَباحي
:::وَمِن صَهباءِ ريقَتِهِ اِصطِباحي
فَلا تَعجَل إِلى تَسريحِ روحي
:::فَمَوتي فيكَ أَيسَرُ مِن سَراحي.
شعر أبي فراس الحمداني في الفخر
كتب أبو فراس الحمداني يفتخر بنسبه وقومه، ويذكر الذين يحاربونهم بمن يحاربون فقومه أسياد المعارك وأولاد الحروب، وفي هذا يقول:
أتزعم يا ضخم اللغاديد، أننا
- ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا
فويلك من للحرب إن لم نكن لها
- ومن ذا الذي يمسي ويضحي لها ترباً
ومن ذا يلفُّ الجيش من جنباته
- ومن ذا يقود الشم أو يصدم القلبا.
شعر أبي فراس الحمداني في الرثاء
كتب أبو فراس شعراً في الرثاء ظهرت عاطفته صادقة عميقة، تصوّر مشاعر الحزن والفقد والأسى، ومن قصائده في رثاء والدته:
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
:::بِكُرهٍ مِنكِ ما لَقِيَ الأَسيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
:::تَحَيَّرَ لايُقيمُ وَلا يَسيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ سَقاكِ غَيثٌ
:::إِلى مَن بِالفِدا يَأتي البَشيرُ
أَيا أُمَّ الأَسيرِ لِمَن تُرَبّى
:::وَقَد مُتِّ الذَوائِبَ وَالشُعورُ.
ومن أشعاره في رثاء نفسه حين أحس بدنو أجله وأرهقه الأسر، قوله:
أبنيّتي لا تحزني
- كل الأنام إلى ذهاب
أبنيتي صبراً جميلاً
- للجليل من المصاب
نوحي عليَّ بحسرة
- من خلف سترك والحجاب
قولي إذا ناديتني
- وعييت رداً بالجواب
زين الشباب فراس
- لم يمتَّع بالشباب.
الروميَّات أعذب ما قال أبو فراس الحمداني
تُسمّى القصائد التي كتبها أبو فراس الحمداني وهو في الأسر بالروميات، وقد عدها النقاد صورة واقعية للشاعر، وقد أبرزت هذه القصائد سمات أبو فراس الشخصية والشعرية فقد وصف فيها الشوق والحنين، وأتى على ذكر الحب والعتاب والصبر والبطولة وغير ذلك.
كما قال ابن خالويه إن أبا فراس قد أتى في رومياته بلون عاطفي لم يكن يعرفه من قبل، ووصفها الثعالبي بأنها لو قرأتها الوحوش لأنست بها، ومن أشهر هذه القصائد قصيدة أراك عصي الدمع، التي يقول في مطلعها:
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر
:::أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمر
بلى، أنا مشتاقٌ وعندي لوعةٌ
- ولكن مثلي لا يُذاع له سرُّ.