سبب نزول سورة المسد
ما سبب نزول سورة المسد؟
نزلت سورة المسد في صنديدٍ من صناديد كفار قريش، وهو أبو لهبٍ عمُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد في سبب نزولها قولان، وفيما يأتي ذكرهما:
- القول الأول: نزلت بأبي لهب؛ لأنَّه استهان بالنبيِّ عندما أخبرهم بأنَّه نذيرٌ لهم، فقد ورد ذلك في صحيح البخاري عن ابن عباسٍ -رضي الله عنه-: (صَعِدَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ، فَقالَ: يا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمعتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ، قالوا: ما لَكَ؟ قالَ: أرَأَيْتُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أوْ يُمَسِّيكُمْ، أما كُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قالوا: بَلَى، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فأنْزَلَ اللَّهُ: {تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ}).
- القول الثاني: نزلت بأبي لهبٍ لأنَّه كان ينطلق إلى الوفود التي كانت تأتي لمقابلة رسول الله، ويُخبرهم بأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ما هو إلَّا ساحرٌ كذاب، ثمَّ جاء وفدٌ وأصرَّ على مقابلة النبيِّ، فقال لهم أبو لهب إنَّ النبيَّ ما زال تحت العلاج تبًا له، فبلغ ذلك النبيَّ فحزن، فنزلت السورة الكريمة.
مكان نزول سورة المسد
يُمكن القول بأنَّ مكان نزول سورة المسد هو مكةَ المكرمة، وذلك استنباطًا من حديث ابن عباس الذي بيَّن سبب نزولها، حيث قال: (صَعِدَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ)، كما أنَّ سورة المسد تعدُّ أساسًا من السور المكيةِ.
ترتيب نزول سورة المسد
تعدُّ سورة المسد السورة السادسة من سور القرآن الكريم من حيث ترتيب النزول، حيث نزلت هذه السورة عقبَ نزول سورةِ الفاتحةِ وقبل نزولِ سورة الكوثر، وقيل إنَّها نزلت بعد سورة الفتح، ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هناك مناسبةً بين سورة المسد وما قبلها وما بعدها من السور بحسب ترتيب المصحف العثماني، وفيما يأتي بيان ذلك:
- مناسبة سورة المسد لما قبلها: بيَّنت سورة النصرِ أنَّ عاقبة المسلمِ المطيع الذي دخل في دين الله هو النصرَ في الدنيا، والثواب الجزيل في الآخرة، ثمَّ جاءت سورة المسد لتبيِّن أنَّ العاصي الذي بقي على كفره مآله الخسارة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
- مناسبة سورة المسد لما بعدها: ذُكر في مناسبة سورة المسد لسورة الإخلاص قولان، وفيما يأتي ذكرهما:
- إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- ذكر في سورة المسد عداوة أبي لهب لرسول الله وما لاقاه النبيُّ من عبَّاد الأوثان، فجاءت بعدها سورة الإخلاص مصرحةً بالتوحيد لتردَّ على كلِّ عبَّاد الأوثان.
- إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- عندما ذمَّ أعداء الدين في سورة المسد، فقام في سورة الإخلاص ببيان حقية التوحيد وبأنَّه أساس الدين.
دروس مستفادة من سورة المسد
معلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أمر المسلمين بتدبر كلامه عند قراءة القرآن، وفيما يأتي ذكر بعض الدروس المستفادة من سورة المسد:
- إنَّ المال والولد لا يُغني العبد من عذاب الله شيئًا.
- إنَّ النسب لا يشفع لصاحبه يوم القيامة.
- إنَّ عداوة القرابة هي من أعظم الابتلاءات التي يُبتلى بها الإنسان.
- إنَّ موت أبي لهب وزوجته على الكفر دليلٌ من أدلة صدق رسول الله.
ملخّص المقال: نزلت هذه السورة بأبي لهب؛ لأنَّه دعا على رسول الله بالتباب والهلاك، ومكان نزول سورة المسد هو مكة المكرمة، وتعدُّ سورة المسد سادس السور من حيث ترتيب نزول سور القرآن الكريم، وقد احتوت سورة المسد على عددٍ من الدروس والعبر، من أهمها أنَّ الذي يُنجي المسلم من العذاب هو عمله وصدقه مع الله، وليس ماله ونسبه.