سبب نزول سورة الحاقة
ما سبب نزول سورة الحاقة؟
إنَّ ممّا ورد في سبب نزول سورة الحاقّة أن الوليد بن المغيرة كان يصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه ساحر، بينما كان يصفه أبو جهل بأنّه شاعر، ووصفه عقبة بأنّه كاهن، فأنزل الله -تعالى- الآيات الآتية: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لَا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)، وأقسم على صدق نبيِّه محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.
ما مدى صحة الحديث المرتبط بنزول سورة الحاقة؟
أوردت بعض كتب التفسير في سبب نزول سورة الحاقة ما رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: (إنِّي أُمِرتُ أن أُدنيك ولا أُقصيك، وأن أُعلِّمَك وأن تعيَ، وحقٌّ لك أن تعيَ، قال: فنزلت هذه الآيةُ: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ})، أي تعِي ما هي عاقبة المعاصي والذنوب التي تستحقّ وقوع العذاب من الله -تعالى-.
وفي هذا الحديث نظر؛ فهو حديث شاذ ولا يُعرفُ إسنادُه، وقد نصّ السيوطي على أنّ هذا الحديث لا يصحُّ.
أين نزلت سورة الحاقّة؟
نزلت سورة الحاقّة في مكّة المكرّمة؛ فهي سورة مكّيّة بإجماع العلماء، وسُمّيت بسورة الحاقة؛ لورود لفظ الحاقّة في أوّل آية فيها، حيث إنّ هذا اللفظ لم يرد في القرآن الكريم سوى في مطلع هذه السورة ولذلك سُمّيت به.
وقد نزلت سورة الحاقة في السنة الخامسة قبل الهجرة، وتضمّنت عدّة مواضيع؛ فقد ذكرت يوم القيامة لتذكير النّاس بأهواله، وبيّنت حتميّةَ وقوع هذا اليوم، وكان هذا ردًّا على الذين كذّبوا وقوعه، وعمدت السّورة الكريمة إلى التّذكير بحال الأمم السّابقة، والعذاب الذي لاقته جزاء كفرها وعنادها، فبيّنت أنواع العذاب الذي لاقوه في الدّنيا، وأنّ لهم في الآخرة أيضًا نصيبًا من العذاب.
وذكر الله -تعالى- النّعم التي أنعم بها على عباده المؤمنين، وكيف نجّاهم من العذاب، ثمّ وصفت الآيات حال الناس يوم البعث والجزاء، والدرجات التي يتفاوتون فيها؛ فمنهم من ينال أشدّ درجات العقاب والحساب بسبب كفره بالله -تعالى-، والاستهزاء برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، والجحود بالمعجزة التي وضعها -تعالى- بين أيديهم وهي القرآن الكريم.
وأوضحت الآيات تثبيت الله -تعالى- لنبيِّه الكريم، وتهديد المشركين وإنذارهم، إذ إنّ عدم استجابتهم تحتّم عليهم وقوع التّهديد الذي وعدهم الله -تعالى- به من أهوال وعذاب.
ترتيب نزول سورة الحاقة
نزلت سورة الحاقة بعد سورة تبارك، وقبل سورة المعارج، ويبلغ عدد آياتها إحدى وخمسين آية، والمقصود بالحاقّة هو يوم القيامة، وسُمّيت القيامة بالحاقّة؛ لأنّها ذات الحواق -جمع حاقة- من الأمور، فهي صادقة في وقوعها ووقوع كلّ ما وعد الله -تعالى- بوقوعه.
وقيل إنَّ الحاقّة هي يوم الحقّ؛ إذ ينال كلُّ إنسان في ذلك جزاؤه وحقّه عن عمله في الدّنيا، وقيل لأنّها أحقّت النّار لبعض الأقوام.
دروس مستفادة من سورة الحاقة
يُستفاد من سورة الحاقة العديد من الدروس والعبر منها ما يأتي:
- يجب على الإنسان الاتّعاظ وأخذ العبرة من الأمم السّابقة، والتّفكر في حالهم الذي استدعى وقوع العذاب من الله -تعالى-، فقد كانت عاقبةَ تكذيبهم للرّسل، وإنكارهم للبعث العذاب الذي حلّ عليهم، والعذاب الذي أعده الله -تعالى- لهم يوم القيامة.
- على الإنسان الإكثار من الأعمال الصّالحة في هذه الدّنيا، ليلقى اللهَ -تعالى- يوم القيامة وهو راضٍ عنه.
- ينبغى على الإنسان ألّا يغفل عن ذكر الله -تعالى-، وحمده على نعمه، والثناء عليه وشكره على جميع النعم التي أنعم الله -تعالى- بها على العباد.
سورة الحاقّة من السور المكيّة التي تحدّثت عن يوم القيامة، وتناولت أمور البعث والجزاء، وتوعّدت الكافرين بالعذاب، وسبب نزول الآيات الآخيرة من سورة الحاقة هو سخريّة كفار قريش من النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ووصفهم له بأنّه شاعر وساحر وكاهن، فأقسم الله -تعالى- ليؤكّد صدق رسوله الكريم، وقد نزلت سورة الحاقة بعد سورة تبارك، وقبل سورة المعارج، وتضمنت عِدّة دروس منها وجوب الاعتبار من الأمم السابقة، والاستعداد ليوم القيامة بالإكثار من الأعمال الصالحة، وتذكر نعم الله -تعالى- التي منّ بها على عباده.