زوجة أبي لهب
زوجة أبي لهب
هي أروى بنت حرب بن أمية تكّنى بأم جميل بنت حرب، أمّها فاختة بنت عامر بن معتّب الثقفي، وأخت أبي سفيان بن حرب، ولقد كانت من أشد المعادين للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، إذ كانت أم جميل ابنة حرب الذي كان زعيماً كبيراً في قبيلة قريش، وهذا ما أعطاها مكانة بارزة في قبيلتها.
كانت قد تزوجت من أبي لهب وهو عمّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنجبت منه ستة أبناء وهم: عتبة، عتيبة، ومعتب، والدرة، والعزى، وخالدة.
معاداة زوجة أبي لهب للإسلام
لما نزل الوحي على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- داعياً إياه إلى توحيد الله -عز وجل-، وهداية الأمة جميعها إلى طريق الرشاد، والكف عن عبادة الأصنام التي كان يعبدها الأقوام قبل الإسلام، بدأ الكفار بمعاداة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورفض دعوته، وكان من أبرز المعادين له عمّه أبو لهب، وزوجته التي أيدته على معارضة النبي وساعدته في أذيته.
ومن أبرز مواقفها في معاداة النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يأتي:
- إصرارها على أبنائها عتبة وعتيبة ليطلقا بنات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد كان عتيبة متزوجاً من ابنة النبي أم كلثوم -رضي الله عنها-، أما عتبة فقد كان متزوجاً من رقية -رضي الله عنها-.
- أطلقت اسم "مُذَمَّمًا" على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون عكس كلمة "محمداً" من باب الذمّ والقدح.
- صاغت بعض الأشعار التي هجت فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فكانت تقول: "مُذممًا أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا".
- كان شغلها الشاغل صرف الناس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكانت تمارس أسوأ الأساليب لتردّهم عن الدعوة، كما كانت تدخل مجالس الرجال دون حياء لتكذيب النبي -صلى الله عليه وسلم- وشتمه.
- كانت تنتهز الفرص للاستهزاء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فعندما انقطع الوحي عن النبي فترة ذهبت لتتشفّى وتقول: (يا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أنْ يَكونَ شيطَانُكَ قدْ تَرَكَكَ، لَمْ أرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ -أوْ ثَلَاثَةٍ)؛ فنزل قوله -تعالى- في سورة الضحى : (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ).
ذكر زوجة أبي لهب في القرآن الكريم
كانت أم جميل ترمي في طريق النبي محمد الشوك، والنار وتسبه، فلما اشتد الأذى منها ومن زوجها أبو لهب على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ أنزل الله -عز وجل- فيهما سورة المسد ؛ تخبرهما بأنّ لعنة الله قد حلّت عليهما، وبأنّ مصيرهما هو جهنم؛ قال -تعالى-: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ* وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ).
وعندما سمعت هذه الآيات القرآنية غضبت غضباً شديداً، وذهبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لتشتمه، وقد كان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلما وصلت أعمى الله بصرها عن النبي، فلم ترَ إلا أبا بكر الصديق؛ فقالت له: (يا أبا بكر! هجانا صاحبك، فقال أبو بكر: لا وربّ هذه البنيةَ ما ينطقُ بالشعرِ ولا يتفوه به، فقالت: إنكَ لمصدّقٌ، فلما وَلّتْ قال أبو بكرٍ: ما رأَتكَ؟ فقال النبي: لا، ما زال ملكٌ يسترنِي حتى ولّتْ).
وفاة أبي لهب وزوجته
تعددت الروايات حول وفاة أبي لهب وزوجته، فقيل إنّ أبا لهب مات بعد واقعة بدر حيث أصيب بمرض خبيث؛ يُعرف بالعدسة ويُقال بالطاعون، فلما مات خاف ابناه العدوى، فتركاه دون دفن حتى أنتن في بيته وصعدت منه رائحة كريهة، حتى لامهما الناس على ذلك؛ فما كان منهما إلا أن غسلاه بالماء قذفاً من بعيد، ثم احتملاه على جدار ودفناه رمياً بالحجارة دون أن يقربه أحد.
أما زوجته أم جميل، فقد قضي أجلها أثناء جلوسها على صخرة، وكان في عنقها قلادة كانت قد توعدت بإنفاقها في معاداة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخذها الله -عز وجل- دون نيل مرادها.