رحلة ابن بطوطة إلى الصين
رحلة ابن بطوطة إلى الصين
ابن بطوطة هو أشهر رحالة في العالم العربي، غادر بلاده في القرن 14 وقطع رحلة بلغت مسافتها 75 ألف ميل، عبر فيها 44 دولة وعاد إلى مسقط رأسه بعد 25 سنة ودُفن فيها بعد وفاته، ومن أهم رحلاته كانت رحلته إلى الصين، ففي عام 1345 وبعد 4 سنوات من رحيله من الهند وصل ابن بطوطة إلى ميناء تشوانتشو في الصين.
حينما وصل ابن بطوطة إلى الصين ذكر أن أكثر ما استرعى انتباهه فيها هو براعة الفنانين المحليين في صنع اللوحات وإبداعهم في رسم الأجانب القادمين حديثاً فقد كان يرى صوره وصور أصدقاءه مرسومة بمهارة على الجدران، وذكر أيضًا مدى الاحتراف في صناعة الحرير والخزف، وبراعتهم في زراعة الفاكهة كالبطيخ والخوخ.
ذكر أيضًا استخدامهم للعملات الورقية، وقام بوصف طريقة صُنع السفن الكبيرة في مدينة غوانغشتو، وذكر أيضاً أنواع المأكولات الصينية واستخدام الحيوانات فيها وأكلهم الضفادع، كما ذكر أنه قام بالصعود إلى جبل يسمى جبل الناسك” ثم قام بزيارة راهب يسمى طاوي.
اتجه ابن بطوطة بعدها إلى مدينة هانغتشو في الشمال التي وصفها بأنها من أكبر المدن التي رآها في حياته؛ واصفاً سحرها وشبهها بالمدينة التي تجلس على البحيرة الجميلة والتي تحيطها التلال الخضراء، وفي مدينة هانغتشو أُعجب أيضاً بالأعداد الكبيرة من السفن الصينية الخشبية التي صُنعت وزُخرفت بعناية فائقة، وأُعجب بأشرعتها الحريرية وبالمظلات الملونة التي تجتمع في قنواتها.
الأمن والأمان في بلاد الصين
ذكر ابن بطوطة أن الصين أكثر البلاد أمنا واحسنها للمسافرين، وأشهر ما قاله عنها: “يسافر فيها من يريد منفردًا مسيرة تسعة أشهر ومعه الأموال الطائلة والتجارات فلا يخاف عليها. وترتيب ذلك أن لهم في كل منزل ببلادهم فندقًا، عليه حاكم يسكن به جماعة من الفرسان والرجال، فإذا كان بعد المغرب أو العشاء، جاء الحاكم إلى الفندق، ومعه كاتبه فكتب أسماء جميع من يبيت فيه من المسلمين وختم عليها، وأقفل باب الفندق عليهم."
يُكمل ابن بطوطة: "فإذا كان بعد الصبح، جاء ومعه كاتبه فدعا كل إنسان باسمه، وبعث معهم من يوصّلهم إلى المنزل الثاني له، ويأتيه ببراءة من حاكم المنزل الجديد أن الجميع قد وصلوا إليه، وإن لم يفعل طالبه بهم، وهكذا العمل في كل منزل ببلادهم من (مدينة غوانتشو) إلى خان بالق (مدينة بكين)، وفي هذه الفنادق جميع ما يحتاج إليه المسافر من الأزواد، وخصوصًا الدجاج والإوز."
نظام الفندقة في الصين
ذكر ابن بطوطة أن الصينيين كانت عنايتهم بالزائرين عظيمة، لأنهم كانوا حريصين أشد الحرص على الحفاظ على سمعة بلادهم وكانوا لا يسمحون للزائرين الأجانب بأن ينفقوا أموالهم بأمور الفساد وكانوا يقولون: لا نريد أن يُسمع في بلاد المسلمين أنهم يخسرون أموالهم في بلادنا وبأنها بلاد ضلال.
أُعجب ابن بطوطة بنظام الفندقة في الصين فقال عنه: “وإذا قدم التاجر المسلم على بلد من بلاد الصين خيّر في النزول عند تاجر من المسلمين المتوطنين في الفندق، فإن أحب النزول عند التاجر حصر ما له، وضمنه له التاجر، وأنفق عليه منه بالمعروف. فإذا أراد السفر بحث عن ماله، فإن وجد شيئًا منه قد ضاع أغرمه التاجر المستوطن الذي ضمنه، وإن أراد النزول بالفندق سلم ماله لصاحب الفندق وضمنه، وهو يشتري له ما أحب ويحاسبه."