راوي حديث (إنما الأعمال بالنيات)
نصّ حديث (إنّما الأعمال بالنيات) وراويه
روى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّما الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، وإنَّما لِامْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ).
ولم يروِ هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلّا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ولم يروه عن عمر بن الخطاب إلّا علقمة بن وقاص -رضي الله عنه-، ولذلك فإنّه حديث غريب غرابة مطلقة.
شرح حديث (إنّما الأعمال بالنيات)
ابتدأ الحديث بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إنّما المفيدة الحصر، والمقصود فيما بعدها أنّ العبد في كل ما يقوم من الأعمال سينال أجر النية التي دفعته للقيام به، وقيل إنّ المقصود بالأعمال أي الأعمال الخالصة فقط، وقيل إنّه يشمل جميع الأعمال؛ فإن كانت من العبادات فإنّه ينال الأجر والثواب، وإن كانت من العادات التي يقوم بها المسلم كالأكل والشرب لكنه نوى من القيام بها التقوّي على الطاعات، فإنّه ينال بها أيضاً الأجر والثواب.
ويدل قول رسول الله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" على أنّ الثواب يتحصّل من خلال النيّة الحسنة، والعقاب يتحصّل من خلال النية السيئة، وقد يكون العمل في أصله مباحاً لا ثواب ولا إثم يترتب عليه، لكنّ النية تؤدي إمّا إلى كسب الأجر أو الإثم.
ثمّ ذكر الهجرة وبيّن نوعيها؛ فمن كانت نيّته في هجرته مقصودة لأجل الله ورسوله وفراراً بدينه وابتغاءً لتعلم الإسلام، فإنّ له الأجر والثواب، أمّا من هاجر وجعل القصد من هجرته أمراً من أمور الدنيا؛ كالزواج، فهجرته ستعود عليه بنتيجة السبب الذي هاجر من أجل، وفي قوله: "إلى ما هاجر إليه" دلالةً على الاستهانة بالأمر والتقليل منه.
مكانة حديث (إنّما الأعمال بالنيات)
اتفق أهل العلم على صحة الحديث، وأَوْلاه العلماء مكانة كبيرة لما له من الفوائد العظيمة، وقد ذكره الإمام البخاري في أكثر من موضع في صحيحه، ورواه الإمام مسلم في نهاية كتاب الجهاد، وقال فيه الإمام أحمد والشافعي والبيهقي: "يدخل فيه ثلث العلم"، وذلك بناءً على أنّ العبد ينال الأجر إمّا بعمل القلب أو بعمل اللسان أو بعمل الأعضاء، والنية هي عمل القلب، فهي ثلث العلم.
وعدّه بعض أهل العلم ربع العلم، وقال بعضهم هو نصف العلم، وقال ابن مهدي -رحمه الله-: "لو صنفت كتاباً لابتدأت بحديث إنما الأعمال بالنيات في بداية كل باب منه"، ووأصى المصنفين بالابتداء به في مصنفاتهم، فكان البخاري -رحمه الله- ممن استجاب لهذه الوصية، فجعله في مفتتح كتابه الذي يعدّ أعظم كتاباً بعد القرآن الكريم.
وكذلك فعل الكثير من العلماء والمصنفين، مثل عبد الغني المقدسي في كتابه عمدة الأحكام، والنووي في كتابه المجموع، وكذلك الإمام السيوطي، إضافة إلى ما قام به الكثير من العلماء من شرحه وتخصيص مصنّفات فيه.