رأي العلماء في كتاب البداية والنهاية
رأي العلماء في كتاب البداية والنهاية
التعريف بكتاب البداية والنهاية
يعد كتاب البداية والنهاية من أشهر الكتب التي وُضعت في تاريخ الإسلام؛ فهو موسوعة تاريخيّة اتسمت بالشمول والوضوح، بدأت بذكر بدايات الخلق وما تبع ذلك من إرسال للأنبياء والرسل، وذكر فيها سيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وما تبع ذلك من أحداث؛ فهي تضم السيرة والشمائل، والدلائل والفضائل، والخصائص، وتضم موسوعة البداية والنهاية واحد وعشرين جزءاً.
مؤلف كتاب البداية والنهاية
ومؤلف كتاب البداية والنهاية هو ابن كثير الدمشقي؛ أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي، وقد توفي -رحمه الله- سنة (774) هجرية،ويعد كتاب البداية والنهاية مميزًا عن غيره من كتب التاريخ؛ فالجهد الذي وضعه ابن كثير واضح فيه هذا الكتاب.
حيث حرص على إظهار صورة الإسلام المشرقة، وربط الأحداث التاريخية بصورة مميزة وسلسلة، وهذا ما جعل كتابه من السجلات القيمة للتاريخ في جميع أصعدته، سواءً الصعيد السياسي أو الأدبي والثقافي، أو العلمي والاجتماعي، وغيرها من المجالات التي تخص الدين الإسلامي.
رأي العلماء بكتاب البداية والنهاية
وقد لاقى كتاب البداية والنهاية لابن كثير استحسانًا واسعًا من العلماء، وأثار إعجاب الكثير من المؤرخين والعلماء من بعده، كما حظي كتاب البداية والنهاية بتقدير الدارسين له في العصر الحاضر، ويعد مرجعًا مهمًا للباحثين في التاريخ الإسلامي؛ حيث كان صريحًا في النقد، وكان دقيقًا في نقل الخبر.
كما أثنى على كتاب البداية والنهاية المعاصرين من أهل العلم، ومنهم الشيخ ابن باز -رحمه الله- حيث قال: "البداية والنهاية كتاب عظيم للحافظ ابن كثير -رحمه الله-، وتاريخ عظيم إسلامي ذكر فيه أخبار الأنبياء الماضين، ثم ذكر فيه خبر نبينا -صلى الله عليه وسلم- وسيرته".
"ثم ذكر مغازيه -عليه الصلاة والسلام-، ثم ذكر ما بعده إلى القرن الثامن إلى نصف القرن الثامن، فينبغي اقتناؤه والاستفادة منه؛ فهو كتاب عظيم ذكر فيه الأحاديث والآثار وكلام أهل العلم في التاريخ وهو كتاب جيد".
منهج كتاب البداية والنهاية
اتبع ابن كثير في كتاب البداية والنهاية منهجًا خاصًا به وكان على النحو الآتي:
- ابتدأ كتاب البداية والنهاية بالحديث عن بداية الخلق ونشأة الكائنات، واعتمد في هذا القسم على المصادر المعتمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وحرص على ترك الأخبار الواهي، والخرافات والقصص الموضوعة قدر الإمكان.
- عرض ما بعد ذلك من أحداث منذ إنزال آدم -عليه السلام-، وحتى بعث محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، واستمر على نفس النهج في تحري الدقة والصدق في النقل، إلا أنّه لا يخلو من بعض الروايات الشاذة عن ذلك.
- انتقل بعد ذلك للحديث عن سيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وأحاط بها من جميع جوانبها، وتوسع في سردها، وألحق بها الدلائل والفضائل والخصائص.
- عرض تاريخ الإسلام ودوّنه بتفاصيله، وأبرز أهم أعمال المسلمين وإنجازاتهم، والضعف الذي أصاب الأمة الإسلامية في بعض العصور، وغيرها من الحوادث.
- تحدث في نهاية كتابه عن أشراط الساعة، وأحداث اليوم الآخر، وغيرها.
أهم سمات كتاب البداية والنهاية
اتسم كتاب البداية والنهاية بعدة سمات ومميزات، ومنها ما يأتي:
- ابتعاده عن ذكر مرويات أهل الكتاب؛ إلا في المواضيع التي أقرها الشارع وأذن بها.
- الحرص على الأخذ من المصادر التشريعية الأصلية؛ وهي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
- الحرص على ذكر درجة الحديث وبيان بعض الأحاديث الضعيفة والصحيحة قدر الإمكان، مع العلم بوجود أحاديث ضعيفة لم يحكم عليها في الكتاب.
- بيانه النقل من علماء أهل الكتاب، إذا كان موافقًا لما جاءت به الشريعة الإسلامية.
العوامل التي أثرت في كتاب البداية والنهاية
أثر في كتاب البداية والنهاية العديد من العوامل التي أدت إلى خروجه بهذا الشكل ومنها ما يأتي:
- اطلاع المؤلف على العديد من المصادر التي ساعدت في إثراء الكتاب وأهمها دواوين السنة النبوية، وكتب المغازي والسير، وغيرها من كتب التاريخ العامة.
- تأثر المؤلف بمنهج من سبقه من المؤرخين الذين ألفوا الكتب في التاريخ أمثال ابن الجوزي وابن الأثير، وكذلك انتماء المؤلف إلى العصر الذي انتشر فيه النمط الموسوعي في المؤلفات.
- الوعي والإدراك الذي كان يتمتع به المؤلف، حيث أدرك أثر رسالة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في في وحدة الأمة وتاريخها العريق.
- انتماء ابن كثير إلى مدارس الأثر والحديث، وعلومه الواسعة في عدة مجالات من علوم الدين الإسلامي والتاريخ.