ذكر البرزخ في القرآن
ذكر البرزخ في القرآن
لقد وردت كلمة البرزخ في القرآن الكريم ثلاث مرات، في ثلاثة مواضع على النحو الآتي:
- قوله -تعالى-: (وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
- قوله -تعالى-: (بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ).
- قوله -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا).
معنى كلمة البرزخ
البرزخ لغة هو ما يكون بين شيئين أو هو الحاجز، وقال ابن منظور: "والبَرْزَخُ: مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَبْلَ الْحَشْرِ؛ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إِلى الْبَعْثِ، فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ البَرْزَخَ"، فالبرزخ كما ظهر لنا يطلق على معنين: معنى لغوي حقيقي وهو الحاجز كما مر في آخر آيتين ذكرناهما.
ويطلق على الحياة التي تكون بين الموت و يوم القيامة كما في أول آية، أما الحياة البرزخية اصطلاحاً فهي: حياة بين حياتين، بين الحياة الدنيا وبين الحياة الآخرة.
حال الإنسان في الحياة البرزخية
لقد دلت الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة عن رسول الله أن الإنسان في قبره بين حالين؛ إما في نعيم وراحة، وإما في عذاب وشقاء وذلك بحسب حال الإنسان من الإيمان والكفر.
المؤمن في الحياة البرزخية في نعيم
دلت آيات وأحاديث كثيرة على أن المؤمن يكون بالنعيم في حياته البرزخية ؛ قبل بعثه إلى يوم القيامة، ومن تلك النصوص ما يأتي:
- قوله -تعالى- في حق الشهداء: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فقد بين الله -تعالى- حال الشهداء بصريح العبارة؛ أنهم أحياء عند الله غير أموات، ثم وصف حالهم بأنهم يرزقون، ويغشاهم الفرح والاستبشار بمن بعدهم.
- قوله -تعالى- في حق المؤمنين المقربين منه -سبحانه وتعالى-: (فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ)، فقد أخبر الله -تعالى- أن الروح والريحان سيكونا مباشرة بعد الموت؛ إذ إن حرف الفاء في اللغة العربية يفيد الترتيب والتعقيب المباشر.
الكافر في الحياة البرزخية في عذاب وشقاء
كذلك دلت آيات وأحاديث كثيرة على أن الكافر يكون بعذاب وشقاء في حياته البرزخية؛ قبل بعثه إلى يوم القيامة، ومن تلك النصوص ما يأتي:
- قوله -تعالى- في حق من كذب وكفر من قوم نوح -عليه السلام- : (مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا)، فقد ذكر الله -تعالى- أنه بسبب خطيئاتهم العظمى مع نبي الله نوح -عليه الصلاة والسلام-؛ من تكذيب وكفر وعناد؛ أغرقهم الله -تعالى- وبعد أن أغرقهم أدخلهم ناراً يعذبون بها، بدليل وجود حرف الفاء العاطفة التي تفيد التعقيب المباشر.
- قوله -تعالى- في حق آل فرعون: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ* النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، فقد بين الله -تعالى- أن حال آل فرعون في البرزخ هو عرضهم على النار غدواً وعشياً، وفي هذا إثبات لعذاب القبر وتأكيداً على وجوده.