دليل دوران الأرض في القرآن الكريم
الدليل الأول
ذكر جمال الدين القاسمي أنه يمكن الاستدلال بمفهوم بعض الألفاظ والتراكيب في آية: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، على دوران الأرض حول نفسها في وقتنا الحالي بالدنيا؛ -بخلاف رأي جمهور المفسرين الذين جعلوها خاصة بيوم القيامة -، بحسب التفصيل الآتي:
- (وَتَرَى الْجِبَالَ)
يوم القيامة لن يشاهد النبي الكريم الجبال؛ فلن تكون موجودة، بينما في الدنيا ممكن رؤية الجبال، والأصل حمل الألفاظ والتراكيب على الحقيقة لا المجاز.
- (تَحْسَبُهَا جَامِدَةً)
يوم القيامة لا يوجد حُسبان ولا ظن، لنَّ كل شيء سيكون واضحاً بيِّناً، وبصرُ الناس سيكون حاداً فلا يرون الشيء بخلاف حقيقته، بعكس الدنيا؛ بدليل: (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
- (صُنْعَ اللَّهِ)
هذا في الدنيا؛ لأنَّ الجبال يوم القيامة لا تُصنَع، بل تُهدم وتُزال.
- (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)
عبَّر بصيغة المضارع المستمر لفِعلِ الإنسان الذي سوف يُحاسب على أفعاله، ولو كانت الآية تعبِّر عن يوم القيامة لجاء التعبير بالماضي (بما فعلتم) أو (بما كنتم تفعلون)؛ فيوم القيامة حساب بلا عمل، بينما في الدنيا: عملٌ بلا حساب.
ويرى أصحاب هذا الرأي أن ربط هذه الآية بالآية السابقة: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)، ربطاً غير مباشر، وإنما يمكن ربطها ربطاً مباشراً بالسياق القبلي الذي يتحدث عن النوم والاستيقاظ في الدنيا؛ فإنَّ مِن عادة القرآن كلما تحدث عن النوم والاستيقاظ يتحدث عن الموت و البعث ، والله أعلم بمراده.
الدليل الثاني
ربط بعض الباحثين بين آية: (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ)، والمعلومات الجغرافية الثابتة حول سرعة دوران الأرض حول نفسها؛ بل إنَّ الآية الكريمة أدق تعبيراً يمكن التعبير به عن ذلك الدوران؛ فالأرض في حركة دائبة: يتكوَّر بسببها الليل على النهار، ويتكوَّر أيضاً النهار على الليل، وكأنَّ هذه الآية ترسم شكل الأرض الكروي، ويذكر حركتها ودورانها.
الدليل الثالث
استنبط الشعراوي من آية: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً)، أنَّ الأرض تدور حول نفسها؛ لأن الآية تصوِّر لنا أنَّ الوجه الأول يواجه الشمس نهاراً، وبينما الوجه الثاني يواجه القمر ليلاً، ثم تدور؛ فيخلف أحدهما الآخر منذ البداية، وهكذا في كل يوم يخلف بعضها بعضاً.
الدليل الرابع
ربط الألباني بين آيات سورة يس : (وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا.. وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا.. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ..)، والآية الكريمة التي تليها: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)؛ فلفظة: (كُلٌّ) تشمل الآية الأولى: الأرض، ثم الآية الثانية: الشمس، ثم الآية الثالثة: القمر. مع العلم بأن العلماء في التفسير أعادوا لفظ (كُلٌّ) إلى أقرب مذكور وهو الشمس والقمر، لكن ليس هناك بأس من توسعة المعنى فيشمل الأرض.