دلالة اسم سورة الفرقان وسبب نزولها
دلالة اسم سورة الفرقان
سُمّيت سورة الفرقان بهذا الاسم لاحتوائها على لفظ الفرقان، حيث ذُكر فيها ثلاث مرات، وذلك في أوّلها ووسطها وآخرها، ولا يُعرف لهذه السورة اسم سوى الفرقان، ولفظ الفرقان مصدر من الفعل فرّق وأفرق، ويراد به في مطلع هذه السورة في قول الله -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)، أي القرآن الكريم، وذلك لكونه يُفرِّق بين الحقِّ والباطل في ثلاثة مسائل:
- أوّلها: قِمَّة الدين هو الإيمان بالله - تبارك وتعالى-، فمن الناس من أنكر وجوده بالكلية، ومنهم من آمن بوجوده ولكن مع آلهة أخرى، وكلاهما على الباطل، فجاء القرآن الكريم يُثبت وجود الله -تعالى- لمن أنكر ذلك، ويُثبت أنّه واحد لمّن ادّعى تعدِّده الآلهة، ففرَّق بينهم وأبان الحقَّ.
- ثانيها: المُبلّغ عن القِمّة وهو رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث بيّن القرآن الكريم أنّه من البشر وأنّ الله -تعالى- قد أيّده ونصره بمعجزات تُثبت صدق نبوته لمن اعترض على ذلك وحَسَده على هذه المكانة الرفيعة.
- ثالثها: المُرسل إليهم وهم الناس، حيث فرقّ لهم القرآن الكريم بين الحلال والحرام في شتّى أمور ومقومات حياتهم، ففصَّل الشرائع والأحكام، كأن جعل الزواج حلالا والزنا حراما.
سبب نزول سورة الفرقان
نزلت سورة الفرقان في السنة العاشرة من البعثة، في الفترة بين الهجرة إلى الحبشة وحادثة الإسراء والمعراج، وقد وُصفت هذه الفترة بعُنف وقَسوة المشركين؛ للقضاء على الدعوة واتِّباع كافة السُّبل لتحقيق ذلك، فكان نزول هذه السورة بمثابة مؤازرةٍ لرسول الله وتطمينه، وتثبيته في مواجهة وصدّ كيدِ المشركين.
وممّا يُظهر ذلك عندما عيّر المشركون رسول الله بِفَقْره، حيث قال الله -تعالى-: (وَقَالُوا مَالِ هَـذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا)، فحزن رسول الله لذلك فواساه الله -تعالى- بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا).
كما أنّ الله -تعالى- قد عرض على رسول الله إعطاءه خزائن السموات والأرض دون أن يُنقص من ذلك شيئاً ممّا له عنده -تعالى-، حيث قال -تعالى-: (تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا)، إلّا أنّ رسول الله أراد أن يجمع له الله ذلك في الآخرة.
التعريف بسورة الفرقان
تُعدُّ سورة الفرقان من السور المجمَع بأنَّها مكيّة، وتبلغ عدد آياتها سبع وسبعين، وكلماتها ثمانمئة واثنتين وسبعين، وحروفها ثلاثة آلاف وسبعمئة وثلاث وثلاثين، وكان نزولها في السنة العاشرة من البعثة كما أشير إلى ذلك مسبقاً.
موضوعات سورة الفرقان
هناك عِدّة موضوعات تناولتها سورة الفرقان منها ما يأتي:
- الحديث عن وحدانية الله -تعالى- والثناء عليه وتمجيده، وبيان صفاته -سبحانه وتعالى-.
- الحديث عن أعمال الكافرين بكونها مُهدرةٌ باطلةٌ كالسرابِ يوم القيامة.
- الحديث عن إنكار المشركين للبعث وليوم القيامة.
- الدعوة والحثّ على التأسِّي والاقتداء بالأنبياء وقصصهم.
- مؤازرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتأييده وتطمينه وثبيته في مواجهة المشركين.