دعاء لصديق عزيز
أدعية للصديق
يسعد الإنسان بأصدقائه الذين يقفون معه في الشدائد، يُخفّفون ما أصابه من همّ، ويفرحون لفرحه في المناسبات والمسرّات، والمسلم إن وجد من صديقه خيراً؛ فإنّه يدعو له بما يُسعده ويسرّه، وقد جاء في السنة النبوية بعض الأدعية للصديق ، كما يُشرع الدعاء للصديق بما شاء من الدعاء الحسن، وما فيه من الخير والتيسير في الدنيا، والقبول في الآخرة، فكلّ دعاءٍ حَسن يعتبر مقبولاً عند الله، وإن لم يكن له مستندٌ شرعيٌّ، أو حديث يؤيّده، وجاءت العديد من النصوص الصحيحة التي تُشير إلى أهميّة دعاء المسلم لأخيه المسلم، خاصَّةً إن كان الدعاء بظهر الغيب، دون علم المدعو له بذلك، أو سماعه له هو أو غيره، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ، إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ)، والمسلم بعقيدته الإسلامية السليمة، وفكره القويم، يتميّز عن باقي البشر، فهو يفضّل أخاه عن نفسه، ويدعو له بالخير، ويرجو الله أن يُبعد عنه الشرور.
وقد حثّت الشريعة الإسلامية على دعاء المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب، وجعلته فضيلةً من الفضائل الحميدة، وخصلةً فريدةً يمتاز بها المسلم، وأعدّ الله -تعالى- لمن يدعو لأخيه بظهر الغيب مثل ما دعا به من الخير، وذلك مصداقاً للحديث المروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فليس الخير مقتصراً على المدعو له فقط؛ إنّما سينال الداعي مثله؛ جزاءً لما دعا به لأخيه، وإخلاصه له بالدعاء دون علمه، فكلّما دعا لأحد أحبّته في الله إو إخوانه المسلمين بخيرٍ؛ أجابه الملك: ولك بمثل، ويؤمّن لدعائه، قائلاً: آمين، وهذا الشيء لم يأتِ به الملك من فعل نفسه، إنّما هو بلا شكّ من أمر الله الذي ألهمه به، فأصبح الدعاء للصديق نافعاً لكلا الطرفين، ولا يقتصر على أحدهما دون الآخر، وقد كان بعض الصالحين فيما مضى إذا أراد لنفسه شيئاً من الخير دعا لأخيه المسلم بذلك الخير، فتُستجاب دعوته، ويأتيه الخير هو وأخوه المسلم بأمر الله.
إنّ الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم لأخيه المسلم كثيرةٌ وعديدةٌ، بل هي أكثر من أن تُحصر؛ فيمكن للمسلم أن يدعو لصديقه العزيز، أو أخيه المسلم بكلّ ما أحبّ لنفسه من الخير، ومن أمثلة تلك الأدعية: أن يدعو له بمغفرة الذنوب والآثام سرّها وعلنها، صغيرها وكبيرها ؛ فقد رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنّها قالت: (لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طِيبَ نَفْسٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ لِي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ، مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟، فَقَالَتْ: وَمَا لِي لَا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لِأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلَاةٍ)، وقد ورد في السنة النبويّة أحاديث في دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- لصحابته -رضي الله عنهم- ومنها ما يأتي:
- الدعاء للصديق بالرزق والبركة: فمن المستحبّ أن يدعو المسلم لصديقه بطول العمر، والبركة في المال، والرزق ، والعيال، ومثال ذلك ما يلي:
- ما ورد من دعاء النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لأنس بن مالك أنّ أمّ سليم -رضي الله عنها- قالت للنبي صلّى الله عليه وسلّم: (يا رسولَ اللهِ، خادِمُك أنسٌ، ادعُ اللهَ له، قال: اللهم أكثِرْ مالَه، وولدَه، وبارِكْ له فيما أعطَيتَه).
- أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- دعا لجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال له: (اللَّهمَّ اخلُفْ جَعفراً في أهْلِه، وبارِكْ لعبدِ اللهِ في صَفقةِ يَمينِه)، ورُوي أنّه كان من أكثر المسلمين تجارةً، وجوداً، وكرماً.
- الدعاء للصديق بالصحة والعافية: فمن الأدعية المستحبّة للصديق أن يسأل الله له الشفاء، والعافية، والسلامة إن مرض أو أصابه بأس، وممّا جاء في ذلك ما رواه علي -كرّم الله وجهه- لمّا اشتكى مرةً: (كُنتُ شاكياً فمرَّ بي رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- وأَنا أقولُ: اللَّهمَّ إن كانَ أجَلي قَد حَضرَ فأرِحني، وإن كانَ مُتأخِّراً فارفَعني، وإن كانَ بلاءً فصبِّرني، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: كَيفَ قُلتَ؟ فأعادَ عليهِ ما قالَ، قالَ: فَضربَهُ برجلِهِ وقالَ: اللَّهمَّ عافِهِ، أوِ اللَّهمَّ اشفِهِ -شَكَّ شعبةُ- قالَ: فما اشتَكَيتُ وجَعي ذاكَ بعدُ).
ضوابط طلب الدعاء من الصديق
يجوز للمسلم أن يطلب من أخيه المسلم أن يدعو له بما شاء من أبواب الخير؛ وذلك طلباً للخير، وبحثاً عن استجابة الدعاء ببركة دعاء الصديق؛ خاصةً إن كان ذلك الداعي من أهل الخير والصلاح، وأهل الإيمان ، فإنّ دعوته ستكون أحرى بالاستجابة، ولكن لهذا الأمر ضوابط يجب الانتباه إليها، من أبرزها:
- ألّا يجعل طالب الدعاء ذلك الأمر عادةً، فيلجأ دائماً للطلب الدعاء من الغير له، ويترك الدعاء لنفسه؛ لما في ذلك من تركٍ لعبادة الدعاء ، وما فيه من الفضل، مع الركون إلى الراحة.
- ألّا يغلب على ظنّ طالب الدعاء أنّ من طُلب منه الدعاء سيغتر بنفسه لِما طلبه منه، أو أن يُصيبه ذلك بالعُجب بالنفس.
- أن يكون قصد طالب الدعاء من ذلك طلب النفع لنفسه وللمطلوب منه، مهما كان الخير المطلوب في الدعاء؛ لأنّ الملائكة كما ثبت في الحديث الشريف تؤمّن على دعاء الصديق لصديقه، والأخ لأخيه إذا دعا له بظهر الغيب، كما في قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن دَعَا لأَخِيهِ بظَهْرِ الغَيْبِ، قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بهِ: آمِينَ، وَلَكَ بمِثْلٍ).
صفات الصديق الصالح
إنّ للصديق الصالح صفاتٍ عدَّةً، منها ما يأتي:
- طاعة الله تعالى، ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، والالتزام بما يرد عنهما من أوامر.
- المسارعة إلى القيام بالأعمال الصالحة ، وفعل الخيرات، والدعوة إلى الخير، والأمر به.
- التذكير بالله تعالى، والإعانة على الطاعة، والنهي عن ارتكاب المعاصي .
- عدم تتبّع عثرات الصديق والوقوف على أخطائه.
- بشاشة الوجه، ولطف القول.
- المصافحة بودٍّ ومحبَّةٍ عند اللقاء.
- تلبية الحوائج؛ فإنّ الصديق الصالح يُسارع إلى تلبية جميع ما يحتاجه صديقه بحبٍّ وطيب نفسٍ.