دعاء النِّصْفِ من شعبان
دعاء النِّصْفِ من شعبان
إنّ دعاء ليلة النصف من شعبان المشهور هو: "اللهم يا ذا المن ولا يُمنّ عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَول والإنعام، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، اللهم إن كنت كتبتني عندك في أمّ الكتاب شقيًا أو محرومًا، أو مطرودًا أو مقتّرًا عليّ في الرزق، فامحُ اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني، وطردي وإقتار رزقي، وأثبتني عندك في أمّ الكتاب سعيدًا مرزوقا موفقًا للخيرات".
"فإنّك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل، على لسان نبيك المرسل: (يَمحُو اللَّـهُ ما يَشاءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتابِ)، إلهي بالتجلّي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرّم، التي يُفرق فيها كلّ أمرٍ حكيم ويُبرم أسألك أن تكشف عنّا البلاء ما نعلم وما لا نعلم، وما أنت به أعلم إنّك أنت الأعزّ الأكرم، وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وسلّم".
وقد تكلّم أهل العلم على هذا الدعاء ونفوا صحّة الدعاء به، وذلك لاشتماله على مخالفات شرعية وهي سؤال الله -تعالى- أن يُغيّر ما هو مكتوب في أم المكتوب، وفيه أيضًا أنّ ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمرٍ حكيم، وهذا مخالف للقرآن الكريم، إذ إنّ ليلة القدر هي الليلة التي يُفرق فيها كلّ أمرٍ حكيم.
وهذا الدعاء المذكور ليس مأثورًا عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إنّه من ترتيب بعض الصالحين، وكذلك لم يؤثر عن الصحابة الكرام، ولا تصح نسبته إليهم، وبهذا فإنّ الدعاء به وتناقله على أنّه دعاءٌ مأثور في ليلة النصف من شعبان ليس بجائز، لأنّه ليس بمأثور ولاحتوائه على عبارات مغلوطة لا يجوز الدعاء بها.
فضل ليلة النصف من شعبان
ورد في فضل ليلة النصف من شعبان عدّة أحاديث، وقد حسّن بعض العلماء شيئًا من تلك الآثار وضعّفها آخرون، ومن هذه الآثار قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا، وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ).
وقد ضعّف العلماء هذا الحديث، وأخذ به البعض في فضائل الأعمال، وإحياء هذه الليلة كان يفعله جملة من التابعين من أهل الشام، ولكنّ بعضًا من فقهاء الحجاز أنكروا عليهم ذلك، وقد قال الأوزاعي بجواز إحيائها دون الاجتماع لذلك في المساجد ونحوها، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُكثر من الصيام ويزيد من الطاعات في شهر شعبان بشكل عام.
الدعاء في ليلة النصف من شعبان
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: أوّل ليلة من رجب وليلة نصف شعبان وليلتي العيد وليلة الجمعة"، وكون هذه الليلة من الليالي التي يُرجى فيها إجابة الدعاء وهي مظنّة لذلك يحضّ المسلم على الإكثار من الدعاء والتضرّع إلى الله -تعالى- بطلب خيري الدنيا والآخرة والمغفرة والرضوان، وغير ذلك ممّا يُريده ويُحسن الدعاء به.