خصائص شعر كثير عزة
خصائص شعر كثير عزة الفنية
إن أبرز شعر كثيّر هو في النسيب و المدح ، وخصائص كل واحد منهما فيما يأتي:
النسيب
إذا ما رأينا شعره في النسيب فإنه يظهر فيه الاعتدال أي أنه يبعد عن الخيال ويجنح إلى الواقع، حتى في وصفه لحبيبته فقد صورها بأنها امرأة كسائر النساء لا تتكلف في الحب فقال:
أريدُ الثواء عندها وأظنها
- إذا ما أطلنا عندها المكث ملّت
وعندما يتحدث كثيّر عن حبه فإنه يختلف بهذا عن شعراء النسيب في اعتماده على العقل لا القلب، وحتى في نظرته إلى الحب فهو يراه مثل سائر العلاقات البشرية، ويظهر هذا حين قال:
وقد علمت بالغيب أن لا أودها
- إذا هي لم يكرم عليّ كريمها
فإن وصلتنا أمّ عمروٍ فإننا
- سنقبل منها الود أو لانلومها
حتى في حديثه عن زوج عزة فقد وصفه بأنه غيور على زوجته مثله كمثل سائر الرجال، فقال فيه:
يكلفها الغيرانُ شتمي وما بها
- هواني ولكن للمليك استذلت
رأى كثيّر بأن صفتا الدين و الأمانة صفتان تلازمان علاقة المحبين، ويظهر هذا في قوله:
وأخلفت ميعادي وخنَّ أمانتي
- وليس لمن خان الأمانة دينُ
المدح
الواقعية والصدق التي تميز بها شعر كثيّر في النسيب ظلت أيضا ميزة في شعره في المدح، فقد كان صادقًا حين قال بأن الناس خضعوا إلى أمر والد عبد الملك بن مروان (طوعًا وكرهًا) فلم يحاول الكذب في هذا، وأيضا عندما مدح عبد الملك نفسه قال بأن الناس عادوا إلى طاعة بني أمية بعد أن كانوا أعدائهم، كما يظهر في قوله:
فما رجعوها عنوة عن مودةٍ
- ولكن بحد المشرفيّ استقالها
عابه النقاد وذلك حينما مدح عبد الملك بن مروان ووصفه يلبس الدرع الحصين في القتال، على عكس وصف الأعشى لممدوحه حيث يصفه يقاتل من غير درع.ويحف شعره بذكر الأماكن، وذلك نتيجة تأثره بحياة الرعي الأولى حتى بات شعره حافلًا بأسماء الأماكن بين مكة والمدينة، وراح أيضا يذكر الناقة ووصف البرق والرعد والسيل بالإضافة إلى وصفه لخلجات نفسه خارج حدود الزمان والمكان.
قصة حب كثير عزة
عزة والتي أحبها كثيّر، هي بنت حُميل بن حفص من بنى حاجب، كنانيّة النسب، وكان يكنيها كثيّر بأم عمرو، ويطلق عليها الحاجبية نسبة إلى جدها الأعلى. وقد وصفت من قبل امرأة رأتها وقالت بها (امرأة حلوة حميراء نظيفة)، وقالت بها أيضا حين حديثها بأنها أبرع الناس وأحلاهم حديثًا، وقال كثيّر:
إلى أنْ دعت بالذرع قبل لداتها
- وعادت تُرى منهنّ أبهى وأفخما
وفي هذا يدلل على أنها نضجت باكرًا ولبست درعها واستكملت فخامتها، وكانت أيضا لها الحظ الوفير من ضخامة الكفل والساقين والساعدين وبعد شهره حبهما قام أهلها بتزويجها بأول خاطب، وقال كثيّر بعد زواجها متحديًا:
خليليّ هذا ربعُ عزة فاعقلا
- قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلَّتِ
وحين وفاتها ذهب إلى قبرها ورثاها، وقال بها:
فيا عزّ أنتِ البدر قد حال دونه
- رجيع التراب والصفيح المضرّح
وقد كنت أبكي من فراقك حيّة
- فأنتِ لعمري اليوم أنأى وأنزح
شخصية كثير عزة
كان قصير القامة حتى أنه إذا دخل علي عبد العزيز يقول له مازحًا: (طأطئ رأسك لا يصبك السقف)، وكان يجمع ما بين الدمامة والقصر، إذ قال فيه جرير ذات مرة: أي رجلٍ أنت لولا دمامتك.وتتمثل دمامته بطول العنق وبرش الوجه وكثير الخيلان فيه مع حمرة في اللون، وقد قال في نفسه واصفًا (كأنضاء اللجام) أي أنه هزيل ذاهب اللحم.
توجهت إلى كثيّر الاتهامات الكثيرة ولكن أكبر اتهام كان حول عدم إخلاصه في حبه، وأنه كان يقول ويتكذب، ومن أسباب هذه التهمة ما يأتي:
- غزل كثير عزة بفتاة أخرى اسمها غاضرة، وأنه أيضا حاول أن يتزوج أم الحويرث وهذا كان بعد عزة في ظل حياتها.
- عدم الصدق في شوقه ووجده لعزة، وهذا بسبب القصة التي تقول بأنه لحق وراء امرأة منقبة وموافقته لها على أن يكون خليل لها ومن بعدها اكتشف بأنها عزة، وقد اتهم بالتقول والكذب بالحب ، بسبب تصديقهم لمثل هذه القصص.
- طبيعة شعر كثيّر والتي لم ير بها النقاد ما يكفي من حرارة الاندفاع والوجد الذاهل وعمق الإخلاص كما وجد هذا في شعر جميل بثينة ومجنون ليلى.