خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
ما اختص به النبي عن سائر الأنبياء
اختصَّ الله -تعالى- نبيَّه محمَّد -صلّى الله عليه وسلّم- بجملةٍ من الخصائص التي لم تكن لسائر الأنبياء -عليهم السلام- مثلها، وفيما يأتي سيتم ذكر هذه الخصائص مع الأدلَّة عليها:
خاتم النبيين
إنّ الرسالة المحمَّديَّة هي خاتمة الرِّسالات السَّماويَّة، وهي رسالةٌ تامَّةٌ كاملةٌ فقد قال الله -تعالى-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، ورسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو خاتم النَّبيين فلن يأتيَ نبيٌ بعده إلى قيام السَّاعة، والدَّليل قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خُتِمَ بيَ النَّبِيُّونَ)، وقال أيضًا: (لا نَبِيَّ بَعْدِي).
إعطاؤه المقام المحمود
إنَّ المقام المحمود هو الشَّفاعة العظمى وهي شفاعة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأهل الكبائر من أمَّته، فيخرجهم الله -تعالى- من النَّار بعدما يكونون قد تعذَّبوا واحترقوا ويدخلهم الجنَّة بشفاعة نبيِّه، وقد ورد ذكر المقام المحمود في قوله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)، ولرسول الله شفاعاتٌ أخرى ومنها شفاعته بأهل الموقف حتى يبدأ الحساب، ولكنَّ الشَّفاعة العظمى هي أجلُّها.
وفي قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ)، وقد ورد تفسير الوسيلة في حديثٍ آخر وهي: (مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ).
إعطاؤه الشفاعة
إنَّ منصب الشَّفاعة لأهل الموقف في الآخرة هو من خصائص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي اختصَّه الله -تعالى- بها عن باقي الأنبياء، فقد ثبت في الحديث النَّبويِّ أنَّ الخلق يلجأوون إلى الأنبياء يوم الحشر يطلبون إليهم أن يشفعوا لهم عند الله -تعالى- حتّى يبدأ الحساب من شدَّة ما يلقونه من أهوالٍ، فيعتذر الأنبياء وكلُّ نبيٍّ يُرشدهم بالذَّهاب إلى النَّبيِّ الآخر.
حتَّى يصلون إلى النَّبيِّ عيسى -عليه السلام- فيقول: (لَسْتُ لَهَا، ولَكِنْ علَيْكُم بمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، فَيَأْتُونِي، فأقُولُ: أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ)،
عموم بعثة النبي
إنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بُعث لتبليغ رسالة الإسلام إلى جميع الخلق من إنسٍ وجنٍّ وعربٍ وعجمٍ، أمَّا الأنبياء السَّابقين -عليهم السلام- فكانوا مأمورين بتبليغ الرسالة إلى أقوامهم خاصَّةً، ومن الأدلَّة على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وأُرْسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً)، وقوله أيضًا: (كانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى كُلِّ أحْمَرَ وأَسْوَدَ).
ومن عموم بعثة النَّبيِّ أنَّ الكتاب الذي أُنزل عليه -وهو القرآن الكريم- فيه هديٌ جامعٌ وشاملٌ لكلِّ قضيةٍ ويُبيِّن كلَّ شيءٍ، وبالتزام ما جاء به يتحقَّق العدل بين البشر، والشَّريعة الإسلاميَّة شاملةٌ لكلِّ ما يخصُّ العبادات والمعاملات، منزَّهةٌ عن النَّقص أو الاحتياج لشرعٍ أو قوانين متمِّمةٍ لها.
أُحِلَّت له الغنائم
من خصائص رسول الله أنَّ الله -تعالى- أحلَّ له ولأمته أخذ الغنائم -وهي ما يكسبه المسلمون من أعدائهم بعد انتصارهم في المعركة- والانتفاع بها، والدَّليل على هذا قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ)، أمَّا الأنبياء السَّابقين -عليهم السلام- فكانوا إذا خاضوا معركةً وحصلوا على غنائم يجمعها المجاهدون وتأتي نارٌ من السَّماء فتحرقها.
سيد الأنبياء وخطيبهم
إنَّ رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلّم- هو سيِّد أبناء سيدنا آدم-عليه السلام- وأفضل الخلق والرُّسل، وهو خاتم النَّبيين وإمامهم إذا اجتمعوا، وخطيبهم، وهو الذي عُرج به -صلّى الله عليه وسلّم- إلى ما فوق الأنبياء كلِّهم، وقد ثبت أنَّ رسول الله كان يقول في خطبة الجمعة: (إنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ).
الإسراء والمعراج
إنّ رحلة الإسراء والمعراج من معجزات سيّدنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، قال الله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، وقد أُسري برسول الله من مكة إلى بيت المقدس على دابة تُسمَّى البراق، ثمَّ عُرِج به إلى السَّماء العليا، والتقى في كلِّ سماءٍ بنبيٍّ من الأنبياء.
إلى أن وصل إلى سدرة المنتهى فرآها ورأى البيت المعمور ورأى جبريل -عليه السلام- على صورته وله أجنحةٌ كثيرة تصل إلى ستمئة جناحٍ، وفُرضت الصَّلاة في تلك الأثناء، وقد كانت خمسون صلاةً في اليوم والليلة، ثمّ خُفِّفت إلى خمس صلواتٍ بطلبٍ من محمد -صلى الله عليه وسلم- ورحمةً من الله -تعالى- بأمَّة محمَّد.
ما اختص به النبي من الأحكام دون أمته
اختصَّ الله -تعالى- نبيَّه محمد -صلّى الله عليه وسلّم- بجملةٍ من الأحكام، فقد أوجب عليه عددًا من الأمور دون أن يُوجبها في حقِّ أمَّته، ومنها: السِّواك، والأُضحية، وصلاة الوتْر، وسنَّة الفجر، وحرَّم عليه أشياءً أخرى هي مباحة في حقِّ أمَّته، كما أُبيحت له بعض الأمور المحرَّمة على أمَّته، وفيما يأتي سيتم توضيح هذه الخصائص بذكر أمثلةٍ عن كلٍّ منها:
التهجد بالليل
إنَّ قيام الَّليل كان واجبًا على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وظلَّ يقوم اللَّيل إلى أن توفَّاه الله -سبحانه-، والدَّليل على وجوب قيام الَّليل في حقّه -دونًا عن أمّته- فهو مندوب في حقِّهم-، قوله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ..)، وقوله أيضًا: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا).
الوصل بالصيام
الوصل بالصِّيام هو أن يواصل الصَّائم صيام النَّهار بالَّليل، ليومين أو أكثر، وقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يواصل بالصِّيام ويمدُّه الله -تعالى- بالقوة على ذللك، ولكنَّه نهى أمَّته عن ذلك رحمةً ورأفةً منه عليهم فلم يكلِّفهم ما لا يطيقون.
فهو مكروهٌ في حقِّهم وقيل إنَّه محرَّمٌ، والدَّليل قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ قالوا: فإنَّكَ تُوَاصِلُ، يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: إنَّكُمْ لَسْتُمْ في ذلكَ مِثْلِي، إنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَاكْلَفُوا مِنَ الأعْمَالِ ما تُطِيقُونَ).
الجمع بين أكثر من أربع نسوة
أُبيح لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الجمع بين أكثر من أربع نساءٍ في وقتٍ واحدٍ، بينما يُحرَّم على رجال أمَّته الزِّيادة على أربع، وكذلك فإنَّ الزَّواج من الكتابيَّة حرامٌ في حقِّه، كما أنّ له -صلّى الله عليه وسلّم- جملة من الخصاص فيما يخصّ النكاح، ومنها:
- انعقاد نكاحه بلفظ الهبة.
- انعقاد نكاحه بلا وليٍّ أو شهود.
- أنّ المرأة تحلُّ له بتزويج الله -تعالى-.
تحريم أمور على النبي
حرِّم على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- جملةٌ من الأمور التي هي مباحةٌ في حقِّ أمَّته، ومنها:
- الإشارة بالعين.
- الأكل من الصَّدقة.
- خلع لأمة الحرب إذا لبسها حتَّى يلقى العدو.
- مُنع من قول الشِّعر.