خصائص الدستور العرفي
خصائص الدستور العرفي
يتكوّن الدستور العرفي من قواعد اجتماعية مستمدة من الأعراف والتقاليد التي يتوارثها السكّان من جيل إلى جيل، وتعامل كمتطلبات قانونية إلزامية في الدولة؛ فالمعتقدات التي صاغها أبناء المجتمع خلال عدة سنين تصاغ لُتنشئ نظامًا اجتماعيًا واقتصاديًا وقانونيًا يسري على المواطنين.
يتمتع الدستور العرفي بعدة مزايا وخصائص تساهم في تحديد شكله وطبيعيته، منها ما يأتي:
الطبيعة غير المكتوبة
يتميز الدستور العرفي بأنّه سارٍ في المجتمع دون حاجة لتدوينه في وثيقة رسمية، إذ إنّ المواطنين الذين ساهموا في تشكيله يعرفونه ويطبقونه دون الحاجة للعودة إلى أية أوراق، مثال ذلك؛ إذا انتشر العرف في منطقة معيّنة بتوريث الأبناء الذكور دون الإناث، فإنّه سيطبق ذلك دون الالتزام بوثيقة ما، ويعترف فيه من قِبل الجميع في المنطقة.
ساهم في هذه المعرفة العامة للدساتير العرفية وعدم الحاجة إلى تدوينه عنصر التوريث الثقافي الذي ينقل الثقافة العرفية والتقليدية الخاصة بالمجتمع من جيل لآخر عبر كبار السنّ الذين يعتبرون مرجعًا في هذه القوانين.
المرونة
تتجلى مرونة الدستور العرفي في كونه لا يعتمد على وثيقة ثابتة تحدد الطريقة التي يجب على الفرد في المجتمع التصرف اعتمادًا عليها في ظروف معينة، بل يمنح هذا الدستور الظروف الخاصة والقضايا التي لها محدداتها وخصوصيتها مرونة في الأحكام، بحيث يمكن إجراء تغييرات على الدستور العرفي من قبل المعنيين في تفسير القانون باعتباره ديناميكيًا عند الحاجة لذلك.
القبول
يعتمد الدستور العُرفي في إقراره وإلزامه على كونه مقبولا اجتماعيًا، ويمكن تطبيقه على أفراد المجتمع دون اعتراض منهم؛ ذلك لأنّ شرعية وجوده مستمدة من الاعتراف به من قِبل معظم الأفراد في المجتمع، وتقضي المحكمة باعتبار أي قانون غير مقبول اجتماعيا أنّه قانون غير معترف به، ولا يطبق على المواطنين ولا يلزمون به.
لا جسم موحد
يختلف الدستور العرفي تبعًا للمجتمع الذي يطبق به، فلكل مجتمع خصوصيته الثقافية والتاريخية والاجتماعية، ويضع أبناؤه ما يلائم هذه الخصوصية من قوانين وأعراف يسيرون عليها؛ لتمييزهم مصلحتهم الخاصة، لذا فإنّ الدستور العرفي لا يملك هيكلا موحدًا يطبق على جميع المجتمعات، بل يختلف من منطقة لأخرى، ويتغير بتغير الظروف العامة التي تفرضها الطبيعة الديناميكية للأزمان.
الدستور العرفي البريطاني أنموذجًا
يعد الدستور البريطاني المستمد من الأعراف من النماذج على الدستور العرفي، يعود هذا لقِدم المملكة وعمقها التاريخي الممتد إلى قرون طويلة، مما يجعل هذا الدستور ينشأ بشكل تدريجيّ متأنٍ، صبغ على طبيعة الشعب الإنجليزي هذا التأني في إحداث التغييرات خاصة فيما يتعلق بالقوانين.
تتواجد وثائق مكتوبة في الدستور الإنجليزي والتي تتضمن قوانينًا بخصوص حقوق الأفراد وتنازلات الملك للشعب، إلّا أنّها لا تُعد سوى قوانين ثانوية يلجأ إليها في الحالات الخاصة الاستثنائية؛ لأنّ الاعتماد الأساسي والأولي يقوم على الدستور العرفي.