خريطة الإدريسي للأرض
اعتمد الناس على أبحاث وأعمال العلماء ورسامي الخرائط لتوضيح الطرقات ومناطق العالم، قبل قرونٍ من إيجاد تطبيقات الملاحة الرّقمية التي وضعت الخرائط العالمية في متناول أيدينا، وكان الإدريسي أشهر رسامي الخرائط الذين نشروا خرائط مبكِّرة للعالم الجغرافي والرّحالة خلال العصور الوسطى. ومن هذه الخرائط هي خريطة الإدريسي للأرض، وهو ما سنوضّحه بالتفصيل في المقال.
خريطة الإدريسي للأرض
استغرق الإدريسي وقتًا طويلًا في رسم الخريطة الموحَّدة للعالم، ولكن ساعده كثيرًا أنَّ صقلية كانت ملتقى طرق عالمية للثقافة والأفكار المختلفة، فرسم الإدريسي الجزيرة العربية، وآسيا، والهند، والبحر الأبيض المتوسط، وأوروبا، وشمال أفريقيا على خريطة دائرية.
كيف صنع العالم الإدريسي خريطةً للأرض؟
إذ صنَع الإدريسي كرة أرضية كبيرة تتكون من الفضة، ووضَّح فيها أنَّ قُطر الكرة الأرضية عند خط الاستواء ، كما أشار لنصفي الكرة الأرضية ومناطقها المناخية والبحار والخلجان الواقعة فيهما.
قصّة رسم خريطة الإدريسي للأرض
عُيِّن الإدريسي مستشارًا للملك روجر الثاني ملك صقلية عام 1145م، بهدف إنشاء خريطة مُحدَّثة للعالم المعروف، ولهذا أَرسَلَ الإدريسي الكثير من الجغرافيين والرّحالة حول العالم لجمع معلوماتٍ دقيقة وتفصيلية لرسم هذه الخريطة المُحدثة. وقد أثمرت جهود الإدريسي قبل وقتٍ قصير من موت الملك روجر عام 1154م، وألَّف كتابه الشهير (رحلة شخص حريص على اجتياز مناطق العالم)، ووضع في الكتاب 70 خريطة لمناطق العالم المُختلفة ضمّت العالم من شمال خط الاستواء، وقد تُرجِم هذا الكتاب للغة اللاتينية ولبعض اللغات الأخرى، ودُرِّس عالميًا في كثير من بلدان العالم.
نشأة العالم الإدريسي
عُرِف العالم العربي الإدريسي بأبي الخرائط، وهو كامل أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحساني الإدريسي، المُلقب بالشريف الإدريسي لانحداره من نسل الأدارسة الذين يُردون لحفيد الرسول الحسن بن علي، وهو من مواليد عام 1100م في مدينة سبتة في المغرب.وفي حياته المبكِّرة سافر كثيرًا ما بين شمال أفريقيا وأسبانيا، فقد دَرَس في قرطبة لعدّة سنوات، وعاش في مراكش وولاية قسنطينة الواقعة في الجزائر.
أسفار وإنجازات العالم الإدريسي
أُخِذَت أسفار العالم الإدريسي إلى أجزاء كثيرة من أوروبا الغربية بما في ذلك جنوب إنجلترا، وشمال أسبانيا، والبرتغال، وساحل المحيط الأطلسي المُطلّ على فرنسا، وسافر كذلك لآسيا الوسطى وهو في عمر 16 عام، وفي حوالي عام 1145م دخل الإدريسي في خدمة ملك صقلية روجر الثاني مما شكل نقطة تحول كبيرة في حياته الشخصية والمهنية.
رُبطت جميع أبحاث وإنجازات الإدريسي بالمحكمة النورماندية في باليرمو حيث عاش لبقية حياته فيها، وعُزي قلة المعلومات عن سيرة الإدريسي في المصادر الإسلامية لهذا الأمر، حيث اعتبره العديد من المؤرخين مرتداً بسبب خدمته لحاكم غير مُسلم، وبسبب إشادة المؤرخين الأجانب بسخاء بإنجازاته خاصةً رسمه لخريطة العالم.