حياة القرود
القرود
القرود هي كائنات حية تنتمي لفصيلة الحيوانات الرئيسية ذات الذيل، تتميز بهيكلها العظمي ضيق الصدر والوجه القصير والمسطح دون بروز كبير (باستثناء قرود البابون)، وتحتاج القرود لبيئة استوائية للعيش، إذ توجد الغالبية العظمى منها في الغابات الاستوائية، وتتنقل من مكان لآخر للبحث عن الطعام.
تتميز القرود عن غيرها من الحيوانات بأنها تسطيع الجلوس بشكل مستقيم (كما الإنسان)، ولها خمس أصابع تحوي مخالب باستثناء إصبع القدم الكبير، لا تستطيع القرود المشي باستخدام أقدامها فقط وإنما تستخدم أيديها، ويشار إلى أنها غير قادرة على الوقوف باستخدام الأرجل لمدة طويلة.
موطن القرود
تعيش معظم القرود في الغابات الاستوائية، في آسيا وأمريكا الوسطى والجنوبية، أو في السافانا في إفريقيا، ولقد وجدت القرود في العالم في منطقتين رئيسيتين، وعليه صنف العلماء القرود إلى: قرود العالم القديم، التي توجد في قارة آسيا وإفريقيا، وتشمل: قرود الجينون، والمنجابي، والماك، والبابون، وكولوبوس.
أما قرود العالم الجديد فتوجد في المكسيك، وأمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية، وتشمل؛ القرود الصوفية، والقرود العنكبوتية، وقرود الكبوشي، وقرود العواء، وقرود السنجاب.
غذاء القرود
تصنف القرود في السلسلة الغذائية على أنها رئيسيات ناهمة، أي تعتمد في غذائها على النباتات واللحوم، وقد يتغير الأمر بناء على الموطن الذي تقطن فيه وما يتوفر فيه من مصادر غذاء، وتتغذى القرود بشكل أساسي على؛ الفواكه، والبذور، والزهور، وبعض أنواع المكسرات (كغذاء رئيسي)، إلى جانب بيوض الطيور، وبعض الكائنات، مثل: السحالي، والعناكب، والحشرات.
ومما تجدر الإشارة إليه أن القردة في البراري تأكل الموز، ولكنه يعد من الأكل غير المرغوب فيه، إذ تم منعه في حديقة حيوان في إنجلترا، لما قد يسببه من مشاكل للقرود في الأسنان، كما أنه يسبب السمنة، ومرض السكري لها، وجدير بالذكر أن القرود قد تستغرق مدة طويلة للبحث عن طعامها.
التكاثر لدى القرود
تتكاثر القرود جنسيًا، إذ تلد أنثى القرد صغيرها بعد حدوث الحمل بـ160 يومًا، وتنجب صغير واحد كل عامين، ولا يوجد وقت محدد لتزاوج القردة، فالأمر يعتمد على وجود المأوى والغذاء، ففي حال انعدام الطعام والسكن تتوقف القرود عن عملية التزاوج.
ويعتمد صغير القرد على الرضاعة من الأم كمصدر رئيسي للغذاء، كما أن هناك عددًا قليلًا من القردة تتزاوج خلال أول أعوام من حياتها، بينما يكون التزاوج عند الأغلبية من عمر 4-8 سنوات، وتجدر الإشارة إلى أن الإناث تنضج جنسيًا وتكون قادرة على التزاوج قبل الذكر بنحو عام.
لا تقوم بعض أنواع القردة بالتزاوج لفترات طويلة، وبالتالي لا يكون هناك أي تواصل جنسي يؤدي إلى التكاثر، أو قد يقتصر التواصل الجنسي بينهم على فترة الشبق (التبويض)، قد يكون هذا السلوك إلى جانب اعتماد القردة على الغذاء والمسكن سببًا في أن أعدادها ليست كبيرة، ولكن هناك أنواع أخرى تتزاوج على مدار العام.
مراحل حياة القرود
للقردة دورة حياة تشمل العديد من التغيرات، وتختلف مدة دورة حياة القردة باختلاف أنواعها ، وفيما يأتي مراحل حياة القرود:
مرحلة ما قبل الولادة
مرحلة الحمل؛ تستمر هذه المرحلة نحو 5.5 شهر، وفي هذه المرحلة، ترتبط صحة القرد الجنين بصحة الأم، إذ إن الإجهاد وضعف الصحة سبب في حدوث مشاكل في صحة الصغير كالتشوهات الخُلقية أو التشوهات السلوكية.
وتشبه هذه المرحلة مرحلة تكون الإنسان، إذ إن جنين القرد ينمو في رحم الأنثى، وخلال هذه الفترة تتكون أعضاء جسمه، بما في ذلك الرأس، والذراعين، والساقين، وباقي أجزاء الجسم.
مرحلة الطفولة
تمتد هذه المرحلة من الولادة وحتى العام الثاني، وتتميز بعدة خصائص، فبعد أول ساعة من الولادة يبدأ صغير القرد بالرضاعة ، وفي عمر الأسبوعين يبدأ بتناول الغذاء الصلب، وعندما يصل القرد إلى عمر الشهر والنصف يبدأ بالتحرك والاستكشاف بشكل مستقل عن الأم.
كما أن وزن القرد الرضيع يبدأ بالزيادة ليصبح نحو 0.65 كغ بعد شهر من الولادة، ويستمر في النمو إلى أن يصل إلى 1 كغ في عمر 5 أشهر، وعندما يصل إلى عمر 4-8 أشهر يفطم تدريجيًا.
ببلوغ صغير القرد العام الأول، يصل متوسط وزنه إلى نحو 1.3 كغ، ويبدأ حينها الفطام الغذائي الكامل، كما يبقى الصغير حتى عمر السنة والنصف قريب من الأم إلى أن تلد قرد آخر، في هذه المرحلة، يطور القرد مهارات اجتماعية، وسلوكية ترتبط بشكل مباشر بالجنس، كنوع من التهيئة للاستعداد للتزاوج في المرحلة اللاحقة.
مرحلة المراهقة والنضج الجنسي
تمتد هذه المرحلة من عمر 3 سنوات حتى 7 سنوات، وفيها تكون القرود حققت النضج الجنسي، ونتيجة لذلك تحدث عدة تغيرات في الهرمونات وخصائص السلوك الجنسي، وتبدأ في هذه المرحلة دورة الشبق التي تمتد 26-29 يومًا، ومن عمر 3-4 سنوات تكون الإناث قادرة على التكاثر، إلا أن الذكور تحتاج إلى وقت أكثر لتكون قادرة على التكاثر.
مرحلة البلوغ
تبدأ هذه المرحلة بعد عمر الثماني سنوات، ويكون الذكر فيها وصل للحجم الكامل الذي يؤهله للتكاثر، ويبدأ في هذا العمر موسم التزواج للجنسين بشكل كامل.
مرحلة الشيخوخة
تمتد هذه المرحلة من عمر 15 عامًا وما بعد، ونادرًا ما تظهر أمراض الشيخوخة في المجموعات البرية، لكن القرود الأسيرة والموجودة في الحدائق تكون أكثر عرضة لتهديد الأمراض، وأهم الأمراض التي تصيب القرود في هذه المرحلة؛ السرطان، السكري، السمنة، التهاب المفاصل، تصلب الشرايين، أمراض اللثة، وإعتام عدسة العين.
متوسط عمر القرود
تختلف المدة الزمنية لمتوسط حياة القرود باختلاف النوع والنظام الغذائي ووجود الحيوانات المفترسة التي تتغذى على القرود، غالبًا ما تموت القردة التي تعيش في البرية قبل أن تصل لسن الشيخوخة، إذ تصل لمرحلة الرشد فقط، أما القرود التي تكون في الأسر فقد تكون ذات عمر أطول، وقد تصل إلى عمر العشرينيات وأحيانًا للثلاثينيات وهي بصحة جيدة.
سلوك القرود
تتميز القرود بسلوكيات تميزها عن غيرها من الحيوانات، ومن أهم هذه السلوكيات ما يأتي:
- النشاط الحركي خلال فترة النهار باستثناء بعض الأنواع التي يطلق عليها قرود البومة أو قرود الليل.
- استخدام أسلوب حل المشكلات، إذ تعتبر هذه الحيوانات ذات نسبة ذكاء عالي.
- العيش ضمن جماعات، وتتكون المجموعات من الإناث التي ولدت ضمن المجموعة ومن صغارها وذكر واحد أو أكثر.
- تواصل القرود مع بعضها بعضًا من خلال استخدام لغة الجسد والأصوات، التي تظهر على شكل صراخ أو نباح أو نعيق، التي يمكن سماعها على بعد 5 كم.
التواصل الاجتماعي لدى القرود
تعيش القرود ضمن مجموعات اجتماعية، ويتم فيها تنسيق الأنشطة وعمليات التفاعل المتكررة التي تحقق المصلحة العامة، بحيث يطور أفراد المجموعة الانتماء لتحقيق الاستمرارية مقابل العدوانية للحفاظ على المجموعة من التهديدات.
وتتميز الحياة الاجتماعية بأنها تتطلب إظهار المنافسة والصراع في بعض الأحيان، وقد تتطلب أيضًا مشاركة الموارد الغذائية، والموارد المائية، ومواقع النوم، مع مراعاة وجود ترتيب هرمي للأفراد المهيمنة في المجموعات، التي لها الأحقية في الوصول للموارد المحدودة.
من خلال التواصل الاجتماعي تحمي مجموعة القرود نفسها من الافتراس والتعرض لمصادر الخطر، ويسمح التواصل بزيادة دائرة الرفقاء، كما أن التواصل الاجتماعي سبب في انتقال السلوكيات الاجتماعية الضرورية للبقاء من جيل لآخر ضمن المجموعة الحيوانية، ويعد الوجود ضمن مجموعات سببًا في تخفيف نسب التوتر والصراع، والحفاظ على أكبر قدر ممكن لأمن المجموعة.
وتستخدم القرود المكالمات الخفية كسلوك للتواصل، إذ يبدأ قرد واحد بإصدار الصوت والرسالة لينضم له الآخرين من المجموعة، وأهم هذه المكالمات الخفية ما يستخدمه القرود الذكور من أصوات كوسيلة لجذب الإناث، أو للفت الانتباه في حال الوجود بشكل وحيد، أو التحذير بشأن الخطر المهدد للمجموعة، وما تجدر الإشارة له هنا أن الإناث لا تستجيب للرسائل الصوتية التي يطلقها الذكور الغرباء خارج المجموعة التي تنتمي إليها.
المجموعات الاجتماعية للقرود
تُنشئ القرود مجموعات ذات أعداد صغيرة نسبيًا مقارنة بالحيوانات الأخرى، إذ إنها من الحيوانات التي تعتمد على الفواكه والنباتات في غذائها، وبالتالي عدد المجموعة يتناسب مع المنافسة على الموارد الغذائية، وتتشكل مجموعات القرود من فئات رئيسية، وهي:
الأنثى العزباء ونسلها
هذا النوع من المجموعات الاجتماعية يعد نادرًا عند الرئيسيات، وفيه تكون الأنثى موجودة مع صغارها الإناث بشكل خاص لفترات طويلة، وفي حال وجود الأطفال الذكور فهي تبتعد عند البلوغ والوصول لمرحلة النضج الجنسي، مع إمكانية التجمع في فترات التزاوج، وتكون هذه التجمعات ضمن أماكن خاصة بالإناث.
مجموعة الأسرة أحادية الزواج
يوجد هذا الشكل من المجموعات بين القرود الآسيوية، وقرود العالم الجديد، إذ تتكون هذه المجموعة من ذكر وأنثى مع أطفالهم، ويمكن تشبيه هذا الشكل بشكل الأسرة النووية لدى البشر، وهذا الشكل من المجموعات يعد نادرًا، وأشهر فصائل القرود التي تنشئ هذه المجموعة هي الغيبون، والسيامانج، وقرود تيتي، والإندريس، والتارسير، والبوتو.
مجموعة عائلة بولياندروس
تضم هذه المجموعة أصغر قرود العالم؛ المارموزيت والتمران، يبدأ تشكل هذه المجموعات بمجموعات أحادية الزواج، بحيث يكون الذكر والأنثى والأطفال، وبعدها ينضم ذكر جديد إلى الأسرة ويقدم الخدمات المساعدة في عملية التربية والعناية بالأطفال، وفي هذه الحالة تكون الأنثى قادرة على التزاوج من كلا الذكرين في المجموعة، ويتميز الدور الذكري في هذه المجموعة بدوره في عملية التنشئة، إذ يوجد الأطفال مع الأب معظم الوقت.
مجموعة من ذكر واحد وعدة إناث
تتميز هذه المجموعات بوجود ذكر بين مجموعة من الإناث، مما يعني أن ذكرًا واحدًا يتزاوج بشكل منتظم مع الإناث، ويعيش مع أكثر من أنثى في الوقت نفسه، وفي هذه المجموعات على الرغم من أن الذكر قد يكون مهيمنًا إلا أن هذا الأمر لا يمكن تعميمه، فمثلًا تسيطر إناث سلالة الجلاداس على المجموعة، على الرغم من أن الذكر أكبر حجمًا وأكثر عدوانية.
وتتخذ هذه المجموعة شكلًا مختلفًا في حال وجود تهديد وضغط خارجي، إذ تجتمع العائلات لتكون عائلات متعددة الزوجات، ويكون الذكر هو المسيطر، بحيث يحافظ على النظام ويوفر الحماية للمجموعة، وعند وصول القردة الذكور إلى سن الرشد يتم طردهم من قبل الذكر المسيطر، أما الإناث عندما تصل لمرحلة النضج، فإنها تترك الأسرة لتكون أسر مستقلة بها.
مجموعة متعددة الذكور والإناث
وهذا النوع هو أكثر الأنواع انتشارًا بين الرئيسيات، إذ تتألف المجموعة من ذكور وإناث متعددة، تتواجد قرود السافانا والمكاك وكولوبوس وقرود العالم الجديد في هذا النوع من المجموعات، تتميز هذه المجموعات بتسلسل هرمي للهيمنة بين الذكور والإناث، مما يخفف من خطر العنف، إذ تعلم المجموعة لمن يجب الخضوع والإذعان، وفي هذا النوع تبقى الإناث مجتمعة كفريق طوال حياتها، خاصة في نوع المكاك، منعًا لوجود إناث دخيلات على مجتمعهم.
مجتمع الانشطار والاندماج
وهو المجتمع الذي تتغير فيه شكل المجموعة وحجمها وتكوينها نتيجة الأنشطة المتعددة التي يقوم بها الأفراد، وهو النمط المتعارف عليه لدى الشامبانزي، إذ يدخل الشامبانزي المجتمع من ثم يغادره، فيعيشون بشكل منفرد تارة وبشكل جماعي تارة أخرى.
وقد تقوم الإناث في هذا المجتمع بتغيير عضويتها من مجموعة إلى أخرى، خاصة في مرحلة التزاوج (الشبق)، ويتم تأسيس مجموعات جديدة بهدف البحث والحصول على الطعام.
وتسمح الطبيعة السلوكية للشامبانزي بوجود هذا الشكل من العلاقات الواسعة التي فيها تأسيس لمجموعات جديدة، فهو ينشئ العلاقات الخارجية مع المجموعات المجاورة المختلفة التي تسمح بإحداث التغير بشكل ومكونات المجموعة وحجمها.
تنتمي القرود إلى الرئيسيات غيرية التغذية، وتعد إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية والوسطى موطنها الأساسي، وتعتمد في غذائها على النباتات واللحوم، ويحدث التكاثر نتيجة التواصل الجنسي بين الذكر والأنثى.
وللقرود دورة حياة تبدأ بمرحلة الطفولة وتمر بالرشد والنضج إلى أن تصل لمرحلة الشيخوخة، ويصل متوسط عمر القرود ما بين 15-30 عامًا، ولها سلوكيات تميزها عن غيرها أهمها؛ استخدام الذكاء في حل المشكلات، واستخدام لغة خاصة كوسيلة للحماية والبقاء، وتوجد على شكل مجموعات تختلف باختلاف النوع والبيئة.