حوار عن اخلاف الوعد
حوار بين صديقين عن إخلاف الوعد
في حوارٍ بين صديقين كانا على اتصالٍ وتواصلٍ دومًا، الأول يُدعى معتصم والثاني يُدعى كريم، واوجتمعا على طاعة الله دومًا، وبعد فترة حدث بينهما حوار بعد أنّ حاد أحدهما عن طريق الصواب والصلاح الذي كانا يسيران عليه، ودار الحوار الآتي:
معتصم: ما لي أراكَ يا أخي قد ابتعدت كثيرًا، وكأنك تهوى الجفاء؟ أما تذكر الوعود التي بيننا؟ وعدٌ بأن لا نترك الصلاة إلّا ونصلّيها سويةً، ووعد أن نبقى على تواصل، ووعد أن نُذاكر دروسنا سويةً.
كريم: ما لي وهذي الوعود التي تُقيدني، أتُريدني أن أكون في سجنٍ عنوانه وعود؟ ثمّ من قال إنّها ذات أهمية، أقول لك اليوم نعم وغدًا أقول لا، ما المانع في ذلك؟ فمزاجي ليس بيدي، هو متقلبٌ كل يومٍ كيف يشاء، وأنا على هواه أسير.
إخلاف الوعد يُفقدنا الأحبة
استمر عتاب معتصم لصديقه كريم، فجرى الحوار الآتي:
معتصم: أتذكر يوم قطعنا وعدًا بأن نذهب لدار المسنين، واتفقنا على أن ندفع تكاليف زيارتنا سويةً، ثمّ تخلفت عن المجيء، ووضعتني في موقف محرجٍ، وكان عليّ أن أوفي لأصحاب المحال بأموالهم؟ أنا لا أُطالبك بالمال ولكن لو قلت لي مسبقًا لما حدثت مشكلة كبيرة يومها.
كريم: ألا تعتقد أنّ هذا ممتعٌ قليلًا؟ ثمّ لماذا أتكبّل معك بكل هذه الأشياء؟ ومن قال بأنّي وافقت؟ لقد قلتها مزاحًا ثمّ أنت الذي أخذت الأمور بجدية.
معتصم: ألم نتعاهد وضربنا أكفنا في حماسٍ شديد.
كريم: إنّها حركاتٌ طفولية أوَ تعتبرها شيء كبير، لا أرى في الوعد شيئًا مثيرًا للاهتمام.
معتصم: احذر يا صديقي أن تستمر في هذا الطريق، فهو سبيل النفاق والضياع، ثمّ إنّك لن تجني من هذا الإخلاف إلّا فقدان الأحبة من حولك.
كريم: أوَتظن ذلك؟ إذن سأفكر في الموضوع ثانيةً، فربما ضائقة الصدر التي أعيشها مؤخرًا هي من هذه التصرفات، ولكن عِدْني أن تكون بجانبي.
معتصم: وعدٌ مني لن أُخلفه، سأكون جوارك دومًا.
إخلاف الوعد لا تُحمد عقباه
بعد أن وعد كل من كريم ومعتصم الآخر بالوفاء بالوعد، دار الحوار الآتي:
كريم: أخبرني يا صديقي عن الوفاء بالوعد وأهميته.
معتصم: الوفاء بالوعد من شيم الصادقين المخلصين، والأشخاص الناجحين في حياتهم، بينما إخلاف الوعد ما هو إلّا نزغٌ من النفاق إذا استمر فيه الإنسان، فستكتسب شخصيته طابعًا سيئًا، وسيبتعد عنه الآخرون فهو مصدرٌ غير آمن.
إخلاف الوعد من صفات المنافقين
بيّن معتصم لصديقه كريم أهمية الوفاء بالوعد وأثره على النفس والمجتمع، وأكملا حديثهما على النحو الآتي:
كريم: الثقة والأمان والاطمئنان كلها مفاهيم مهمة تندرج تحت مفهوم الوفاء بالوعد.
معتصم: نعم، صحيح هذا يا كريم، قال الأصمعي: "وصف أعربي قومًا، فقال: أولئك قومٌ أدبتهم الحكمة، وأحكمتهم التجارب، ولم تغرهم السلامة المنطوية على الهلكة، ورحل عنهم التسويف الذي قطع الناس به مسافة آجالهم، فقالت ألينتهم بالوعد، وانبسطت أيديهم بالإنجاز، فأحسنوا المقال، وشفعوه بالفعال".
كريم: الآن أدركت أنّ إخلاف الوعد هو من صفات المنافقين، وله أبعاد اجتماعية سلبية جدًا، إذ أنّه يُقلل من الثقة بين الأفراد، وهذا من شأنه أن يُقلل الترابط بين أفراد المجتمع الواحد، شكرًا لك يا معتصم على هذا الحوار الرائع.