أساليب القيادة
القيادة الاستبدادية
شاع أسلوب القيادة الاستبدادي أو الأوتُوقراطِي في بيئات العمل القديمة، ويقوم على التحكّم والسيطرة على الفريق، وتنفيذ أوامر القائد بحذافيرها؛ اعتقاداً منه أنّه الأكفأ والأكثر مهارةً بين الجميع، حيث يتخذ القائد جميع القرارات مع مشاورة قليلة لأعضاء الفريق، ويلجأ القادة أحياناً إلى اتّباع أسلوب القيادة الاستبدادي كطريقة للتعامل مع بعض المُستجدّات الطارئة التي تتطلّب اتخاذ القرار بأسرع وقت مُمكن، والتي يكون فيها القائد على دراية أكبر بطبيعة الموقف، أو عند التعامل مع موظفين جُدد لا يملكون من الخبرة القدر الكافي الذي يُؤهّلهم للمشاركة في صنع القرار.
القيادة التفويضية
تفوّض كافّة المهام في هذا النوع من القيادة إلى أعضاء الفريق، حيث يضع القادة ثقتهم بالموظفين، دون تدخّل أو حصر فيما يتعلّق بالقوانين، أو ساعات العمل، أو مواعيد تسليم العمل، وإنّما ينصبّ تركيزهم على الإنجاز وإدارة العمل ككلّ، ويعتمد نجاح هذا الأسلوب على كفاءة أعضاء الفريق وتحمّلهم المسؤولية، وتفضيلهم العمل الفردي، كما ويشجّع القادة التفويضيون على الابتكار، ويسعون دائماً إلى خلق بيئة عمل إيجابية، ومع ذلك فإنّ الثقة المُطلقة بالموظفين قد تُؤدّي إلى إضعاف فُرص تطوّر الشركة ونموّها، إضافةً إلى أنّ الموظفين أقلّ قدرة على التأقلّم مع التغيير، وقد يُؤدّي وقوع الخلافات بين أعضاء الفريق إلى تفكّكه، وعليه ضعف الدافع وانخفاض الروح المعنوية.
القيادة الاستراتيجية
يُركّز القادة في هذا الأسلوب على أمرين أساسيين: أداء الشركة وإنجازها من جهة، وفرص تطوّرها ونموّها من جهة أخرى، حيث يتحمّل القائد أعباءً إداريةً إضافيةً، إلى جانب مُهمّته في الحفاظ على استقرار العمل في سبيل منفعة جميع أعضاء الفريق، وتُفضّل العديد من الشركات اتّباع هذا الأسلوب من القيادة؛ وذلك لأنّ التفكير الاستراتيجي يُمكّنها من دعم العديد من الموظفين في آن واحد، إلّا أنّ ذلك قد يُعرّض بعض القادة لاتخاذ قرارات خطيرة مُتعلّقة بعدد الموظفين الذين يُمكن دعمهم، والطريق الأنسب الذي ينبغي على الشركة اتّباعه إذا حصل الجميع على ما يحتاجون في الوقت ذاته.
القيادة الديموقراطية
يُعدّ هذا الأسلوب أحد أكثر أساليب القيادة فاعليةً في تحقيق الأهداف، حيث يمنح القادة القدرة على ضبط فريقهم دون إهمال مشاركتهم في صنع القرارت، وقد أثبتت الدراسات ارتفاع مُساهمة أعضاء الفريق في هذا الأسلوب مُقارنةً بالأسلوب الاستبدادي، ويُشجّع القائد في هذا الأسلوب أعضاء فريقه على المشاركة وإبداء رأيهم، ممّا يُشعرهم بأهميتهم، ومُساهمتهم في إنجاح العمل في الفريق، ممّا يُحفّزهم ويجعلهم أكثر إبداعاً، ويبقى اتخاذ القرار النهائي مُناطاً بالقائد.
القيادة التحويلية
يُعتبر هذا الأسلوب أحد أساليب القيادة الوحيدة الفعّالة، حيث بدأ العمل به في أواخر السبعينات، وبعدها طُوّر من قِبل الباحث برنارد باس، ويتميّز القادة التحويليين في هذا الأسلوب بقدرتهم على تحفيز الموظفين، وإلهامهم، وإحداث تغيير إيجابي في عمل الفريق، كما يتصف القادة الذين يتبّنون الأسلوب التحويلي بالذكاء العاطفي، والحماس، والشغف، فضلاً عن اهتمامهم في تحقيق إمكانيات موظفيهم إلى جانب إنجاز أهداف المؤسسة، أثبتت بعض الأبحاث النتائج الإيجابية لاتّباع أسلوب القيادة التحويلية والتي تتمثّل في تحسين أداء الموظفين، ورفاهيتهم، ووجود حالة من الرضا الجماعي .
القيادة التوجيهية
يُعدّ هذا الأسلوب من أساليب القيادة المفيدة للقائد والفريق على حد سواء، وبالرغم من ذلك يوجد القليل من الشركات التي تعتمد هذا الأسلوب؛ نظراً لأنّه يأخذ الكثير من الوقت، إذ يمتلك القادة المُوجّهين أو المُدرّبين القدرة على تمييز نقاط القوة والضعف في كلّ فرد من أعضاء الفريق، فضلاً عن الحافز الذي يطوّر من قدراتهم الفردية، ويُركّز القادة في هذا الأسلوب على تقويم أداء الموظفين وتطويره من خلال تحديد أهداف ذكية، وتقديم الملاحظات بانتظام حول المشاريع الصعبة، ويجب على القائد امتلاك العديد من الصفات لإنجاح أسلوب القيادة التوجيهية، ومنها ما يأتي:
- تحديد أهداف واضحة، وطرح الأسئلة الإرشادية.
- خلق بيئة عمل إيجابية ومُحفّزة.
- دعم الموظفين ومساعدتهم، وتوجيهم بدلاً من إعطاء الأوامر.
- إدراك أهمية التعلّم المستمر من أجل النمو.
- الموازنة بين منح المعرفة اللازمة، وإعطاء حرية البحث عنها.
- التشجيع على التفكير الحر، وتنمية المهارات.
القيادة المتبصرة
يُثبت هذا الأسلوب فعاليته بشكل ملحوظ في بيئات العمل الصغيرة التي تسعى للنمو، أو الشركات الكبيرة التي تشهد تحوّلاً أو إعادة هيكلة، و يعتمد القادة ذو البصيرة والرؤية في تطوير الشركة وضمان نمو العمل على قدرتهم العالية على إلهام الموظفين، وكسب ثقتهم حول الأفكار والأساليب الجديدة، فضلاً عن امتلاكهم صفات المثابرة، والابتكار، وروح المغامرة، كذلك فإنّهم يمتلكون القدرة على التخطيط ووضع الاستراتيجيات، ومع ذلك فإنّ تركيزهم على نمو الشركة وما ستكون عليه مستقبلاً قد يُعرّضهم لخطر الإغفال عن تفاصيل مهمّة، أو تجاهل بعض الأفكار التي باعتقادهم تخصّ الوقت الراهن.
تُعرف هذه القيادة أيضاً بقيادة الموثوق به أو القيادة الحكيمة، إذ يتمتّع صاحبها بثقة عالية تُمكّنه من رسم خارطة العمل، والأهداف المُتوقّع تحقيقها، مع الحفاظ على دافعية الفريق تجاه العمل وإشراكهم في صنع القرار، كما يعتمد الفريق على القادة في قيادة الطريق، وإزالة الشكوك خاصة في جوّ يسوده الغموض، وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب، ممّا يُمكّن الشركة من تحقيق أهدافها، وعلى عكس القادة الاستبداديين الذين يقومون بفرض القرارت فقط، يمنح القادة من هذا النوع فريقهم تفسيراً واضحاً حول القرارات المُتخذّة، ويترك لهم مساحة الاختيار والمشاركة في القرارات التي تُحقّق منفعة الجميع.
القيادة التبادلية
يقوم هذا الأسلوب على مبدأ الأخذ والمنح، حيث يُوافق الموظفون منذ قبولهم الوظيفة على تنفيذ الأوامر وإنجاز المهام المُوكلة إليهم من قِبل القائد، وعليه يتقاضون المال مقابل إتمامهم العمل، ويتضمّن ذلك إمكانية معاقبة الموظفين المُقصّرين في أدائهم، ويُعدّ هذا الأسلوب من الأساليب المنتشرة في العديد من بيئات العمل، حيث يُوضّح لجميع الأطراف حقوقهم وواجباتهم، ويرسم للموظفين أهدافاً واضحةً، وسهلة القياس والتطبيق، كما ويُحفّز الموظفين الذين يبحثون عن التقدير المادّي مقابل عملهم، ومع ذلك فقد تفتقر القيادة التبادلية للأمن أو الأخلاق الوظيفية إلى حدٍ ما، كما أنّها تخلق أتباعاً أكثر من قادة بين الموظفين، فضلاً عن الحدود التي يفرضها هذا الأسلوب على الابتكار أو المعرفة.
القيادة الخدمية
يُركّز القائد في هذا الأسلوب على تحقيق أهداف العمل من خلال تلبية احتياجات الفريق، إذ يُعدّ القائد نفسه جزءاً من الفريق دون ألقاب أو مُسمّيات رسمية، كما يتمتّع بصفات السخاء والنزاهة ممّا يُمكّنه من خلق بيئة عمل إيجابية تسودها الروح المعنوية والتحلّي بأخلاق العمل، ويتبع الموظفون القادة باعتبارهم قدوةً يُحتذى بها، إلّا أنّ البعض يعتقد أنّ هذا الأسلوب لا يُناسب البيئات التنافسية التي قد يكون فيها أداء القادة من هذا النوع أقلّ من غيرهم، بالإضافة إلى عدم كفاءتهم في المواقف التي تحتاج إلى اتخاذ قرارات سريعة ومُحدّدة بوقت معين.
القيادة البيروقراطية
يكتسب القادة في هذا الأسلوب سلطتهم من المركز أو المُسمّى الوظيفي، بغض النظر عن امتلاكهم صفات ومهارات قيادية فريدة، وعليه فإنّهم يضعون أُسساً مُحدّدةً من أجل السير عليها لكنّها تفتقر للابتكار، وتشمل هذه الأسس: المسؤوليات، وقواعد العمل، والقرارات المُتخذة، كما يحرص القادة بشكل أساسي على تتبّع إنجاز العمل بالطرق المُتوقّعة والأساليب المدروسة مُسبقاً من أجل ضمان نجاحها، ممّا يجعل القيادة البيروقراطية أسلوباً تقليدياً، لا يتصف بالمرونة أو إتاحة المساحة للابتكار، ويخلو من روح المغامرة والمخاطرة عند حدوث أيّة مُستجدّات.
القيادة الكاريزمية
تُعرف أيضاً بالقيادة المُلهمة، ويعوّل القادة على الكاريزما من أجل تنظيم سلوكيات الموظفين، وتوحيد آرائهم حول قرار أو قضية مُعيّنة على مجموعة من العوامل أهمّها؛ الشخصية الجاذبة، والقدرة على الإقناع، وذلك بدلاً من التعليمات الصارمة، ويُشار إلى أنّ الأفراد من هذا النوع يقع عليهم الاختيار دائماََ من أجل تقديم عرض أو إلقاء الخطابات في المناسبات المختلفة، حيث إنّهم مُلهِمون بطبيعتهم، وبإمكانهم الحصول على تأييد عدد كبير من الحضور، ويمتلك القادة من أصحاب الأسلوب الكاريزمي القدرة على وضع رؤيتهم والسعي لتحقيقها من خلال جذب وإثارة الموظفين نحو ذات الهدف، ومع ذلك فهم يتّصفون برؤيتهم الضيقة، حيث يصبّون تركيزهم على مسألة ما، ويغفلون عن المسائل الأكبر، أو المُستجدّات التي قد تطرأ على نحو مفاجئ.
القيادة الداعمة
يحرص القائد الداعم على إكساب الموظفين المهارات اللازمة التي يحتاجونها لإتمام المهام المُسندة إليهم، حيث لا يكتفي القائد بتفويض الفريق بالواجبات فقط بل يحرص على مشاركة الموظفين حلّ المشكلات والصعوبات التي تُواجههم، وتقديم المساعدة والتدريب اللازم عند الحاجة، مع ترك مساحة كبيرة أمام الموظفين للعمل بشكل مستقل، ويتصف كذلك القادة الداعمين بالتعاطف واحترام موظفيهم، ممّا يُشعر الموظفين بأهميتهم، وكفاءتهم، ومع ذلك يجب على القائد عند اتّباع الأسلوب الداعم توخي الحذر من فقدان تقديره كمدير في حال مُساهمته في حلّ المشكلات فقط، والتقصير في متابعة سير العمل وتحقيق أهداف الشركة ككلّ.