حكم نتف الشعر أثناء الصيام
حُكم نَتف الشَّعر أثناء الصيام
يُعرَّف النَّتْف في اللغة بأنّه: النَّزْع، يُقال: نَتَفَ، أو يَنْتِف شَعْره نَتْفاً؛ أي نَزَعه، وورد في المعجم الوسيط أنّ معنى نَتَف الشَّعْر، أو الريش؛ أي نَزَعَه، أو نَتَشَهُ، وإن أُزيل أو نُتِف الشَّعْر أثناء الصيام فلا يَبْطل، ولم يرد عن أحدٍ من العلماء القول بأنّ إزالة الشَّعْر أثناء الصيام سببٌ لبُطلانه؛ سواءً كان شَعْر الرأس، أو أيّ موضعٍ آخرٍ من الجسم.
أحكامٌ مُتعلّقةٌ بإزالة الشعر
حُكم إزالة الشَّعر للمُحرِم
اتّفق العلماء على حُرمة إزالة المُحرِم لأداء مناسك الحجّ أو العُمرة لأيّ شَعرٍ من شَعر جسده، ولو كان شَعر الأنف، بأيّ وسيلةٍ؛ سواءً بالحَلْق، أو النَّتْف، وغيرهما من الطُرق؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، وبالرغم من أنّ الآية ذكرت شَعْر الرأس، إلّا أنّ العلماء قاسوا باقي الشَّعْر عليه؛ للدلالة على المعنى ذاته، والحِكمة من ذلك تكمُن في أنّ إزالة الشعر تدلّ على الرفاهيّة، وذلك يُخالف مقاصد الإحرام ؛ من التقرُّب إلى الله فَقْراً وحاجةً.
أحكامٌ عامّةٌ مُتعلّقةٌ بإزالة الشعر
حُكم إزالة شَعر اللحية والشارب للرجل
فصّل أصحاب المذاهب في حُكم إزالة شَعر الشارب واللحية للرَّجُل، وبيان ما ذهبوا إليه فيما يأتي:
- الشافعيّة: قالوا بأنّ قصّ الشارب يوم الجمعة من السُّنن المُتعلقّة بيوم الجمعة، بالإضافة إلى سُنّية المبالغة في القصّ إلى أن يظهر ما تحت الشَّعْر، وقالوا بكراهة استئصال الشارب بالقصّ، أو حَلقه كلّه، ويجوز حلق بعضه، وقصّ الآخر، ويُكرَه حَلْق اللحية ، والمبالغة فيه إلّا إن زادت عن قبضة اليد، وكان القصّ للتسوية.
- الحنفيّة: قالوا بحُرمة حَلْق اللحية للرجُل، والسنّة ألّا يزيد طولها عن قبضة اليد؛ أي قصّ ما يزيد عنها، أمّا الشارب، فيُسَنّ فيه القصّ إلى أن تظهر الشفة العُليا.
- المالكيّة: قالوا بتحريم حَلْق اللحية، ويُسَنّ القصّ من الشارب، لا كلّه، بل ما زاد وظهر على الشفتين.
- الحنابلة: قالوا بِحُرمة حَلْق اللحية، ولا حرج عندهم بأخذ ما زاد منها على قبضة اليد، وعليه؛ فلا كراهة على مَن قصّ أو ترك ما زاد عن القبضة، أمّا الشارب فالسنّة المبالغة في قصّه.
حُكم إزالة الشَّعر للنساء
ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز إزالة المرأة للشَّعر الذي قد يظهر على جسدها، كيديها، ورجليها، وظهرها، وبطنها، كما ذهب أئمة الفقه إلى استحباب إزالة المرأة للشّعر إذا نبتت لها لحية أو شارب أو عنفقة، وقيّد بعض أهل العلم ذلك بإذن الزوج، وخالف المالكيّةُ جمهورَ العلماء في كلّ ما سبق، وقالوا بوجوب ذلك على المرأة؛ لأنّه مُثلةٌ غير معهودة في مظهر المرأة.
الشَّعر الذي تُسَنّ إزالته
يُسَنّ للمسلم إزالة بعض شَعر جسده من بعض المواضع، وذلك المُبيَّن في قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ- الخِتانُ، والاسْتِحْدادُ، وتَقْلِيمُ الأظْفارِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وقَصُّ الشَّارِبِ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ الاستحداد في اللغة على وزن استفعال؛ كنايةً عن استخدام الحديد في إزالة شَعْر العَانَة، وهي: القُبل، والدُّبر، وما حولهما.
عناية الإسلام بجمال الإنسان
خلق الله الإنسان في أحسن صورةٍ وأجمل خِلْقة، قال -تعالى-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وجاءت التوجيهات الشرعية تُظهر اهتماماً بِحُسن مظهر المسلم؛ فحثّتْ على التّزين، ورغّبتْ فيه، قال -عزّ وجلّ-: (يا بَني آدَمَ خُذوا زينَتَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَكُلوا وَاشرَبوا وَلا تُسرِفوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُسرِفينَ*قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللَّـهِ الَّتي أَخرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزقِ قُل هِيَ لِلَّذينَ آمَنوا فِي الحَياةِ الدُّنيا خالِصَةً يَومَ القِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ)، وورد الحثّ على التزيُّن بعد الأمر بالنظافة والطهارة، وممّا يدلّ على ذلك ما بيّنه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من سُنَن الفِطرة، إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه من قوله -عليه الصلاة والسلام-: (الْفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ- الخِتانُ، والاسْتِحْدادُ، وتَقْلِيمُ الأظْفارِ، ونَتْفُ الإبِطِ، وقَصُّ الشَّارِبِ)، وتجدر الإشارة إلى أنّ جمال الإنسان يكمُن في جانبَين؛ الأوّل: جَمالٌ معنويٌّ يتمثّل بالتخلُّق بالأخلاق الحَسَنة، وجمالٌ ظاهريٌ يتمثّل بالطهارة والنظافة.