حكم قراءة القرآن على الماء والاستحمام به
حكم قراءة القرآن على الماء والاستحمام به
من نعم الله -عزّ وجلّ- علينا أن أنزل القرآن العظيم وجعل لنا فيه الشفاء، قال -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا)، والشفاء هذا يشمل أمراض القلوب والأمراض الظاهرة، ومن طرق الشفاء به أن يُقرأ على الماء ويُستحم به.
ولم يرد عن النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قرأ القرآن على الماء، وأوضح ما جاء في هذا حديث ثابت بن قيس: (أنّ النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- دخل عليه وهو مريضٌ فقال: (اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن الشّمّاس) ثمّ أخذ ترابًا من بطحانٍ فجعله في قدحٍ فيه ماءٌ فصبّه عليه)، وهذا يدلّ على جواز الرّقية بالماء للمريض.
وقد أجاز قراءة القرآن على الماء العديد من العلماء كالمزني صاحب الشافعي، وأبي جعفر الطبري، ووهب بن منبه -رحمهم الله-، وهو مرويٌّ عن بعض السلف، وقد قرأ الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- على الماء عندما اعتلّ ابنه صالح -رحمه الله-.
كيفيّة القراءة على الماء
هي طريقة سهلة، حيث يأخذ الشخص المريض قدحاً من الماء أو يكلّف غيره أن يقرأ عليه، فإذا شرع في القراءة فعليه أن ينتبه إلى أن لا يكون أنفه موجهاً إلى الماء؛ حتّى لا يصل نَفسه إلى الماء، ولا يكون فمه ملاصقاً بالإناء؛ حتّى لا يصل النفس إلى الماء أيضاً، ولكن ينفث فيه، ثمّ يأخذه فيشرب منه أو يستحمّ به أو يصبّه على نفسه.
حكم الاستحمام بالماء الذي قرئ عليه القرآن
يجوز الاستحمام بالماء الذي قُرئ عليه القرآن كما يجوز شربه، ولكن لا بُدّ لمن أراد الاغتسال أن يغتسل بمكانٍ طاهر، لذا يجب مراعاة ما يأتي عند الاستحمام:
- ألا يكون الاغتسال بمكانٍ نجس؛ لأن لهذا الماء حرمة.
- ألا يغتسل بالماء في مكانٍ يدوسه الناس لحرمته.
- ألا يغتسل بمكانٍ طاهرٍ يسيل منه الماء إلى بالوعة أو موضعٍ فيه نجاسة.
كيفية التخلّص من الماء الذي قُرئ عليه بعد الاستحمام
لأنّ ماء القرآن له حرمته، ولحرص الفقهاء على ذلك لم يغفلوا عن بيان كيّفيّة التخلّص من الماء الذي قُرئ عليه القرآن واستُحمّ به، فقالوا: ينبغي على من اغتسل بهذا الماء أن يصبّه في بحر، أو في بئر، أو في أرضٍ طاهرةٍ لا تُوطأ.
وعلى الشّخص الذي يريد الاستحمام بهذا الماء الاعتقاد بأنّ الشّفاء بيد الله، وأن يستحمّ بالماء وهو موقنٌ بأنّ الله سيشفيه، ولا يفعل ذلك على سبيل التّجربة، وأن يبتعد عن الحرام، ولا بأس أن يشرب من الماء الذي قُرئ عليه مع استحمامه به، فقد كان الإمام أحمد يطلب من ابنه الشربَ من الماء الذي قرأ عليه، وأن يغسل به وجهه ويديه.