حكم عن صلاة العيد
صلاة العيد هي مظهر من مظاهر إعلان الفرح بين المسلمين صبيحة يوم العيد، ومن الحكم عن صلاة العيد:
- كلّ تكبيرة من تكبيرات العيد هي بوّابة للعبور إلى حياة أخرى ملؤها السعادة والفرح، فكأنّ المُصلّين يتزاحمون ليلِجوا إلى السعادة من باب الصلاة، حيث تكون السعادة عنوان الموقف الأبرز.
- في صلاة العيد تجتمع معاني الصلوات العظيمة كلّها؛ ففيها من معاني الفجر في النقاء والصفاء، وفيها من معاني الجمعة في الاجتماع والألفة، وفيها من معاني صلاة العصر في البركة، وفيها من صلاة المغرب في الخفّة وعظيم الأجر، وفيها من العشاء الجمال والبهاء، فكأنّها كلّ الصلوات قد اجتمعت في صلاة واحدة.
- في صلاة العيد يستشعر المؤمن معنى أن يحصل على جائزة بعد تعب شديد ومشقّة وعبادة، فكأنّ صلاة العيد موعد حصول العامل على أجره بعد نهاية عمل طويل، غير أنّ المؤمن يستلم ثوابه وأجره من أعظم الملوك والأرباب.
- في صلاة العيد وعند دخول المسلم إلى المُصلّى فإنّه يستشعر لحظة دخوله الجنّة، فيكون متعطّرًا متطيّبًا مغتسلًا يرتدي نظيف الثياب وهو يصاحب من يحب ويلتقي بمن يحب، فيكون في جنّة مؤقّتة يدخل إليها فرحًا ويخرج فرِحًا حتى يدخل الجنّة الأبدية بعد عمر طويل بإذن الله.
- يسير المسلم إلى صلاة العيد مكبّرًا، لأنّه يعلم أنّه لا أحد أكبر من ربّه الذي يعبده، يُدرك تمامًا صحّة مقولة المشرك: "نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ يَا إِبْرَاهِيمُ"، يعلم تمامًا أنّ الذي حباه فرحة هذا العيد ونعّمه بالأمن والأمان هو وحده من يستحق العبادة والتكبير، فالله أكبر، الله أكبر.
حكم عن تهنئة العيد
التهنئة بالعيد من أجمل المشاهد التي تُعبّر عن مدى فرحة الناس بهذا اليوم، ومن الحكم عنها:
- يهنّئ المسلمون بعضهم بعضًا بالعيد وهم فرحون؛ لأنّهم يتخيّلون أنّهم في هذا اليوم قد دخلوا الجنّة ونالوا جائزتهم الإلهية، ففي العيد لا صوم ولا تعب، ولكن أكل وشرب، ففي ذلك شبهٌ من الجنة.
- تهنئة العيد أشبه ببلسم يمحو ما قد سبق العيد من مشقّة وتعب، فلا تأتي إلّا من أفواه الصادقين الذين يتذكّروننا كلّ عيد، فلا يحلو عيد من دونهم.
- إنّ تهنئة العيد تُعبّر عن مدى المحبة الناس وفرحهم بشعائرهم التي يكون تعظيمها بالفرح فيها، يقول تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فالفرحة والتهنئة من تعظيم الشعائر.
- تهنئة العيد لا يشبهها سوى التهنئة بأمر عظيم قد يفرح به المسلم فيغيّر حياته نحو الأفضل، فكلّ عيد هو مظنّة تغيير في حياة المسلم نحو الأفضل في ظلّ رضا الله تعالى عنه ورعايته البالغة له.
- التهنئة بدخول العيد هي إيذانٌ بدخول الفرح إلى حياة المسلم ونفسه، فلا ينبغي لمن دخل العيد إلى بيته إلّا أن يستقبله أحسن استقبال ويبتسم في وجهه ويطهّر روحه من درن الأحزان ويُطلق العنان لأفراحه حتى تطاول السماء.
- تهنئة العيد هديّة مجّانيّة يضعها المسلم في قلب أخيه من دون أن يدفع سوى كلمة صادقة تخرج من قلبه فتلامس شغاف قلب أخيه، فتكون بلسمًا يمحو ما مرّ به هذا الرجل، ويشعر معها الإنسان بالاهتمام وأنّه لا غنى للمجتمع عنه.
- تهنئة العيد تُداوي جراح البسطاء وتُدخل السرور إلى قلوبهم وتجعل الناس يلتفتون إليهم ويتذكرونهم في هذه الأيام العظيمة.
حكم عن زيارات العيد
زيارات الناس أثناء العيد هي من الطقوس التي لا غنى عنها، ولا تكتمل فرحة العيد من دونها، ومن الحكم عنها:
- تزاور الناس في العيد مشهد يُرسم بأنامل لطيفة تقول للناس إنّ الزيارات من كمال العيد.
- لا تكتمل فرحة الوالدين دون ابن يقبّل رؤوسهم، ولا يكتمل بر الابن دون قبلة على جبين أمّه وأبيه، ولا يكتمل عيد من دون زيارات الأقارب وصلة الرحم، ولا تتجذّر الرحمة في المجتمع من دون أبناء يتزاورون ليبثّوا الحبّ في شوارعهم.
- كأنّ العيد -والناس فيه تتبادل الزيارات- لوحة كنا نراها ونحن صغارٌ، زيارات العيد أشبه بالتوابل التي لا نكهة للطبيخ من دونها، وكذلك العيد الذي مهما جاء ومهما كان يمرّ على جميع الناس، فلا نكهة حقيقية للعيد من دون زيارات الأقارب والأصدقاء.
- إنّ من الأقدار التي يبدو فرح المسلم جليًّا فيها هي الأعياد، لما فيها من تقارب وتأكيد على صلات القربى والمحبة المودة في الزيارات الشخصية والعائلية، إنّها زيارات العيد حيث تطرب الروح وتعيش أسمى حالاتها الشعورية العالية.
- تكون زيارات العيد تعبيرًا عن المودة والقربى والاحترام المتبادل بين الطرفين، يعزّزها مجيء موسم العيد مرتين في العام، فيزرع البهجة في القلوب ويجعل الناس أقرب فأقرب من بعضهم بعضًا.
- إنّ الزيارات في العيد تكون من أصدق الزيارات وأشدّها ثقة وصلة، فالناس فيها يزورون من يحبّون ويبتعدون عمّن يسبّب لهم الأذى، فتكون زيارة العيد تعبيرًا عن الصلة والمحبة الأكيدة التي تُترجمها تلك الزيارات في موسم العيد وقت التسامح والصفاء.
- مِن الحكم البالغة في زيارة العيد أنّ بعض المهمّشين في عجلة الحياة لا يجدون من يزورهم سوى في العيد، فيكون موسم التزاور في العيد موسمًا لجبر ما كسرته أيّام الحياة الصعبة، وموسمًا لنيل الحظوة الإلهية في نفض الغبار عن قلوب المكلومين.
- من جمال زيارات العيد أن يترك الإنسان همومه خارج الباب الذي دخل منه، ويترك صاحب البيت همومه جانبًا ويستقبل المهنئين بقلب جديد وفكر جديد وعقل جديد لا يكون فيه مكان لليأس أو الحزن أو الضياع، المكان اليوم للفرح والاستبشار والأمل الذي لا يُمحى.
- صباح العيد الأول لا يدانيه صباح آخر، فيه عنوان واحد يقول للمسلم: اليوم يوم المحبّة، اليوم نلقى الأحبّة، اليوم نودّع الحزن، اليوم نستبشر بالأمل، اليوم من أيّام الله، اليوم يوم الجائزة.
حكم عن التقارب والمودة في العيد
إنّ العنوان العريض لموسم العيد هو المحبة والمودة والتقارب والألفة بين الناس، ومن الحكم عن هذا اليوم:
- يغدو يوم العيد موسمًا لتراحم الناس وتزاحمهم لكسب ودّ إخوانهم الذين ألهتهم عنهم الحياة بطولها وشقائها وتعبها والكدّ الدائم فيها.
- في العيد يفصح الناس عن إنسانيتهم ويعلنون بالخطّ العريض أنّ المحبّة تأتي أوّلًا، ولا يبيع الخليل خليله بشيء من الدنيا مهما عظم ثمنه.
- خير الناس مَن أتاكَ دون موعد، وفاجأك دون أن تتوقع، هذا الإنسان هو الذي يجسّد معنى المودة في العيد، وهو وأمثاله مَن يصنعون الفرق في المجتمع ويزيدون من محبّة أهله بعضهم بعضًا، ويحصل بفضلهم التقارب والألفة والسكينة في المجتمع.
- تكون الألفة بين الناس خلال العام بين شدّ وجذب، فإذا جاء العيد فإنّه يمحو ما كان قبله، ويثبت المحبّة والألفة بين الناس.
- ومما يدل على العيد أن تجد المُتخاصمين يُصافح بعضهم بعضًا عُقبَ صلاة العيد، فيهنّئ كلّ منهما الآخر بالعيد، فيُمحى بذلك ظلام الضغينة والقسوة ويثبت مكانه نور المحبة والألفة والتقارب بين الناس.
حكم عن لباس العيد
إنّ العيد لا يحلو إلّا بثياب جديدة نظيفة يرتديها الكبار والصغار، فيكون فيها شيء من الفرحة بالعيد وقدومه على الإنسان.
- لباس العيد علامة من علامات التحضُّر الاجتماعي عند الناس، إنّه يدلّ على رقيّ الفكر الذي يصرّ على نشر الفرح بين أركان المجتمع عند جميع أبنائه.
- يحلو العيد باللباس الجديد، وتصفو الإنسانية عندما يُعامل الأبناء الفقراء معاملة الأغنياء، فبذلك يكون المجتمع كلًّا متماسكًا لا فرق فيه بين ميسور ومُعسر.
- لباس العيد من علامات الجمال أيّام العيد، هي أيام أكل وشرب وزينة كذلك، ولا شيء في الدنيا يُضاهي جمال طفل قد فرح بلباس قد اشتراه له والده.
- يكون لباس العيد عادة لمن امتلك ثمنه عشية العيد، ولكنّ لذّته وبهجته لا تكون هي ذاتها عند طفل فقير وطفل ثري.
- العيد عيد للفقراء الذين ينتظرونه من العام إلى العام، إنّه عيدهم الذي يُحافظون عليه ويدارونه ويحاولون جذب ابتسامته بثوب جديد وعيد سعيد.
- اللباس هو واحد من المظاهر التي يستشعر الإنسان من خلالها كم امتنّ الله عليه دونًا عن كثر من الناس المشردين في الأرض في هذه الأيام، لذلك ما عليكَ إلّا أن تحمدَ ربّك جل في علاه على هذه النعمة التي اختصّك بها.
- قد يظن بعض الناس أن تقديرهم يكمن من خلال الثياب التي يرتدونها؛ لذلك فهم يحاولون دائمًا التجمُّل بأفخم المنسوجات والأقمشة، ولكن ذلك غير صحيح حيث لا يتجمل الإنسان سوى بأخلاقه التي قد تربى عليها، تلك التي يعامل بها الناس من حوله.
- ثياب العيد هي نوع من البهجة التي يستشعر بها الأبناء فرحة العيد، لذلك حاول أن تتم فرحتهم بالقدر الذي تتمكن به من ذلك، ليس الثياب الغالية هي ما يفرح الطفل، بل الثياب الجديدة التي يشعر معها بتبديل حاله في هذه الأيام.
حكم عن نسيان البغضاء والمشاحنة في العيد
البغضاء هي أكثر ما يكّدر على الإنسان عيشه؛ لذلك لا بدّ مِن إبعاده في أيام العيد.
- جميل أن يكون الإنسان ضعيف الذاكرة في المشكلات وخلافاته مع الآخرين، والأجمل أن يكون ممّن يعفو عن الخطائين، فسيّد قومه المتغافل وخير ما يكون التغافل في أيام العيد.
- قد يشعر الإنسان ببعض من الضعف والحزن في نفسه عندما يتلقى الطعنات من أقرب الناس إليه، ولكن خير الناس مَن قابلهم بوجه بشوش ونفس راضية، فيتلقى العيد معهم طيب النفس مجبور الخاطر بعيدًا عن مأساة الحياة.
- الكره هو أبشع ما يُمكن أن يسيطر على الإنسان في لحظات سعادته وأنسه وفرحه، لذلك لا بدّ في أيام العيد من أن يتخلّص المسلم من الحقد الذي قد يُثير المشاحنات في الأيام التي أمر الإسلام فيها بصفاء النفوس.
حكم عن معاملة الأطفال في العيد
الطفل هو أكثر المخلوقات فرحًا بالعيد؛ حيث يفكّر فيما يفعله في هذه الأيام القليلة من عام إلى آخر.
- الطفل هو تلك الورقة البيضاء التي تطبع كل بصمة توضع عليها، فلتكن بصمتك مع الطفل في هذه الأيام خفيفة لطيفة بعيدة عن الغضب، ولتساعده ليكمل فرحته في أيام العيد بما تستطيع.
- قد يظن بعض الناس أنّ الأطفال لا يَعُون ما يدور حولهم من الأحداث وأنهم لا يدركون المشكلات التي تُثار أمامهم، لكن ذلك لا يمت للصحة بشيء؛ فالطفل يُسجّل ما يدور حوله خاصة في أيام الفرح، لذلك فلنُهدِ أبناءنا فرحة العيد كما هي.
- الطفل هو جمال هذه الأرض؛ حيث جُبل على البراءة فكان بعيدًا عمّا يُعانيه الكبار من القلاقل والمشكلات؛ لذلك ابقِ على براءة الأطفال وكن لهم عونًا على إتمام أفراحهم التي امتن الله بها عليهم.
- العيد هو اليوم الذي جعله الله تبارك وتعالى جبرًا للخواطر، فكن جابرًا لخاطر أحباب الله وهم الأطفال، الذين لا يفقهون من الدنيا سوى الملاهي الملونة والسكاكر التي كانت في غالب أيام العام حلمًا لهم.
- ساعد الأطفال ليعيشوا طفولتهم كما يجب أن تكون بعيدة عن أدران الحقد ومشكلات الكبار التي يُحاول معظم الناس جعل أطفالهم ضحايا لها، الطفل لا يذكر بخير سوى اليد التي امتدت إليه بحلوى العيد.
- كُن أنت الإنسان الذي يترك في كل مكان يُدعى إليه بصمة جميلة، ضَع بصمتك على تلك الصفحة البيضاء واتركها تحمل لك الحب والود طيلة الحياة.
↑ أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري ، صفحة 308. ↑ سورة الحج، آية:32