حكم عمرة المرأة دون محرم
حكم عمرة المرأة دون محرم
يتساءل كثير من الناس عن حكم عُمرة المرأة دون مَحرمٍ أو زوجٍ، وهل يجوز أن تسافر المرأة مع رِفقة مأمونة أو نِسوة ثِقات؟ في هذا المقال سوف يتمُّ الإجابة عن هذا التساؤل -بإذن الله-، وذلك من خلال عرض أقوال السادة الفقهاء مع ذكر بعض الأدلّة التي استدلُّوا بها؛ حيث إن آراء الفقهاء قد تعددت في حكم سفر المرأة دون مَحرم، فمنهم من أجازه بشروط، ومنهم من منع ذلك.
القائلون بجواز عمرة المرأة بلا محرم
ذهب المالكية والشافعية ومذهب الظاهرية إلى جواز سفر المرأة لأداء العُمرة بلا مَحرم، شريطةَ أن تكون مع رِفقةٍ مأمونةٍ أو نِسوة ثِقات، وألّا تخشى على نفسها شرَّاً، ومن الأدلّة على هذا القول ما يأتي:
- قوله -تعالى-: (وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، وقد فسَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الاستطاعة، بأنَّها الزاد والراحلة، ولم يذكر المَحرم معهما.
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ، لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ).
- ما رواه البخاري من حجِّ نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- في خلافة عمر -رضي الله عنه- مع عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، وقد استدلَّ به على جواز سفر المرأة بغير محرم مع من تثق به.
- بعض الآثار عن الصحابة -رضي الله عنهم-، والتي تُجيز سفر المرأة للحجّ أو العمرة من غير محرم.
القائلون بعدم جواز عمرة المرأة بلا محرم
ذهب كلاًّ من الحنفية والحنابلة، بالإضافة إلى جمع من أهل العلم إلى عدم جواز سفر المرأة لأداء العمر ة بلا مَحرم، واستدلّوا على قولهم بما يأتي:
- عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا).
- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، يقول: (لا تُسَافِرِ المَرْأَةُ إلَّا مع ذِي مَحْرَمٍ، ولَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا ومعهَا مَحْرَمٌ، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ أنْ أخْرُجَ في جَيْشِ كَذَا وكَذَا، وامْرَأَتي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقالَ: اخْرُجْ معهَا).
وتجدر الإشارة إلى أن الإجماع قد نُقل على عدم جواز سفر المرأة بلا مَحرم في غير الحجّ والعمرة، أو في حال انعدام الرفقة والنساء الثقات، باستثناء مواضع الضرورة.
حكمة وجوب المحرم للمرأة
شرع الله -تعالى- العبادت لحِكم عظيمة أرادها، والأصل في المسلم أن يتبع أوامر الله -سبحانه وتعالى- سواءً أعَلِم الحكمة منها أم لم يعلم، ولعل الحكمة من وجوب المَحرم للمرأة ما يأتي:
- أنَّ المرأة يُخاف عليها من السفر وحدها، وربّما تتعرَّض للإيذاء في نفسها أو عِرضها.
- أنَّ سفر المرأة بغير مَحرم يُغري الفسَّاق بها فيتعرَّضون لها.
- أنَّ المَحرم يَصون المرأة ويحفظها من أصحاب الشهوات والأغراض الدنيئة.
- أنَّ السفر قطعة من العذاب، كما أخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، والمرأة ضعيفة تحتاج إلى من يُعينها.
يبين المقال الأقوال الواردة في حكم سفر المرأة بلا محرم بهدف أداء العمرة، كما عرض الحكم العام والمتعلق بسفر المرأة عموماً بلا محارم لغير العمرة والحج، أو سفرها دون رفقة مأمونة ولغير الضرورة.