حكم توزيع الإرث قبل الوفاة
حكم توزيع الإرث قبل الوفاة
يختلفُ حكم توزيعِ الإرثِ قبل وفاة صاحب المال، باختلافِ قصده بالتوزيعِ، فيختلف عمَّا إذا كان على سبيل الهِبة، وعمَّا لو كان على سبيلِ الميراثِ، وفي هذا المقال سيتمُّ تخصيص الحديثِ عن حكم ذلك بشيءٍ من التفصيلِ، وفيما يأتي ذلك:
حكم توزيعه على سبيل الهبة
أجاز الشرع الحنيف للمسلمِ أن يقوم بتوزيع ماله على سبيل الهبةِ وهو على قيدِ الحياةِ، والأوْلى من ذلك أن يقوم المسلمَ بتركِ أمرِ المالِ الذي يملكه، وأمر مآله وتقسيمه إلى ما بعد وفاته؛ حتَّى يتمَّ تقسيمه بحسب القسمةِ التي شرعها الله -عزَّ وجلَّ- في كتابه المجيد وفق حكمته البالغة ومشيئته.
حكم توزيعه على سبيل التوريث
هناكَ عددٌ من الشروطِ التي لا بدَّ من مراعاتها عند توزيعِ الميراثِ ، ليتمّ الحكم على الإرثِ حينها بالصحةِ، وفيما يأتي ذكر هذه الشروط:
- أن يتمَّ التحقّق من موت المُورِّث على وجه الحقيقة، أو إلحاقه بالأمواتِ حكمًا.
- أن يتمَّ التحقّق من حياةِ الوارثِ على وجه الحقيقة، أو إلحاقه بالأحياء من النَّاس حُكمًا، وذلك بعد وفاةِ المورِّث.
- أن يكون هناكَ سبباً موجباً للإرثِ من قرابة، أو زوجية، أو ولاء بين المورِّث والوارث، والعلمُ بهذا السبب.
وبناءً على ما سبقَ يُمكن القولُ بأنَّ توزيعَ المالِ على سبيلِ التوريثِ، وصاحب المال على قيدِ الحياةِ غيرُ جائزٍ في الشرعِ الحنيفِ؛ ويرجع سبب عدم صحةِ توزيعِ المالِ في هذه الحالة هو فقدانُ شرطٍ من شروطِ صحةِ الإرثِ ، وهو التحقق من موتِ المورِّث حقيقةً أو حكمًا.
حكم الهبة للابناء قبل الوفاة
لقد استنبط أهل العلمِ من الحديث الشريف الذي رواه الصحابيِّ الجليل النعمان بن بشير -رضي الله عنه- حيث قال: (إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟ قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ)، بأنَّ الشرع الحنيفَ أجاز الهبة للأبناء قبل الوفاة بشرطِ العدلِ بينهم في العطاء، وهذا ممّا لا خلاف فيه.
إلَّا أنَّ آراءَ أهل العلمِ قد تباينت في المرادِ بالعدلِ بين الأبناء في الهباتِ على قولينِ، وفيما يأتي بيان ذلك:
- القول الأول
إنَّ المرادَ من العدلِ بين الأبناء في الهبةِ والعطايا، أن يتمَّ إعطاء الذكر مقداراً مُساويًا للأنثى، من غيرِ تفضيلِ أحدٍ منهم على الآخر، وهذا مذهب فقهاء الشافعية والحنابلة، وقد وافقهم على ذلك من فقهاء الحنفية أبو يوسف.
- القول الثاني
إنَّ المرادَ من العدلِ بين الأبناء في الهبات والعطايا، أن يتمَّ تطبيق قول الله تعالى: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ)، فيتمُّ إعطاء الذكر والأنثى كلٌ بحسبِ نصيبه المحدد له في الميراث، وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد بن حنبل ، ووافقه بعض فقهاء المالكية والشافعية.