حكم تخبيب المرأة على زوجها
حكم تخبيب المرأة على زوجها
حِرص الإسلام على سلامة ومتانة واستمرار الحياة الزوجية ظاهر في تشريعاته الكثيرة الدالة على ذلك، ومنها التحذير من السعي في إفسادها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ).
ومعنى الخِباب: الخداع والغش والخبث. وخبب: "أي أفسد، فتخبيب الزوجة خداعها بتزيين القطيعة بينها وبين زوجها وحملها على إنهاء العلاقة بينهما.
صورة التخبيب وحكمه
حكم هذه المسألة مأخوذ من الحديث السابق على اختلاف رواياته، بالإضافة إلى الأصل العام في تحريم الإفساد بين الناس، فالتخبيب هو الإفساد، وتخبيب الزوجة أي العمل على إفساد العلاقة بينها وبين زوجها بحيث تحرَّض على بغض زوجها والخروج على طاعته حتى يصل الأمر إلى طلاقها، وهذا الفعل حرام لما فيه من إفساد العلاقة الزوجية.
وقد غلّظ بعضهم الحكم فجعله متعدياً إلى آثاره إن كان صاحبه قد قصد الزواج من تلك الزوجة بعد فراق زوجها لها: "ومن خبّب امرأة على زوجها حتى تزوجها فإنه يعاقب عقوبة بليغة تردعه وتردع أمثاله عن العبث بحقوق الناس وانتهاك حرماتهم، وقد ذهبت طائفة من أهل العلم إلى بطلان نكاحه ممّن خبّبها، وبذا تكون حياته معها بعد ذلك ما هي إلا صورة من صور الزنا".
الإفساد كله محرم
ليس هناك عذر مقبول ممن سعى في الإفساد بين الناس عامة وبين الزوج وزوجته خاصة، وذلك لما يترتب عليه من فساد في العلاقات بين الناس وتباغض وتدابر، وربما يصل إلى حد أن يتسبب بإقدام أحد الطرفين على القتل.
ومن أجل ذلك حرم الإسلام النميمة وقبَّحَ صورتها وحذر من الوقوع فيها أشد تحذير لعظم آثارها في إفساد المجتمعات والتسبب في قطع الصلات بين الناس، فكم أفسد النمامون علاقة الأخوة بين المؤمنين، وكم قطعوا من أرحام، وكم فرّقوا بين الأحبة المتآلفين، وكم تسبّبوا في هجر وقطيعة، وكم باباً من أبواب الشر فتحوا.
الإفساد بين الزوج وزوجته تدمير للأسرة والمجتمع
لما كانت الأسرة هي ركيزة المجتمع الأولى، وأهم مؤسساته ومكوناته كانت سلامته وقوته في قوة هذه الأسرة ومتانة العلاقة بين أفرادها، وأصلها العلاقة بين الزوج وزوجته، ومن المعلوم أن الأسرة تتفكك وتنهار إذا فسدت العلاقة بين الزوجين، والمجتمع الذي تفكّكت أسره مجتمع خاوٍ على عروشه، علاقاته الاجتماعية ميتة ليس فيها حياة اجتماعية تقوم على العاطفة والتقدير والتكامل بين أفراده.
ومن ادّعى أنه يريد تخليص الزوجة من سوء معاملة الزوج ، أو ادعى أنه يرى عدم الكفاءة بين الزوجة وزوجها أو زعم أن تعلقه بتلك الزوجة متحكم به لا يستطيع دفعه، فكل تلك الدعاوى وغيرها لا تعفيه أبداً من الإثم، ولا يحول إفساده إلى إصلاح مهما زينت له نفسه ذلك، فإن الإصلاح لا يكون بالإفساد أبداً.