حكم الصلاة قبل الأذان
حكم الصّلاة قبل الأذان
لا يجوز للمسلم أن يصلّي قبل الأذان ، فلا تجب الصلاة على المسلم قبل الأذان، ولا تُعدّ الصلاة صحيحةً إذا قام بأدائها؛ وذلك لأن دخول وقت الصلاة وسماع الأذان سببٌ لوجوب الصلاة على المسلمين، فلكل صلاة وقت محدّد لا يجوز إخراج الصلاة عنه في أي حالٍ من الأحوال، سواء كان ذلك في وقت الخوف أو الأمن، لقول الله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً). أي محدّدة بوقتٍ معيّنٍ لا يجوز الخروج عنه،
ويجب على المسلم أن يصلّي الصلاة عند التّأكّد من دخول وقتها، فصلاة الظهر يبدأ وقتها عند زوال الشمس عن كبد السماء -أي ميلها عن وسط السماء نحو الغرب-، وصلاة العصر يبدأ وقتها حين يصبح ظلّ كل شيءٍ مثله، وصلاة المغرب يبدأ وقتها عند غروب الشمس، وصلاة العشاء يبدأ وقتها عند غياب الشّفق الأحمر، وصلاة الفجر يبدأ وقتها من طلوع الفجر الصادق؛ وهو الفجر الثاني،
ولا يجوز تقديم صلاة العشاء عن وقتها وأدائها بعد المغرب، لأن سبب وجوبها وهو دخول الوقت لم يتحقّق، فلو قام المصلّي بتكبيرة الإحرام قبل دخول الوقت لم تصحّ صلاته، وتعدّ باطلة إذا كان معتمداً ذلك بمعرفة الوقت عن علمٍ أو اجتهادٍ أو تقليدٍ، فإن كان جاهلاً قُبلت منه على أنّها سنة وليست فريضة ويجب أن يعيدها، أما إذا صلاها بعد خروج وقتها؛ فإن كان جاهلاً أو ناسياً أو نائماً فيصلّيها حين ذِكرها وتُقبل منه ولا يؤثم على ذلك، أما إن كان متعمداً فيُعد عاصياً ويأثم على تأخيرها وعليه قضاؤها.
دخول الوقت سببٌ لوجوب الصلاة
دخول وقت الصلاة يعد سبباً من أسباب وجوب الصلاة، فإذا دخل وقت الصلاة أصبحت واجبةً على المسلم، ولا يُعد دخول الوقت من أركان الصلاة ، فالسبب يختلف عن الرّكن؛ حيث إنّ السبب يتحقّق قبل الصلاة أما الركن فهو جزء من الصلاة، والسبب يجب أن يكون متحقّقاً من أول الصلاة إلى آخرها، أما الركن فيتم فعله في الصلاة وينتهي ثم يأتي ركناً آخر، والسبب لا تتكوّن منه أفعال الصلاة بل لا بدّ من وجوده أثناء أداء الصلاة، أما الركن فتتكوّن منه أفعال الصلاة؛ مثل الركوع والسجود.
وقد ذكر العلماء قولين في إدراك الصلاة الواجبة قبل خروج وقتها؛ فبعضهم قال: إن من قام بتكبيرة الإحرام قبل خروج وقت الصلاة -أي قبل أذان الصلاة التالية- فقد أدرك الصلاة وتكون صلاته أداءً لا قضاءً، وقال أكثر العلماء: إنّه لا يدرك الصلاة إلا إذا صلّى ركعةً كاملة قبل خروج وقتها.
حكم الصلاة أثناء الأذان
يجوز للمسلم الصلاة أثناء الأذان، وتكون صلاته صحيحة، ولا يجب عليه إعادتها؛ لأنّ سماع الأذان يعد علامة على دخول الوقت، فإذا سمع المصلي "الله أكبر" فذهب فوراً وأقام الصلاة فكبّر تكبيرة الإحرام فصلاته صحيحة، ولا يجب عليه انتظار انتهاء الأذان كاملاً، لكن يستحبّ له أن يستمع للأذان ويردّد معه حتى ينال المغفرة والأجر الذي تحدّث عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وممّا يدلّ على جواز الصلاة أثناء الأذان ما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (كانَ المُؤَذِّنُ إذا أذَّنَ قامَ ناسٌ مِن أصْحابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَبْتَدِرُونَ السَّوارِيَ، حتَّى يَخْرُجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهُمْ كَذلكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ، ولَمْ يَكُنْ بيْنَ الأذانِ والإِقامَةِ شيءٌ)، وقال العلماء في شرح مراد الحديث إنهم كانوا يصلون أثناء الأذان وينتهون مع انتهاء المؤذن.
دخول الوقت شرط للصلاة
يعدّ دخول الوقت سبباً لوجوب الصلاة، فمن صلّى قبل دخول الوقت؛ لا تصحّ صلاته ويجب عليه إعادة الصلاة عند دخول وقتها، وللصلاة شروط كثيرة نذكرها فيما يأتي:
- الإسلام.
- العقل.
- التمييز، فتصحّ الصلاة من المُمَيّز، لكن لا تجب عليه.
- الطّهارة من الحدث الأصغر بالوضوء، والطهارة من الحدث الأكبر؛ كالجنابة، والحيض، والنّفاس، بالغُسل والوضوء، أو التّيمم -في حال عدم وجود الماء-، والطهارة من الحدث شرطٌ في كل صلاة كاملة، وقال العديد من العلماء إنّها شرطٌ في سجود التلاوة أيضاً.
- الطهارة من النجس، فيجب الطهارة من النجس في الثوب والبدن والمكان حتى تكون الصلاة صحيحة، فلا تصحّ الصلاة في ثوبٍ نجسٍ أو مكانٍ نجسٍ أو إذا كان على البدن نجاسة، فلو صلى شخصٌ مع جهله وعدم علمه بوجود النجاسة فصلاته باطلة، ويجب عليه إعادتها عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.
- وذهب المالكية إلى القول بوجوب إعادتها إذا كان ذاكراً قادراً على إزالتها ولم يزلها، أما في حال نسيانها أو العجز عن إزالتها فليس عليه إعادة الصلاة، ومن كان لديه ملابس عليها نجاسة ولم يجد ما يزيلها فتصحّ صلاته بها عند جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وذهب الشافعية إلى عدم صحة الصلاة في هذه الملابس.
- ستر العورة، فيجب على الرجل ستر ما بين السّرة والركبة، ويجب على المرأة ستر جميع جسدها إلا الوجه والكفين.
- دخول الوقت، فلا تصحّ الصلاة إلا عند التيقّن من دخول الوقت، أما إذا شكّ المُصلّي بدخول الوقت فلا تصحّ صلاته.
- استقبال القبلة .
- النّية .
- الترتيب والموالاة في أداء أركان وسنن الصلاة.
- الابتعاد عن الكلام الخارج عن الصلاة.
- الابتعاد عن الفعل الكثير الذي يخل بالصلاة.
- الابتعاد عن الأكل والشرب أثناء الصلاة.
حكمة مشروعية الأذان
شرع الله الأذان في الإسلام لعدة حكم، نذكرها فيما يأتي:
- الجهر والإعلان بتوحيد الله -تعالى-، وتذكير الناس بذلك في جميع الأوقات من النهار واللّيل.
- الإعلان وإظهار شعائر الإسلام في الدولة المسلمة، فالأذان من الشعائر التي يجب إظهارها للجميع.
- النداء للصلاة المفروضة التي فيها الفلاح والنجاة والسعادة للمسلم، لتنبيه الغافلين والناسين لأداء الصلاة التي هي أفضل النعم على المسلمين، للتقرّب لله -تعالى- ونيل هذا الفلاح العظيم والفوز الكبير في الدنيا والآخرة.
- إعلام الناس جميعاً بدخول وقت الصلاة ووجوب أدائها، وإخبارهم بمكان أدائها.
- الدعوة إلى اجتماع الناس لأداء الصلاة جماعة في المسجد ، لما فيها من أجرٍ وثوابٍ عظيم.
- الإعلاء من اسم الله -تعالى- بالتكبير، وإظهار دينه وشريعته للناس جميعاً، وإظهار مكانة ورفعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.