حكم الرموش الصناعية
حكم تركيب الرموش الصناعية
تعدّدت أقوال العلماء في حكم تركيب الرموش الصناعية؛ وهي شُعيراتٌ تُشبه شعر الرمش الحقيقي، تكون رقيقة الحجم، تُصنع من المواد البلاستيكيّة أو ما شابهها، وتلصق بأعلى الجفن بمادّةٍ لاصقة؛ حتى تُصبح الرموش أكثر طولاً ممّا هي عليه، ويرجع تعدّد أقوال العلماء في حكمها تبعًا لتعدّد نظرتهم لها؛ فمن رأى أنّها تغييرٌ لخلق الله قال بحرمتها، ومن رأى أنّها غير ذلك أجازها، وفيما يأتي تفصيل أقوال العلماء فيها.
القول الأول: حرمة الرموش الصناعية
اعتبَرَ أصحاب هذا الرأي أنّ تركيب الرموش الصناعية للزينة يدخل في تغيير خلق الله، وقد استدلَّوا لما ذهبوا إليه بقول الله تعالى: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ *وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا*وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا).
واعتبروا تركيب الرموش الصناعية للزينة من تغيير خلق الله تعالى، واستدلوا على قولهم من السنة بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: (لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ، والنامصاتِ والمتنمصاتِ، والمتفلجاتِ للحسنِ المغيِّراتِ خلقَ اللهِ).
وقد استثنى أصحاب هذا القول من الحرمة ما إذا كان تركيب الرموش لحاجةٍ مُلحَّةٍ؛ كمن زالت رموشه لحرقٍ أو أصيب بمرضٍ أتلفها؛ فلا يحرم عندها تركيب الرموش للضروةٍ، قال الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ).
القول الثاني: جواز الرموش الصناعية
ذهب بعض العلماء إلى القول بأنّ وضع الرموش الصناعيّة وتركيبها يُعتبر زينةً كغيره من أنواع الزينة التي تتزيّن بها النساء، وأنّ حكمه يبقى على الإباحة، ولا تعتبر من قبيل تغيير خلق الله المحرَّم شرعًا، ولا ينطبق عليها حكم وصل الشعر ؛ للاختلاف الكبير بينهما؛ فهي من قبيل الزينة، وليست من تغيير خلق الله المنهيّ عنه؛ لقابليتها للإزالة، وليست من الوصل المحرَّم؛ إذ إنَّ وصل شعر الرأس يختلف عن شعر العين، كما أنَّ الوصل غير قابل للإزالة كالرموش الصناعية.
وقد نبّه العلماء إلى أنّه يُشترط لجواز تركيب الرموش؛ ألّا تكون مانعةً من وصول الماء حتى يصحّ وضوء الإنسان وتتطهّره، وألّا يُرتّب استعمالها ضررًا؛ فإذا ثبت ترتّب ضررٍ على العين أو الجسم عمومًا باستخدام الرموش الصناعية؛ فيكون تركيبها في هذه الحالة محرَّمًا؛ لعدم جواز إلحاق الإنسان الضرر في نفسه أو في غيره.
الزينة في الشريعة الإسلامية
شملت الشّريعة الإسلامية بأحكامها كلّ ما يتعلّق بحياة المسلم في جوانبها المختلفة، بما في ذلك الجوانب المتعلِّقة بمظهر الإنسان وزينته في هيئته ولباسه وغير ذلك، وراعت الشريعة الإسلاميّة حبّ الإنسان للزينة بفطرته، وهذّبت هذه المحبّة والرغبة في التزين وضبطتها بأحكامٍ وضوابط.
وقد راعت الشريعة الإسلامية حبّ المرأة للزينة، فأباحت لها كثيرًا من مظاهر التجمّل والتزين، كالكحل والأصباغ وزينة اللباس، وغيرها، وفرضت عليها في مقابل ذلك الحجاب؛ حتى لا تكون المرأة فتنةً في نفسِها أو فيما تتزيّن به أو تلبسه، كما حرّمت بعض مظاهر الزينة التي قد تُلحق الضرر بها في نفسها أو في دينها، أو ما يكون فيه تدليسٌ وخداعٌ وتغييرٌ تامٌّ لخلق الله تعالى.