حكم الحلف بالطلاق عند المالكية
حكم الحلف بالطلاق عند المالكية
يمكن إدراج الحلف على الطلاق ضمن ما يسمى بالطلاق المعلق، ولكن الطلاق المعلق له طريقتان، وهما كما يأتي:
- التعليق الشرطي
وهو الطلاق المعلق لمن نوى الطلاق فعلاً، ولمن قصد الطلاق وأراده، ولكنَّه علَّقه بشرط، أو بعلامة من العلامات، أو بزمنٍ ما، أو بحدثٍ من الأحداث، ومثاله: رجلٌ أراد طلاق زوجته جازماً، ولكنَّه علَّق طلاقها برجوع مسافر، أو بغياب الشمس، أو بقدوم شهر رمضان.
- التعليق القَسَمي
وهو الطلاق المعلق بشيء ما، وهو لمن لا يريد طلاق زوجته، ولا ينوي ذلك، ولا يقصده، ولكنَّه يريد فعل أو ترك الأمر الذي علَّق عليه الطلاق، فهو لا يقصد ذات الطلاق، ولكنَّه يقصد الشرط المعلق، ومثاله: قال رجل لامرأته: إن زرت دار فلان فأنت طالق، فهو لا يريد طلاقها، ولكن يريد منعها من زيارة دار فلان، وهذا هو النوع الذي نحن بصدد مناقشته.
رأي المالكية في الطلاق المعلق بنوعيه
ذهب المالكية إلى القول بوقوع الطلاق المعلق بنوعيه، وهذا هو المذهب عندهم، وهو المفتى به عندهم، ولكنهم ذهبوا إلى كراهة إيقاع هذا النوع من الطلاق لسببين:
- لأنَّ هذا النوع من الطلاق يقع خلافاً للسنة النبوية.
- لأنَّه قد يصادف عند الحنث حيض المرأة، والطلاق في حال الحيض يسمى طلاقا بِدعيّا، وهو من الطلاقات المنهيّ عنها.
حكم الطلاق المعلق بنوعيه
وقوع الطلاق المعلق
ذهب جمهور الفقهاء، أصحاب المذاهب من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ الطلاق المعلق بنوعيه واقع، وأنَّ الرجل إذا علَّق الطلاق بشيءٍ ما، قصد الطلاق لذاته، أو لمنع فلان أو فلانة، أو لحث على فعل، فإنَّ الطلاق واقع، وهذا مذهب عامّة أهل العلم من الفقهاء أصحاب المذاهب الأربعة وغيرهم.
عدم وقوع الطلاق
ذهب ابن حزم الظاهري لرأيٍ مغاير عن رأي الفقهاء الأربعة، وأفتى بأنَّ الطلاق المعلَّق لا يقع بنوعيه، فلا يقع الطلاق الشرطي ولا الطلاق القسمي، ومن علَّق طلاق زوجته بشيءٍ ما فإنَّ طلاقه غير واقع عليها.
وقوع الطلاق الشرطي دوناً عن القسمي
ذهب بعض الفقهاء على وقوع الطلاق الشرطي فحسب، وبيَّنوا أنَّ الطلاق القَسَمي غير واقع، وهذه المسألة من المسائل التي اجتهد فيها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، فأفتى بعدم وقوع الطلاق القسمي خاصّة، مع القول بوقوع الطلاق الشرطي، وتابعه على ذلك جملة كثيرة من العلماء.
فأخذوا بفتواه، وأفتوا بها، وانتشر هذا القول فيما بعد في الأوساط العلمية، وتبنَّاه ثلة من العلماء، وهو المعمول به في قوانين الأحوال الشخصية في محاكم الدول الإسلامية،وقد احتجّ القائلون بهذا الرأي بأنَّ الرجل المطلق لم يقصد الطلاق، ولم يرده، وإنما أراد المنع عن فعلٍ ما، أو أراد الحثّ على فعل ما.
وهذا النوع من الطلاقات هو أشبه باليمين من الطلاق، وهو يحمل معنى اليمين، فإنَّ الحالف يريد من الحلف المنع عن الفعل، أو الإلزام بالفعل، وهذا المعنى من معاني الحلف والإيمان، وهو داخل فيها، لا داخل في الطلاق.