حكم التورق في الإسلام
حكم التورق عند الفقهاء
التورّق مصطلحٌ تعارف عليه أهل العلم، ويُقصد به شراء السلعة بالتقسيط ثم بيعها لغير البائع بثمنٍ أقل من أجل الحصول على النّقد، وقد ذهب الفقهاء في الحكم على مسألة التورق إلى ثلاثة أقوال، وهي:
- الأول: جواز التورق
وهو ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو قول عند الإمام أحمد، وذهب إليه أبو يوسف، وإياس بن ومعاوية، وأكثر المعاصرين.
- الثاني: كراهة التورق مع جوازه
وهو ما ذهب إليه المالكية، وهو قول عند الحنفية وقول عند الإمام أحمد.
- الثالث: منع التورق
وهو رواية عن الإمام أحمد، وقول عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-، وابن تيمية، وابن القيم، وبعض المعاصرين.
الأدلة على حكم التورق
أدلة من قال بجواز التورق
استدل القائلون بجواز التورق بأدلة عدة، ومنها ما يأتي:
- قوله -تعالى-: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ)، فكلمة البيع تفيد العموم، لذا كان كل بيع مباح إلا ما دل دليل على حرمته.
- قول رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-: (بعِ الجمع بالدَّراهم، ثم ابتع بالدَّراهم جنيبًا)، فعلّمهم النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقة للابتعاد عن الربا ، ودلّ الحديث على جواز عقد بيعين متتاليين.
- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ابتعت بيعًا فلا تبعه حتى تقبضه)، فالحديث لم يدل على تحديد البيع إن كان الأول مؤّجلا والثاني معجّلا.
- استصحاب الإجماع ؛ فقد اتفق الفقهاء على جواز الشراء لأجلٍ، سواء كان الغرض منه التجارة أو الانتفاع أو الاقتناء.
- جواز التورق قياساً على التاجر الذي يشتري السلع بالمؤجل، ويبيعها بالمعجل.
- كوْن الحاجة هي التي دعت إلى بيع التورق.
- التورّق يحقّق مصالح الناس.
أدلة من قال بالجواز مع الكراهة
ذهب أصحاب هذا القول إلى نفس أدلة الفريق الأول في حكم الجواز، أما بالنسبة للكراهة فاستخدام التورق يجعل الناس يتركون القرض ومساعدة الآخرين التي تجلب البر، فالتورق يساعد صاحب الحاجة على قضاء حاجته، ويكون له ربحاً في البيع الثاني، ونتيجة لذلك سيبتعد الناس عن الإقراض والاقتراض.
أدلة القائلين بمنع التورق
استدل القائلون بعدم جواز التورق بأدلة عدة، منها ما يأتي:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات)، والنية من التورق هو بيع مالٍ بمالٍ، وهذا غير جائز.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا تبايعتم بالعِينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سَلَّط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم)، و بيع العينة هي كل معاملة يريد صاحبها الحصول على نقد حال مقابل مال في الذمة أكثر من النقد الحال، وقد سمّى الفقهاء التورّق عينة.
- قَولُ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "سيأتي على الناس زمانٌ عضوضٌ؛ يعضُّ الموسر على ما في يديه ولم يؤمر بذلك، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، ويُبايَع المضطرون، وقد نهى النبيُّ عن بيع المضطر".
- قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "إذا استقمت بنقد فبعت بنقدٍ فلا بأس، وإذا استقمت بنقدٍ فبعت بنسيئة فلا خير فيه، تلك ورق بورق"، ففي صورة بيع التورق يكون المقصود شراء دراهم معجّلة بدراهم مؤجلة.
- التورق مشابهٌ بالربا في بعض المعاني، لذا كان محرّما، فسبب تحريم الربا هو أخذ دراهم بدراهم أكثر، وهذا موجود في التورق.