حكم التبول واقفًا
حكم التبول واقفًا
اتفق أهل العلم من المذاهب الأربعة على جواز أن يتبوّل الإنسان واقفًا إذا كان ذلك لعذر كمرض ونحوه، واختلفوا في حكم التّبول واقفًا لغير عذر على قولين، كالتالي:
القول الأول
كراهة تبول الإنسان واقفًا إذا كان دون عذر معتبر، وهذا مذهب الحنفية والشافعية، وهو قول رواية لأحمد، واستدل أصحاب هذا القول بأدلة عدّة، نذكر منها ما يلي:
- ما روته عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (مَن حدَّثَكُم، أنَّ رَسولَ اللَّهِ: بالَ قائمًا فَلا تصدِّقوهُ؛ ما كانَ يبولُ إلَّا جالِسًا).
- ما رواه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: (عن ابنِ مسعودٍ أنهُ كان يقولُ أربعٌ من الجفاءِ أن يَبُولَ الرجلُ قائمًا وصلاةُ الرجلِ والناسُ يَمُرُّونَ بينَ يدَيهِ وليسَ بينَ يدَيهِ شيٌء يستُرُه ومَسْحُ الرجلِ الترابَ عن وجهِه وهو في صلاتِهِ وأن يَسْمَعَ المؤذِّنَ فلا يُجيبُهُ في قولِه).
ووجه الدلالة من هذه الأحاديث أنّ النّهي الوارد في الأحاديث محمول على الكراهة.
القول الثاني
القول بجواز أن يتبوّل الإنسان واقفًا مطلقًا بشرط أن يأمن أن لا تُصيبه من النجاسة، وأن يأمن عدم نظر النّاس إليه، وهذا هو مذهب مالك والحنابلة، واستدل أصحاب هذا القول بعدّة أدلة، نذكر منها ما يلي:
- أنّ الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل ينص على تحريمه، والأصل أن التبول واقفًا مباح لعدم ورود دليل ينص على التحريم.
- ما رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: (كانَ أبو مُوسَى الأشْعَرِيُّ يُشَدِّدُ في البَوْلِ، ويقولُ: إنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ كانَ إذَا أصَابَ ثَوْبَ أحَدِهِمْ قَرَضَهُ فَقالَ حُذَيْفَةُ: لَيْتَهُ أمْسَكَ؛ أتَى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا)، ووجه الدلالة من الحديث أن التبول واقفًا لو كان مكروها لنهى النّبي عليه السلام عن ذلك.
أحكام أخرى متعلقة بحكم التبول
حكم التّبول في المسجد
اتفق أهل العلم من فقهاء المذاهب الأربعة على حرمة التبول في المسجد، واستدلوا بقصّة الأعرابي الذي بال في المسجد واجتمع عليه الصحابة لينهروه عن فعله إلّا أن النّبي -عليه الصلاة والسلام- تعامل معه بأسلوب بيّن للأعرابي فيه حرمّة بيت الله، فتركه حتى انتهى ثم جاءه ووعظه فنهاه عن فعله، فدّل فعل النّبي -عليه الصلاة والسلام- على حرمة التبول في المسجد محافظة على حرمة بيت الله.
حكم التبول على القبور
اتفق أهل العلم من فقهاء المذاهب الأربعة على حرمة التّبول على القبور؛ احترامًا لحرمة الميّت واستدلوا بما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ)، فما يؤكد حرمة التبول على القبور أنّ النّبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الجلوس على القبور فمن باب أولى أن يحرم التبول عليها كونه أشد انتهاكاً لحرمة الميّت.