حقوق المساجد في الإسلام
حقوق المساجد في الإسلام
تعد المساجد من شعائر الله التي وجب على المسلم أن يعظمها ، فقد قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب)، ويكفي المساجد شرفاً أن أضيفت إلى الله تشريفا وتكريماً لها، قال -تعالى-: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ)،ولا تكتمل الجماعة الإسلامية إلا بوجود المساجد، لذا كان للمساجد حقوقاً على المسلمين، وفيما يأتي بيان ذلك:
عمارتها بما بنيت لأجله
المسجد في اللغة: هو موقع السجود، وهو موضع كثير من العبادات التي بها تُعمر المساجد، فقد كان مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- من نخل وحصى وطين؛ أي من أبسط أنواع البناء، إلا أنه كان عامراً بالدعوة والعبادة، وهي عمارة معنوية، وهي المقصودة بقوله -تعالى-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِين)، وفيما يأتي ذكر لنماذج على كيفية عمارة المسجد:
- عمارة المساجد بصلاة الجماعة
فقد حث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (من غدا إلى المسجد، أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا، كلما غدا، أو راح)، والصلاة أهم ما تُعمر به المساجد.
- عمارة المساجد بالرباط فيها وملازمتها
ويقصد بملازمة المسجد انتظار الصلاة بعد الصلاة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قال: ...كثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط).
- عمارة المسجد بالاجتماع على تلاوة القرآن
وهي من عمارة المساجد التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلون كتابَ اللهِ، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلتْ عليهم السَّكينةُ، وغَشِيَتْهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم اللهُ فيمن عندَه).
- عمارة المساجد بحلقات العلم
لحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة، فمن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيراً أو يعلمه فله أجر حاج تام الحجة).
صونها عما لا يليق بها
من كمال الإسلام أنه يأمر بالشيء وينهى عن ضده، فكما أن الإسلام أمر بعمارة المساجد، نهى أيضاً عما لا يليق بها، وفي الآتي مثال على ذلك:
- نهى عن البيع في المساجد
أو البحث عن الشيء المفقود فيها، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتُم من يبيعَ أو يبتاعُ في المسجدِ فقولوا: لا أربحَ اللهُ تجارتَك، و إذا رأيتُم من ينشُدُ فيه ضالَّةً فقولوا: لا رَدَّ اللهُ عليك ضالَّتَك).
- النهي عن رفع الصوت
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناسُ كلُّكم يُناجي ربّه فلا يجهرْ بعضُكم على بعضٍ بالقراءةِ فتُؤذُوا المؤمنين).
- ألا تستخدم المساجد في أي أمر يخرجها عما بنيت لأجله
وهذا أمر عام، ومن أمثلته أن تصبح ممراً أو مسكناً أو متحفا، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنما بنيت المساجد لما بنيت).
مراعاة آداب دخولها والخروج منها
للمسجد آداب يسن للداخل إليه أو الخارج منه أن يلتزم بها، وفيما يأتي بيانها:
آداب دخول المسجد
- لبس أحسن الثياب
لقوله -تعالى-: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، ويشمل ذلك التطيب.
- الدعاء بالمأثور
وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ)، أو أن يقول: (أعوذُ باللهِ العظيمِ وبوجهِهِ الكريمِ، وسلْطَانِهِ القديمِ منَ الشيطانِ الرجيمِ).
- صلاة ركعتي تحية دخول المسجد
لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ).
- الجلوس حيث انتهى المجلس
وعدم تخطي رقاب الناس، فقد جاءَ رجلٌ يتخطَّى رقابَ النَّاسِ يومَ الجمعةِ، والنَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يخطبُ، فقالَ لَهُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (اجلس فقد آذيتَ).
آداب الخروج من المسجد
- أن يدعو بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (َإِذَا خَرَجَ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
- أن يدعو بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ).
- أن لا يؤذي المصلين بالزحام والتدافع على باب المسجد، خاصة كبار السن والمرضى.
الحفاظ على نظافة المساجد
المساجد أماكن عبادة، وهي أوْلى بقاع الأرض بالنظافة، ومما يدلل على ذلك:
- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نظّف المسجد بيده الشريفة، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: (رَأَى بُصَاقًا في جِدَارِ القِبْلَةِ، أوْ مُخَاطًا، أوْ نُخَامَةً فَحَكَّهُ).
- نهى الإسلام عن أي شيء من شأنه أن يعكر صفو المسجد، أو يؤذي المصلين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أكَلَ مِن هذِه الشَّجَرَةِ، فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنا، ولا يُؤْذِيَنَّا برِيحِ الثُّومِ)، فإذاً الرائحة الخبيثة ممنوعة في المسجد، فما أشد منها فهو أولى بالحرمة والمنع.
التزام الوقار والسكينة فيها
- آداب المسجد تبدأ قبل دخوله
فعلى المسلم أن يتحلى بالسكينة والوقار عند قدومه للمسجد، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فلا تَأْتُوها وأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وأْتُوها وعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وما فاتَكُمْ فأتِمُّوا، فإنَّ أحَدَكُمْ إذا كانَ يَعْمِدُ إلى الصَّلاةِ فَهو في صَلاةٍ).
- أن ينشغل بالعبادة
من قراءة للقرآن، وذكر لله -تعالى-، ويُعرض عن مسائل الدنيا، فالمسجد ليس مكانها.
- أن لا يَمُد قدميه تجاه المصحف، أو تجاه كبار السن، ولا يحجز كرسياً ما دام لا يحتاجه.
ملخص: المسجد بيت الله، ومن شعائر الدين، آدابه تبدأ من قبل الوصول إليه كالاغتسال والتطيُّب، وقد جُعلت تحيّته بصلاة ركعتين فيه، وخُصّص له دعاءٌ عند دخوله وخروجه، وتُضاعف به الأجور والحسنات، لذا لا يُقبل فيه إيذاء بصوت أو رائحة أو حركة، وعمارته المعنوية تكون بالطاعة والعبادات ونشر العلم وقراءة القرآن، وهذا أهم من عمارته المادية بالحجر والطين.